أرجأت المحكمة العليا الإسرائيلية، مساء الأربعاء 3 يناير/كانون الثاني 2024، تطبيق قانون سنَّه الكنيست (البرلمان)، ضمن حزمة تشريعات من خطة "الإصلاح القضائي" المثيرة للجدل، يحد من إمكانية عزل رئيس الوزراء.
وقالت قناة "كان" التابعة لهيئة البث الإسرائيلي الرسمية: "قضت المحكمة العليا (أعلى سلطة قضائية)، بأغلبية 6 قضاة من أصل 11، بتأجيل تعديل قانون أساس (بمثابة دستور)، المتعلق بترتيب تحصينات رئيس الوزراء".
وقضت المحكمة، في حكمها الذي جاء بعد التماس تقدمت به "حركة جودة الحكم" (حقوقية)، بإرجاء تطبيق القانون المسمى "قانون التعذر"، ليدخل حيز التنفيذ مع ولاية الكنيست القادم، لكونه "تعديلاً شخصياً بامتياز، يشكل إساءة للسلطة التأسيسية للكنيست".
وصدّق الكنيست، في 23 مارس/آذار 2023، على هذا القانون الذي يحد من إمكانية عزل رئيس الوزراء، ويتولى المنصب حالياً بنيامين نتنياهو.
وينص القانون على أن رئيس الوزراء نفسه أو مجلس الوزراء فقط، بأغلبية الثلثين، يمكنهما الإعلان أن رئيس الحكومة "غير لائق لأداء مهامه، بسبب عجزه البدني أو العقلي"، وبعدها يجب أن "يتم التصديق على تصويت مجلس الوزراء بأغلبية عظمى في الكنيست".
ويمنع القانون المحكمة العليا من النظر في "طلب إعلان عدم قدرة رئيس الوزراء على القيام بمهام منصبه".
وترى المعارضة أن القانون يوفر الحماية لنتنياهو، الذي تنظر المحكمة المركزية في اتهامات بحقه، تشمل "الرشوة وإساءة الأمانة والاحتيال"، بينما ينفي هو صحتها.
من جانبه، قال وزير العلوم والتكنولوجيا، أوفير أكونيس، من حزب "الليكود" بقيادة نتنياهو، رداً على نشر الحكم: "من المؤسف للغاية أن يتصرف قضاة المحكمة العليا بهذه الطريقة في هذا الوقت، بينما تقاتل قواتنا في جميع الجبهات، وتنحي جانباً كل اعتبار وكل خلاف أثناء الحرب".
في المقابل، قال الرئيس السابق للجنة القانون والدستور والقضاء بالكنيست، النائب جلعاد كاريب، من حزب العمل (معارض)، إن "ائتلاف نتنياهو جر دولة إسرائيل إلى أزمة دستورية غير مسبوقة، ويرجع ذلك جزئياً إلى الاعتبارات الشخصية لرئيس الوزراء"، وفق قناة "كان".
وأضاف: "في مواجهة التدابير غير المسبوقة التي اتخذها الائتلاف، والتي قوضت المبادئ الديمقراطية الأساسية، طولبت المحكمة العليا أيضاً بإصدار أحكام غير مسبوقة من أجل حماية الديمقراطية".
إلغاء قانون المعقولية
ويُنظر إلى القرار الجديد للمحكمة، على أنه ضربة قضائية ثانية لنتنياهو وخطة "الإصلاح القضائي"، خلال 48 ساعة.
والإثنين، ألغت المحكمة العليا الإسرائيلية قانون "الحد من المعقولية" الذي طالما دافع عنه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ضمن حزمة قوانين "الإصلاح القضائي" التي أثارت الجدل عندما دفعت بها الحكومة الحالية قبل الحرب على غزة.
وقانون "الحد من المعقولية" يمكن أن يمنع المحاكم الإسرائيلية، وضمنها المحكمة العليا، من تطبيق ما يعرف باسم "معيار المعقولية" على القرارات التي يتخذها المسؤولون المنتخَبون، وضمنهم رئيس الوزراء.
وهذا القانون واحد من 8 مشاريع قوانين "الإصلاح القضائي" التي قدمتها حكومة نتنياهو، في أعقاب تشكيلها في 29 ديسمبر/كانون الأول 2022، ومن شأنها الحد من سلطات المحكمة العليا، وأخرجت عشرات الآلاف من الإسرائيليين للتظاهر، معتبرين أنها "انقلاب سلطوي" يمثل نهاية للديمقراطية، فيما تقول الحكومة إنها تهدف إلى استعادة توازن مفقود منذ سنوات، بين السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية.