للسنة الخامسة على التوالي، يمر المغرب بموجة جفاف كبيرة، نتيجة شُحّ التساقطات المطرية، خلال السنوات الماضية؛ إذ بلغ العجز السنوي، حسب الأرقام الرسمية، مليار متر مكعب.
وتسبب احتباس الأمطار بتدنٍ كبير في مستوى الأنهار المعروفة، على غرار نهر ملوية (شمال) أحد أكبر أنهار المغرب، الذي بات عاجزاً عن الوصول إلى مصبه للمرة الأولى في تاريخه؛ بسبب الجفاف الشديد وكثرة الاستهلاك.
وحسب الأرقام الرسمية، فقد سجل المغرب من سبتمبر/أيلول 2023 إلى منتصف يناير/كانون الثاني 2024، تسجيل عجز في التساقطات بلغت نسبته 70% مقارنة مع المعدل، فيما بلغت نسبة ملء السدود 23.2% مقابل 31.5% خلال الفترة نفسها من السنة الماضية.
ولم يعش المغرب موجة جفاف كهذه منذ سنة 1981، والتي كانت فيها التساقطات المطرية ضعيفة، أدت إلى شح في المواد الغذائية المعروضة في الأسواق، وهجرة الفلاحين إلى المدينة.
كما أن سنة 1995 كانت أشهر سنة عرف فيها المغرب موسم جفاف؛ ما دفع الملك الراحل الحسن الثاني إلى إلغاء عيد الأضحى، بسبب آثار قلة التساقطات على البلاد.
تدابير استباقية
أعلن المغرب، الإثنين 22 يناير/كانون الثاني 2024، شروعه في إجراءات عاجلة لمواجهة ندرة المياه، وذلك عن طريق تفعيل خريطة الطريق والبرنامج المستعجل لمواجهة إشكالية ندرة المياه.
وقال وزير الماء والتجهيز المغربي، نزار بركة، بمجلس النواب إن الرباط شرعت في تسريع محطات تحلية مياه البحر، واستغلال مياه السدود، سواء في الزراعة أو لتوفير الماء الصالح للشرب، فضلاً عن حفر الآبار.
وأعلن الوزير عن مدن تستفيد من محطات تحلية المياه ابتداء من شهر يناير/كانون الثاني 2023، منها مدينتا آسفي والجديدة، بالإضافة إلى مدينة الدار البيضاء، التي تعتبر أكبر مدن البلاد.
مقابل ذلك، ترأس ملك المغرب محمد السادس الثلاثاء 16 يناير/كانون الثاني 2024 بالقصر الملكي بالعاصمة الرباط جلسة عمل خصصت لمناقشة إشكالية الماء في البلاد.
ودأب المغاربة على إقامة صلاة الاستسقاء كلما ضنّت عليهم السماء بالماء، وفي السنة الماضية، أمر الملك محمد السادس بإقامة صلاة الاستسقاء طلباً للغيث.
توفير ماء الشرب
ومن بين الأزمات التي خلفتها سنوات الجفاف المتتالية في المغرب، أزمة شح المياه الصالحة للشرب؛ وذلك بسبب تراجع منسوب المياه في الأنهار الكبرى التي يعتمد عليها المغرب لتوفير الماء الصالح للشرب.
ومنتصف الشهر الحالي، أعلن المغرب عن مخطط عمل "عاجل" لمواجهة أزمة شح الإمدادات المائية بالمملكة، وضمان توفير المياه الصالحة للشرب، لا سيما في المدن والقرى التي تشهد عجزاً.
جاء ذلك خلال كلمة وزير الماء والتجهيز، نزار بركة، خلال جلسة عمل ترأسها العاهل المغربي محمد السادس، بالقصر الملكي بالرباط، خصصت لإشكالية المياه في المملكة، بحسب بيان للديوان الملكي.
وللعام الخامس على التوالي، يواجه المغرب تهديداً جدياً جراء الجفاف، وسط مخاطر تحدق بالقطاع الزراعي الذي يمثل عصب الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
مقابل ذلك، أعلن وزير الماء والتجهيز المغربي أن التساقطات المطرية الأخيرة مكنت من خفض نسبة العجز المائي التي سبق التصريح بها، وتراجعت من 70% إلى 57%، بالمقارنة مع السنوات العادية، ثم بنسبة 37% مقارنة مع السنة الماضية.
وقال المصدر نفسه إن "هذه الأمطار مَكنت من ارتفاع الواردات المائية المتعلقة بالسدود بـ50 مليون متر مكعب"، ليصبح 646 مليون متر مكعب كواردات إضافية ابتداء من شهر سبتمبر إلى يومنا هذا".
توقيف الزراعات المستنزفة
توقيف الزراعات المستنزفة للشرفة المائية، منها زراعة الأفوكادو المنتشرة في غرب المملكة، وزراعة البطيخ الأحمر في الجنوب الشرقي للبلاد.
وأفاد وزير التجهيز والماء، أن الحكومة المغربية قررت توقيف دعم "الأفوكا"، مع تقليص مناطق زراعة الدلاح، بالإضافة إلى منع زراعة الدلاح في منطقة طاطا، وتخفيض زراعة "الدلاح" بـ75% في زاكورة.
يرى المهندس الزراعي ابراهيم العنبي أن "زراعة الأفوكادو تُدرّ فعلاً العملة الصعبة لخزينة الدولة، غير أن كيلوغراماً واحداً من هذه الفاكهة يستنزف نحو 1200 لتر من الماء.