أثار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، موجة من ردود الفعل الغاضبة لدى الأوساط السياسية في الولايات المتحدة الأمريكية، بعدما جدد رفضه بوضوح لفكرة دولة فلسطينية مستقلة، مشيراً في مؤتمر صحفي، الخميس 18 يناير/كانون الثاني 2024، إلى أنه "يجب قول (لا) لأصدقائنا"، في إشارة لواشنطن.
النائب الديمقراطي عن ولاية كونيتيكت الأمريكية، كريس ميرفي، انتقد معارضة نتنياهو لإنشاء دولة فلسطينية في أي سيناريو بعد الحرب، وقال إن هذه التصريحات "ليست مفيدة" للمفاوضات الجارية بشأن حزمة الأمن القومي التي من شأنها تقديم مساعدات بمليارات الدولارات لإسرائيل.
أضاف مورفي للصحفيين، الخميس: "عندما يقول نتنياهو أشياء من هذا القبيل، فإن ذلك لا يساعد في كسب الأصوات"، لافتاً إلى أن إقرار حزم المساعدات لتل أبيب بحاجة إلى الحصول "على الكثير من أصوات الديمقراطيين لتمرير هذا"، وفق ما نقل موقع "بوليتيكو".
نتنياهو يأخذ أموالنا ولا يسمعنا
بدورها، انتقدت السيناتور الديمقراطية إليزابيث وارين، تصريحات نتنياهو كذلك، وأوضحت أن بلادها تدعم دولتين لشعبين يعيشان بكرامة ويتمتعان بحق تقرير المصير، متسائلة عما إذا كان نتنياهو يعارض ذلك (إقامة دولة فلسطينية)، "فعلينا إذاً أن نتساءل عن دعمنا لحكومة نتنياهو".
يشار إلى أن وارين تعمل في لجنة القوات المسلحة في الكونغرس، ومثلها العديد من النواب، لا سيما الديمقراطيين الذين انتقدوا نتنياهو بسبب تصريحاته الأخيرة، كما ينتقدون مواصلة الاحتلال هجماته العدوانية على قطاع غزة منذ أكثر من 100 يوم دون هوادة.
إلى جانب ذلك، علّق السيناتور، بيتر ويلش، وهو نائب ديمقراطي عن ولاية فيرجينيا، بحدة على نتنياهو، قائلاً: "ما نراه مع نتنياهو هو أنه على استعداد لأخذ أموالنا، ولكنه سيرفض دائماً نصيحتنا"، مضيفاً أن نتنياهو لا يشاركهم قلقهم بشأن "فقدان أرواح الفلسطينيين في غزة".
وقال ولش: "إن نتنياهو يسير في طريقه الخاص"، مضيفاً أن تصريحات نتنياهو يمكن أن "تخلق المزيد من التوتر" عندما يتعلق الأمر بالولايات المتحدة، لافتاً إلى إمكانية وضع شروط جديدة عند تقديم مساعدات إضافية لإسرائيل.
"فزع" نت تعليقات نتنياهو
بدورها، قالت تامي داكويرث، وهي نائبة ديمقراطية من ولاية إلينوي، كما أنها من قدامى المحاربين في حرب العراق وتعمل في لجنة القوات المسلحة، إنها "شعرت بالفزع" من تعليقات نتنياهو، وفق ما نقلت عنها شبكة NBC News الأمريكية.
أضافت داكويرث: "أعتقد أن الطريق نحو السلام في المنطقة هو حل الدولتين"، واعتبرت أن الدولة الفلسطينية "مهمة أيضاً لسلام إسرائيل أيضاً".
في السياق، علق السيناتور الديمقراطي عن هاواي بريان شاتز على تصريحات نتنياهو، بالقول إنه "يجعل الأمور صعبة للغاية بالنسبة لمستقبل إسرائيل، ولآفاق السلام. فهو، في كل فرصة، يجعل الأمور أسوأ".
وأمس الخميس، قال نتنياهو في مؤتمر صحفي إنه أبلغ واشنطن برفضه إقامة دولة فلسطينية لا تضمن أمن إسرائيل.
وقال نتنياهو في تل أبيب: "أوضح أنه في أي ترتيب في المستقبل المنظور، سواء باتفاق أو دون اتفاق، يجب أن تكون لإسرائيل سيطرة أمنية على كامل الأراضي غربي نهر الأردن. إنه شرط أساسي. وهو يتعارض مع مبدأ السيادة، ولكن ماذا بوسعنا أن نفعل؟".
توبيخ أمريكي لإسرائيل
في سياق متصل، أفادت القناة 13 الإسرائيلية، أن مسؤولين في تل أبيب تعرضوا "للتوبيخ" من قبل مسؤولين بارزين في إدارة جو بايدن، وذلك بسبب ارتفاع عدد "الضحايا المدنيين" في قطاع غزة.
وأوضحت القناة أن الإدارة الأمريكية أبلغت المسؤولين الإسرائيليين بأن لديها إحصائيات تشير إلى أن قرابة 150 مدنياً ما زالوا يُقتلون يومياً في غزة.
وأضافت كذلك أن إدارة بايدن أبلغت تل أبيب بأن عدد الضحايا المدنيين الذين وصفتهم "بغير المتورطين" ما زال مرتفعاً، رغم الانتقال المفترض لمرحلة قتال أقل كثافة.
في الوقت ذاته، قال منسق الاتصالات الاستراتيجية في البيت الأبيض جون كيربي إن "عدد الضحايا المدنيين في غزة مرتفع جداً"، مشدداً على أن الإدارة الأمريكية تواصل حثّ الإسرائيليين على ضرورة أن تكون عملياتهم "أكثر حرصاً وأقل ضرراً"، على حد تعبيره.
أضاف المسؤول الأمريكي أن غزة ستبقى فيما بعد الحرب ولن يعاد احتلالها مجدداً، مشيراً إلى أن حل الدولتين ليس في مصلحة الشعب الفلسطيني فحسب، بل أيضاً في مصلحة الشعب الإسرائيلي والمنطقة.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حرباً مدمرة على غزة، خلّفت حتى الخميس "24 ألفاً و620 شهيداً و61 ألفاً و830 مصاباً، وكارثة إنسانية غير مسبوقة"، وتسببت بنزوح أكثر من 85% (نحو 1.9 مليون شخص) من سكان القطاع، بحسب السلطات الفلسطينية والأمم المتحدة.