قالت صحيفة Haaretz الإسرائيلية، إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يفضّل تعريض إسرائيل للخطر على تعريض حكومته للتفكك، بسبب مواصلة انقياده إلى نوازع المنتمين إلى اليمين المتطرف في الحكومة، بشأن ضم الأراضي الفلسطينية وبناء المستوطنات، والتفوق العرقي اليهودي، وتأجيج الحروب.
واعتبرت الصحيفة أن هذا هو التفسير الوحيد لتجاهله المفزع للتحذيرات المتكررة من جيش الاحتلال الإسرائيلي وجهاز الأمن العام "الشاباك" بشأن مغبة اضطراب الأوضاع في الضفة الغربية المحتلة.
يأتي ذلك على الرغم من أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أرسلت إلى الحكومة إنذاراً لا لبس فيه، بأن على إسرائيل أن تفعل شيئاً لتخفيف الظروف الاقتصادية الآخذة في التدهور بسرعة في الضفة الغربية، كما أخبر الأمريكيون الحكومة الإسرائيلية بالرأي نفسه، وفق الصحيفة.
ويقتضي إخماد التوتر أن تسمح الحكومة للعمال الفلسطينيين بدخول إسرائيل، بأعداد قليلة وبإشراف دقيق، حتى وإن كانت الحرب متواصلة، لا سيما أن ذلك لا يختلف عن سماحها الآن لعدد قليل من الفلسطينيين بالعمل تحت الرقابة في المستوطنات.
كما يجب على الحكومة الإسرائيلية كذلك أن تسلم جميع أموال الضرائب المستحقة للسلطة الفلسطينية، من دون حجب المبلغ الذي يُفترض تحويله إلى غزة، وفق المصدر ذاته.
إنذار واضح
واعتبرت الصحيفة أن عمليتَي الدهس والطعن في بلدة رعنانا شمال تل أبيب، اللتين وقعتا الإثنين 15 يناير /كانون الثاني 2024، يجب أن تكونا إنذاراً واضحاً بأن إسرائيل مقبلة على موجة من الهجمات المماثلة إذا استمرت الأمور على هذا النحو.
أضافت أنه لا محل للقول إن وقوع هذا الهجوم يقتضي منع العمال الفلسطينيين من دخول إسرائيل، لأن مرتكبي هذه الأعمال ممنوعون في الأصل من الدخول إلى إسرائيل لأسباب أمنية، ودخلوا إليها بطرق غير قانونية.
ومع أن التصعيد الأمني في الضفة الغربية وفتح جبهة أخرى في الحرب خطران يجب درأهما، فإن الحكومة لا تفعل سوى تأجيج نار الاضطراب بسياسة التضييق الاقتصادي التي تنتهجها، وتصريحاتها المتوالية في الهجوم على السلطة الفلسطينية، والمزاعم الطائشة بأن السلطة الفلسطينية لا تختلف عن حماس، والتصريح لمزيد من المستوطنين بتسليح أنفسهم وطرد مزيدٍ من الفلسطينيين من أراضيهم.
وأردفت: "كل هذا يحدث مع أن السلطة الفلسطينية مستمرة في إجراءات التنسيق الأمني مع إسرائيل، وفي اعتقال نشطاء حماس والجهاد الإسلامي في مختلف أنحاء الضفة الغربية. ورغم أن نتنياهو وحكومته يدركان عواقب وقف التنسيق الأمني، فإنهما يجازفان بتعريض هذا التنسيق لخطر الإيقاف في وقت يقاتل فيه الجيش الإسرائيلي في غزة ويدافع عن الحدود الشمالية مع لبنان".
المستوطنون في الحكومة
وقالت إنه "على الإسرائيليين ألا يسمحوا للمستوطنين المتطرفين في الحكومة بإملاء السياسة التي تنتهجها إسرائيل، وألا يتركوهم يدفعون الضفة الغربية إلى انتفاضة ثالثة. وعلى الحكومة الإسرائيلية أن تضع حداً لإجراءات الخنق الاقتصادي التي تتعرض لها الضفة الغربية، وأن تكبح جماح المستوطنين، وأن تحافظ على التعاون مع السلطة الفلسطينية".
في سياق الحديث عن الحرب في غزة، قال وزير دفاع جيش الاحتلال الإسرائيلي يوآف غالانت، هذا الأسبوع، إن "إنهاء العملية العسكرية يجب أن يرتكز على السياسة. فتدابير السياسة هي التي توجه العمل العسكري، والتردد السياسي ربما يضرُّ بتقدم العمل العسكري"، وهذه التصريحات تنطبق على الضفة الغربية كذلك.
وختمت الصحيفة بالقول: "على إسرائيل أن تقرر ما تنوي فعله في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وجديرٌ بالذكر أن تحسين الظروف الاقتصادية والإفراج عن الأموال للسلطة الفلسطينية لن يكونا كافيين للحدِّ من هجمات الفلسطينيين عما قريب، بل يتعين على إسرائيل أن تقرَّ بالحقيقة: وهي أنه لا مفر من الحل الدبلوماسي. وهذا الأمر يقتضي أن تتخلص إسرائيل من نتنياهو، الذي لطالما فشل في هذا المسار أيضاً".