نشرت صحيفة The Financial Times البريطانية، الأحد 21 يناير/كانون الثاني 2024، تقريراً حول معاناة أهالي غزة في العثور على الطعام، تزامناً مع القصف الإسرائيلي على القطاع، حيث يواجه سكان غزة أعلى مستويات انعدام الأمن الغذائي المُسجَّلة على الإطلاق.
تقرير الصحيفة اعتمد على شهادات فلسطينية، إذ أوضحت الفلسطينية أمل محمد، التي نزحت عائلتها من شمال القطاع المحاصر إلى رفح في الجنوب، حيث يتشاركون خيمة مكتظة مع الأقارب: "نتظاهر أمام الأطفال بأننا لسنا جائعين أو مشغولين للغاية، بحيث لا نستطيع تناول الطعام".
وأضافت أنَّ أسعار المواد الغذائية والحطب للطهي ارتفعت ارتفاعاً كبيراً، وصار تناول اللحوم "حلماً"، وقلَّص الكبار استهلاكهم من الطعام حتى يتمكن الأطفال من الأكل. وأضافت: "جميعنا فقدنا أوزاننا".
وهذه الأسرة هي واحدة من بين أكثر من مليونَي شخص يواجهون نقصاً حاداً في الغذاء، مع دخول الحرب الإسرائيلية على غزة شهرها الرابع.
المجاعة تلوح في الأفق
حذّر مسؤولو الأمم المتحدة من أنَّ المجاعة تلوح في الأفق. وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الأسبوع الماضي: "إنَّ شبح مجاعة طويلة الأمد يطارد سكان غزة، إلى جانب الأمراض وسوء التغذية وغيرها من التهديدات الصحية".
وبحسب الصحيفة البريطانية فقد صار سكان غزة يعتمدون اعتماداً شبه كامل على المساعدات الخارجية التي تدخل القطاع، عبر نقطتي الدخول الوحيدتين: رفح على الحدود مع مصر، وكرم أبو سالم على الحدود الإسرائيلية.
كما أوضح تقرير الصحيفة أن المزارع التجارية في القطاع المحاصر تضررت خلال الحرب، وصارت خارج الخدمة إلى حد كبير، لافتاً إلى أن المساعدات، التي تشمل الدقيق والزيت والأرز والبقوليات والأغذية المعلبة، تسلم بشكل أساسي إلى مستودعات الأمم المتحدة، لتوزيعها على الملاجئ وأماكن أخرى، ويضطر الناس إلى الوقوف في طوابير، أحياناً لساعات، للحصول على الطعام.
من جهته قال سكوت أندرسون، نائب مدير العمليات في غزة في الأونروا (وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين)، إنَّ إسرائيل بدأت السماح ببعض الشحنات التجارية إلى غزة، لكنها ليست كافية.
كارثة متفاقمة
ومع دخول الحد الأدنى من كمية الغذاء المطلوبة إلى القطاع، تحذر وكالات الأمم المتحدة من كارثة متفاقمة. وطالبوا إسرائيل بفتح المزيد من المعابر وتبسيط عملية تفتيش الشاحنات، قائلين إنَّ القصف الإسرائيلي المستمر أعاق توزيع الغذاء.
إلى ذلك، قالت سيندي ماكين، المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، الأسبوع الماضي: "الناس في غزة يواجهون خطر الموت من الجوع على بعد أميال قليلة من الشاحنات المملوءة بالأغذية. يمكننا أن نمنع المجاعة، إذا تمكنا من توفير الإمدادات الكافية والوصول الآمن إلى جميع المحتاجين".
ويواجه الناس أعلى مستويات انعدام الأمن الغذائي المُسجَّلة على الإطلاق. وقال منسق الإغاثة بالأمم المتحدة، مارتن غريفيث، إنَّ المجاعة على الأبواب.
وفي ديسمبر/كانون الأول، اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش الحكومة الإسرائيلية باستخدام التجويع "وسيلةً من وسائل الحرب" في غزة، قائلة إنَّ إسرائيل تمنع عمداً توصيل المياه والغذاء والوقود.
"إلى متى ستصمد أجسادنا؟"
أما مازن حويلة (55 عاماً)، الذي نزح من الشمال مع 20 فرداً من عائلته، ويعيش أيضاً في خيمة في رفح، فيقول باكياً: "لم نعد نستطيع التحمل، لا نأكل سوى الخبز المُغمَّس بالزعتر، إلى متى ستصمد أجسادنا؟".
من جانبهم، أوضح مسؤولون في الأمم المتحدة أنَّ من الصعب الحصول على تصريح من إسرائيل لتوصيل المساعدات إلى الشمال.
وقال فيليب لازاريني، المفوض العام للأونروا، يوم الأربعاء 17 يناير/كانون الثاني: "يقترب العديد من الأشخاص اليائسين الآن من شاحناتنا لأخذ الطعام مباشرة دون انتظار التوزيع. وبحلول الوقت الذي أعطت فيه السلطات الإسرائيلية الضوء الأخضر لقوافلنا للتحرك، كانت الشاحنات فارغة تقريباً".