انتقد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي الأسبق، إيهود باراك، الجمعة 19 يناير/كانون الثاني 2024، سياسات نظيره الحالي بنيامين نتنياهو، محذراً من أن مسار الحرب قد ينذر بـ"غرق إسرائيل في مستنقع غزة"، كما دعا باراك في مقابلة مع صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، إلى ضرورة إجراء انتخابات مبكرة في إسرائيل "قبل فوات الأوان" علماً بأن الانتخابات تجري في العام 2026.
وقال المسؤول السابق لدى الاحتلال، إن الحرب في غزة ستدخل أسبوعها الخامس عشر، "ونرى في إسرائيل اليأس، والشعور بأنه رغم المكاسب التي حققها الجيش الإسرائيلي، فإن حماس لم تُهزَم، وعودة الرهائن آخذة في التراجع".
وأشار إلى أنه "منذ أشهر يمنع نتنياهو مناقشة اليوم التالي لانتهاء الحرب في مجلس الوزراء المصغر، وهو ما اعتبره أمراً غير معقول، محذراً من سياسات نتنياهو.
إذ قال: "لا يستطيع الجيش الإسرائيلي تحسين احتمالات الفوز عندما لا يكون هناك هدف سياسي محدد، وفي غياب هدف واقعي سينتهي بنا الأمر إلى الغرق في مستنقع غزة".
سلوك نتنياهو يجرّ إسرائيل إلى الهاوية
كما أشار إلى مخاطر "القتال في وقت واحد في غزة ولبنان والضفة الغربية، مما يؤدي إلى تآكل الدعم الأمريكي، وتعريض اتفاقات أبراهام واتفاقيات السلام مع مصر والأردن للخطر"، معتبراً أن هذا النوع من السلوك يجرّ أمن إسرائيل إلى الهاوية.
وفي السياق، كشف باراك "تقديم الولايات المتحدة قبل شهرين لإسرائيل مقترحاً يلبي المصالح المشتركة للبلدين"، مبيناً أن هذا العرض "ما زال مطروحاً على الطاولة".
وبيّن أن المقترح الأمريكي نص على أنه "بعد القضاء على قدرات حماس، يتم تشكيل قوة عربية من أعضاء محور الاستقرار الذي سينشأ لإدارة القطاع لفترة محدودة".
وأوضح أنه وفقاً للاقتراح، فإنه "خلال هذه الفترة الانتقالية، ستعود غزة إلى سيطرة السلطة الفلسطينية، وستحظى بالاعتراف الدولي، مع مراعاة الترتيبات الأمنية المقبولة لدى إسرائيل".
كما وصف باراك المخطط الأمريكي بـ"العملي الوحيد"، مضيفاً: "في المقابل، سيتعيّن على إسرائيل أن تشارك في المحادثات المستقبلية نحو حل الدولتين"، معتبراً أن فرص نجاح هذا المقترح ستتضاءل "كلما زاد النظر إلى إسرائيل على أنها متعثرة".
باراك يهاجم نتنياهو ووزراءه المتطرفين
ورأى المسؤول الإسرائيلي السابق أنه بين إسرائيل والحل الممكن (في غزة) يقف نتنياهو نفسه، ومن وصفهم بمبتزيه، في إشارة إلى وزيري الأمن القومي إيتمار بن غفير والمالية بتسلئيل سموتريش.
وأضاف: "هما من يمنعان إسرائيل من التحرك من أجل أمنها بالتنسيق مع الولايات المتحدة، ويجرّونها إلى الهاوية؛ خدمة لمصالحهما الخاصة".
مؤكداً أن نتنياهو يدرك أن السلطة الفلسطينية "المعاد تنشيط عملها (في غزة)" تعني خسارة بن غفير وسموتريش وتسريع نهاية حكومته.
وأضاف: "يجب أن تكون هناك انتخابات مبكرة، وسيحدث هذا عندما يثور غضب عائلات الرهائن، ومجتمعات النازحين، وجنود الاحتياط، والأعداد الكبيرة من الإسرائيليين الذين يتذكرون 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 جيداً".
نتنياهو يُغضب واشنطن
ويأتي هذا في وقت أبلغ فيه نتنياهو واشنطن بمعارضته إقامة دولة فلسطينية "في إطار أي سيناريو لمرحلة ما بعد الحرب على غزة"، بخلاف الرغبة الأمريكية، وإصراره على استمرار الحرب في غزة من أجل تحقيق "انتصار حاسم على حماس".
وكانت الولايات المتحدة دعت الاحتلال إلى تقليص هجومها على غزة، وقالت إن إقامة دولة فلسطينية يجب أن يكون جزءاً من "اليوم التالي" للحرب، وهي الفكرة التي أعلن نتنياهو رفضه الصريح لها، مطالباً بالسيطرة الإسرائيلية "الكاملة" على القطاع.
وتوجّه بشكل مستمر انتقادات عدة إلى نتنياهو بشأن عدم تحقيق أي من أهداف الحرب رغم مرور 105 أيام على اندلاعها، والتي كان في مقدمتها القضاء على حكم "حماس" بغزة.
وكانت وسائل إعلام إسرائيلية تحدثت في الأيام الماضية عن خلافات داخل الحكومة، بشأن سبل إعادة المحتجزين من قطاع غزة، ورفض نتنياهو للمقترحات والصفقات التي تعرض من جهات مختلفة؛ لتمسكه بعدم وقف إطلاق النار في غزة، وهو الشرط الرئيسي لحركة "حماس".
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حرباً مدمرة على غزة، خلّفت حتى الخميس "24 ألفاً و620 شهيداً و61 ألفاً و830 مصاباً وكارثة إنسانية غير مسبوقة"، وتسببت بنزوح أكثر من 85% (نحو 1.9 مليون شخص) من سكان القطاع، بحسب السلطات الفلسطينية والأمم المتحدة.