بتاريخ 9 أغسطس/آب 2023، نشرت مجلة جون أفريك الناطقة بالفرنسية والمتخصصة في الشأن الأفريقي مقالاً عن شخصية "إسكوبار الصحراء"، الملياردير المالي الذي أصبح اسمه أشهر من نار على علم في عالم تجارة المخدرات في أفريقيا.
"إسكوبار الصحراء"، "إسكوبار إفريقيا"، "الحاج إبراهيم"، "المالي"، هذه هي الألقاب التي أُطلقت على واحد من أكبر بارونات المخدرات في أفريقيا، الذي أطاح بشخصيات سياسية كبيرة في المغرب في ليلة واحدة.
من هو إسكوبار الصحراء؟
يُعتبر "إسكوبار الصحراء" أقوى بارون مخدرات في القارة الأفريقية، حسب التهم الموجهة له، واسمه الحقيقي الحاج أحمد بن إبراهيم، وهو من أب مالي وأم مغربية من مدينة وجدة شرقي المملكة.
عاش إسكوبار الصحراء حياة عادية، قبل أن يتغير كل شيء يوم التقى بمواطن فرنسي تائه وساعده في الخروج من صحراء مالي الشاسعة، فكانت الهدية سيارة فاخرة، أعاد المالي بيعها وأرسل ثمنها إلى صديقه الفرنسي.
أمانة المالي أثارت انتباه الرجل الفرنسي، فقرر أن يُشركه في تجارة السيارات في أفريقيا، خصوصاً أن الرجل لمس فيه الأمانة والثقة، وبدأ العمل في تصدير واستيراد السيارات بين أوروبا وأفريقيا.
لم يتوقف طموح المالي في تجارة السيارات التي بدأت تُدر عليه أموالاً طائلة، بل وصل الأمر إلى تجارة الذهب في منطقة الساحل والصحراء، الأمر الذي مكّنه من سلك طُرق الصحراء الوعرة، والتعرف على جميع مسالكها.
خبرة المالي في جغرافيا أفريقيا سهلت له تنفيذ حلمه في تحقيق الغنى والثراء الفاحش، فالتجأ إلى تجارة الكوكايين، الذي يستورده من أمريكا اللاتينية باتجاه دول أفريقيا جنوب الصحراء، ودول شمال القارة.
ما علاقة إسكوبار الصحراء بالمغرب؟
لم يكتفِ المالي بتهريب الكوكايين من قارة إلى قارة، ففي سنة 2010 قاده الطموح إلى مدن شمال المغرب المعروفة بإنتاج كميات كبيرة من مخدر الشيرا سنوياً بطريقة أعلن المغرب عن تقنينها.
وحسب جريدة "جون أفريك" تعرف المالي على أسماء سياسية في المغرب، منها عبد النبي العبيوي، الذي يترأس جهة وجدة، وسعيد الناصيري، أحد البرلمانيين المغاربة، ورئيس نادي الوداد الرياضي العريق.
كان غرض المالي من أصدقائه المغاربة الجدد تسهيل عملية نقل مخدر الشيرا المستخرج من نبتة القنب الهندي من شمال المملكة إلى دول جنوب الصحراء، وذلك بتواطؤ مسؤولين آخرين مغاربة يسروا المهمة.
استمرت عملية التعاون بين المالي وشركائه المغاربة في تهريب المخدرات، ولأن لكل بداية نهاية، تم اعتقال المالي في موريتانيا سنة 2015 حيث كان مطلوباً لدى الإنتربول، وتم إطلاق سراحه سنة 2019 بعد دفعه أموالاً طائلة لمسؤولين موريتانيين، حسب جون أفريك.
بعد خروجه من السجن قرر المالي السفر لأصدقائه في المغرب، عبد النبي البعيوي، وسعيد الناصيري ليستعيد قصراً فخماً استولى عليه الناصيري، وشقة وضع البعيوي يده عليها، لكن شرطة المطار اعتقلت المالي قبل أن يضع قدمه في المغرب.
بعد التحقيق معه اكتشف المالي أن اسمه مبحوث عنه بتهمة تهريب شحنة من القنب الهندي تم ضبطها في مدينة الجديدة غربي المغرب، حينها اكتشف بارون المخدرات الشهير أنه وقع في فخ المسؤولين المغربيين، اللذين تنصلا من كل مسؤولية، وأدين هو بالتهمة لوحده.
زلزال اعتقالات في المغرب
بعدما تأكد الحاج المالي أنه وقع ضحية فخ من عبد النبي بعيوي وسعيد الناصيري قرر الاعتراف بكل المسؤولين المغاربة الذين شاركوه عمليات تهريب القنب الهندي من شمال المملكة إلى دول جنوب الصحراء.
واعترف المالي على البعيوي والناصيري، وهما من الأسماء السياسية الكبيرة في المغرب، ينتميان إلى حزب الأصالة والمعاصرة المشارك في الائتلاف الحكومي، كما أنهما يشغلان كرسيين في الغرفة الأولى من البرلمان.
وصبيحة الجمعة 21 ديسمبر/كانون الأول 2023 قرر قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف في الدار البيضاء، إيداع كل من رئيس نادي الوداد المغربي، سعيد الناصيري، وعبد النبي بعيوي رئيس الجهة الشرقية للمغرب في حالة اعتقال.
وليس الناصيري وبعيوي فقط هما المتابعين في ملف "إسكوبار الصحراء"؛ فهناك 24 متهماً آخرين تم إيداعهم السجن المحلي عكاشة، ووجهت لهم تهم خطيرة، منها الاتجار بالمخدرات والتوزير.