عاد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الخميس 4 يناير/كانون الثاني 2024، إلى الشرق الأوسط؛ ليواصل الجهود الدبلوماسية المكثفة التي تبذلها إدارة الرئيس جو بايدن بشأن الحرب الممتدة منذ ثلاثة أشهر على قطاع غزة، وذلك وسط مخاوف متزايدة من اتساع نطاق الصراع بالمنطقة بعد اغتيال الاحتلال للقيادي في حماس، صالح العاروري ببيروت، الثلاثاء.
ستشمل زيارة بلينكن التي تمتد أسبوعاً، إسرائيل والضفة الغربية، إضافة إلى الأردن وقطر والإمارات والسعودية ومصر. وسيمر أيضاً بتركيا واليونان. وهذه الزيارة هي الرابعة التي يجريها بلينكن إلى المنطقة منذ هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
من جانبه، ذكر ماثيو ميلر المتحدث باسم وزارة الخارجية، للصحفيين، أن بلينكن سيكرر دعوته إلى إدخال مزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة، في الوقت الذي يحاول فيه إحراز تقدم حول الموضوع الحساس المتعلق بطريقة إدارة قطاع غزة بعد الحرب.
ويقوم بلينكن بالزيارة بينما تشغل المخاوف من تصعيد إقليمي بؤرة الاهتمام. وبعد استشهاد صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي في حماس، الثلاثاء، بهجوم بطائرة مسيرة في العاصمة اللبنانية بيروت، قال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، إن مقتله "جريمة كبيرة وخطيرة ولا يمكن السكوت عنها".
فيما قال مسؤول أمريكي لـ"رويترز"، إن الجيش الأمريكي نفذ الخميس، ضربة انتقامية في بغداد أسفرت عن مقتل زعيم فصيل مسلح متحالف مع إيران تنحي عليه واشنطن باللائمة في هجمات استهدفت جنوداً أمريكيين في الآونة الأخيرة.
وامتد الصراع أيضاً إلى ممرات الشحن الحيوية في البحر الأحمر، إذ أطلقت جماعة الحوثي اليمنية المتحالفة مع إيران طائرات مسيرة وصواريخ على أكثر من 20 سفينة منذ 19 نوفمبر/تشرين الثاني. ويسيطر الحوثيون على مناطق كبيرة في اليمن.
وذكر بلينكن: "ليس في مصلحة أحد، لا إسرائيل ولا المنطقة ولا العالم، أن يتسع نطاق هذا الصراع إلى خارج غزة".
وتأتي زيارة تركيا واليونان، الشريكتين في حلف شمال الأطلسي على جدول أعمال بلينكن أيضاً. ومن المتوقع أن تصادق تركيا قريباً على طلب انضمام السويد إلى الحلف، لكن نقاشاتها المستفيضة أغضبت حلفاء أنقرة الغربيين، ومنهم المشرعون الأمريكيون الذين أجّلوا بيع طائرات إف-16 المقاتلة لأنقرة حتى توافق على انضمام ستوكهولم إلى الحلف.
مستقبل غزة
من المتوقع أن يكرر بلينكن مناشدات الولايات المتحدة لقادة إسرائيل تقليل أثر عمليتها في غزة على المدنيين، وهي عملية نجم عنها ما تصفه وكالات الإغاثة بأنه أزمة إنسانية وتهدد بتأليب الرأي العام ضد إسرائيل.
وأوقفت إسرائيل دخول واردات الأغذية والأدوية والكهرباء والوقود إلى غزة منذ بدء الحرب، وتحذّر وكالات إغاثة من أن سكان القطاع يواجهون خطر مجاعة حتى مع تخفيف الحصار جزئياً استجابة لمطالبات من واشنطن.
وقال ميلر، إنه ينبغي مناقشة نموذج إدارة من شأنه توحيد الضفة الغربية وقطاع غزة تحت إدارة واحدة في المستقبل.
وامتنع ميلر عن تقديم مزيد من التفاصيل حول هذا المقترح، مكتفياً بالقول: "يجب إجراء المناقشات حول هذا الأمر في اجتماعات دبلوماسية خاصة".
وعارضت دول الجوار العربية ذلك الأمر، وأصرت على أن ضمان وقف إطلاق النار ينبغي أن يكون الأولوية.
ويدعم مسؤولون أمريكيون إسرائيل في نفيها اتهامات من جنوب أفريقيا، قدمتها إلى المحكمة الجنائية الدولية، ضد إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية، ويحثون في الوقت نفسه إسرائيل على بذل المزيد لحماية المدنيين.
وانتقدت واشنطن، هذا الأسبوع، وزيرين إسرائيليين؛ لتأييدهما تهجير الفلسطينيين خارج غزة، قائلة إن إسرائيل أكدت لمسؤولين أمريكيين أن البيانات لا تعكس سياستها.
وأقر ميلر بالتحديات التي تواجه بلينكن. وقال: "لا نتوقع أن تكون كل محادثة في هذه الزيارة سهلة".
وفجر السابع من أكتوبر/تشرين أول الماضي، أطلقت حركة "حماس" وفصائل فلسطينية أخرى في غزة عملية "طوفان الأقصى"، رداً على "اعتداءات القوات والمستوطنين الإسرائيليين المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني وممتلكاته ومقدساته، لا سيما المسجد الأقصى في القدس الشرقية المحتلة".
ورداً على ذلك، شن الجيش الإسرائيلي حرباً مدمرة على غزة، خلّفت حتى الخميس "22 ألفاً و438 شهيداً و57 ألفاً و614 مصاباً معظمهم أطفال ونساء، ودماراً هائلاً في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة"، وفقاً لسلطات القطاع والأمم المتحدة.