يزيد الطقس الشتوي القاسي من صعوبة الحياة على مئات الآلاف من النازحين في غزة، الذين فرّ أكثرهم من منزله قبل أشهر دون ملابس دافئة أو بطانيات؛ بسبب قصف الاحتلال الإسرائيلي العنيف الذي أوقع أكثر من 23 ألف شهيد، أغلبهم من النساء والأطفال.
إذ لم يتمكن البعض من حمل الكثير من الأمتعة، بينما لم يتصور البعض الآخر أن عليه الاستعداد لأشهر من الحرب التي ستمتد لأكثر شهور العام برودة.
محمد شعبان، طبيب المستشفى المؤقت الذي أُقيم داخل مدرسة، تحولت إلى مأوى للاجئين، قال لصحيفة The Guardian البريطانية: "أرى الكثير من الناس ينامون على الأرض دون مرتبة أو بطانية". ويستوعب عدد صغير من الفصول الدراسية مرضاه، البالغ عددهم 60 مريضاً، بينما تستقبل بقية الفصول نحو 1,700 لاجئ.
وأضاف شعبان: "المكان بارد ومزدحم؛ حيث يقيم 50 شخصاً في الغرفة الواحدة، مما يسهّل انتشار الأمراض. وكانت لدينا الكثير من حالات الإنفلونزا ونزلات البرد في الأسبوع الماضي نتيجة الطقس السيئ".
وتضيف الصحيفة البريطانية أنه حتى الأشخاص الذين لا يزال لديهم المال يعانون من أجل العثور على ملابس شتوية وبطانيات في الأسواق التي لا تزال مفتوحة، بحسب هبة صالح، التي فرت مع عائلتها من شمال غزة، وهي أم لأربعة أطفال تتراوح أعمارهم بين عام واحد و11 عاماً.
نفدت أرفف المتاجر، وترك الناس الملابس المستعملة المتناقلة خلفهم، أو دمّرها القصف، بينما تركز جماعات الإغاثة على توفير الطعام والدواء والماء، وأردفت هبة خلال مقابلة هاتفية: "الوضع في الأسواق سيئ جداً، ليس هناك ما يلبي احتياجات الناس من ملابس شتوية أو بطانيات، والمساعدات الخارجية محدودة للغاية. لم تكن الحروب السابقة في غزة قاسية بشدة كهذه الحرب".
سكان غزة يعيشون في العراء
فيما تكدست المنازل والمدارس باللاجئين، ولهذا يعيش الوافدون الجدد في العراء تقريباً. حيث قالت هبة إن هناك مدينة خيام ظهرت بجوار الغرف التي استأجرتها عائلتها قبل بضعة أسابيع، داخل مكان لا يحتوي على ماء أو صرف صحي أو أي خدمات.
وأردفت متحدثةً عن الغرف الثلاث التي تتقاسمها عائلتها مع عائلتين أخريين: "لقد كنا محظوظين؛ لأننا عثرنا على مكان. يعيش الجميع في الخيام، ولا يهم ما إذا كنت ثرياً أو فقيراً، فالمال لا يسهّل الحياة في غزة".
لم يحصل على خيام جماعات الإغاثة سوى عدد قليل من النازحين، بينما يظل أغلبهم عرضةً للعوامل الجوية داخل الملاجئ المؤقتة المصنوعة من الخشب أو القماش أو المواد المستخرجة من الركام.
ليو كانز، رئيس بعثة "أطباء بلا حدود" في فلسطين قال: "لقد دمرت الرياح القوية الخيام مساء أمس. وتنخفض درجات الحرارة إلى نحو 9 أو 10 درجات مئوية في المساء، والوضع مزرٍ على نحوٍ خاص بالنسبة لمن يعيشون في الخيام".
ثم أردف: "يحرق الناس منصات الخشب في الشوارع للتدفئة. ولم يجلب الغالبية أي شيء معهم عندما غادروا منازلهم. وهناك نقص في الطعام والماء، وكذلك الملابس الدافئة والسترات والبطانيات وحتى المراتب اللازمة للنوم".
ومن المتوقع أن تستمر الأمطار التي بدأت الجمعة، 12 يناير/كانون الثاني، في الهطول على مدار الأسبوع المقبل لتزيد من بؤس النازحين. إذ غمرت المياه أرض المدرسة التي يعمل شعبان طبيباً فيها، كما أن غياب الصرف الصحي يهدد الأعداد الضخمة من الموجودين هناك بخطر تلوث الصرف الصحي.
ويعاني العديد من الأطفال من التهاب حاد في المعدة والأمعاء بالفعل، الأمر الذي يزداد سوءاً بسبب نقص المياه بحسب شعبان. حيث تحصل العائلات المكونة من 20 شخصاً على نحو 5 لترات فقط من الماء في اليوم.
علاوةً على أن اللاجئين في الخيام اضطروا في كثيرٍ من الأحيان لنصب خيامهم على الأراضي المنخفضة المعرّضة للفيضانات في غزة. وحتى أولئك الذين يمتلكون ملجأ أفضل مثل هبة، يقولون إنهم لا يستطيعون تدفئة غرفهم.
ووسط هذه المعاناة يواصل الاحتلال الإسرائيلي قصف مناطق متفرقة في غزة، إذ أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية بغزة، السبت 13 يناير/كانون الثاني 2024، ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على القطاع، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إلى 23 ألفاً و835 شهيداً، و60 ألفاً و317 مصاباً.