أفادت صحيفة واشنطن بوست في تحقيق، السبت 23 ديسمبر/كانون الأول 2023، بأن الأضرار التي لحقت بغزة خلال 77 يوماً، فاقت كل الصراعات والحروب التي جرت في القرن الحادي والعشرين، مشيرة إلى أن أضرار العدوان الإسرائيلي على القطاع تفوق ما دمره النظام السوري خلال 3 أعوام في مدينة حلب أو التحالف الدولي خلال 9 أشهر في الموصل العراقية.
تحقيق الصحيفة أشار إلى أن الدمار الذي لحق بالقطاع وبالسرعة التي حصل بها، يتجاوز أي حرب وقعت في المنطقة، وهو يتجاوز ما تم تدميره في معارك النظام السوري بحلب خلال الأعوام 2013 وحتى 2016، أو حتى الحملة التي قادتها الولايات المتحدة لهزيمة تنظيم داعش في العراق وسوريا في 2017.
الصحيفة الأمريكية اعتمدت في تحقيقها على مقارنات بتحليل صور الأقمار الصناعية، وبيانات الغارات الجوية وتقييمات الأمم المتحدة، مع إجراء مقابلات مع أكثر من 20 شخصاً يعملون في الإغاثة والرعاية الصحية وخبراء في الذخائر والحرب.
وكشف التحقيق أن جيش الاحتلال "شن غارات جوية متكررة واسعة النطاق قرب مستشفيات يفترض أنها محمية بموجب قوانين الحرب"، حيث تظهر صور الدمار ومكان الضربات الجوية أنها كانت قريبة من 17 مستشفى على الأقل من بين 28 مستشفى بشمال غزة، وفي بعض الحالات استخدمت إسرائيل قنابل وزنها يزيد على ألفي رطل، أي نحو طن.
تدمير آلاف المباني
وعلى صعيد المباني خلال الفترة الممتدة ما بين 7 أكتوبر/تشرين الأول وحتى 26 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تضرر أكثر من قرابة 38 ألف مبنى في غزة، نحو 30 ألفاً منها بشمال القطاع وحده.
وفي مقارنة الأضرار التي لحقت بغزة حتى أواخر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي مع الأضرار التي لحقت بحلب التي شن النظام السوري هجمات ضارية عليها خلال 2013 حتى 2016، كان حجم الدمار متقارباً رغم عدم مرور سوى 7 أسابيع على الحرب في غزة.
وتظهر الأرقام أن عدد المباني التي دمرت في غزة خلال 7 أسابيع، كان ضعف عدد المباني التي دمرت حلب خلال ثلاث سنوات.
أما بالمقارنة مع مدينة الموصل في العراق والتي تبلغ مساحتها ضعف ونصف مساحة شمال غزة، والتي شهدت هجوماً أواخر عام 2016، دام نحو 9 أشهر، إثر استهداف تنظيم داعش، دمرت أيضاً ضعف عدد المباني غزة في أسابيع مقارنة مع ما تم في الموصل خلال أشهر.
وفي مدينة الرقة السورية، حيث تمت ملاحقة تنظيم داعش، في عام 2017، والتي دامت 8 أشهر، كان عدد المباني التي دمرت في غزة أكثر بضعفين ونصف في أسابيع مما شهدته الرقة.
وعلى مدار أكثر من شهرين، أطلقت القوات الجوية الإسرائيلية أكثر من 29 ألف ذخيرة جو-أرض، نحو 45% منها لم تكن موجهة، بحسب تقييم صادر من مكتب مدير الاستخبارات الأمريكي، ما يكشف عن معدل قصف أعلى بنحو بضعفين ونصف عن ذروة الضربات التي شنها التحالف الدولي الذي قادته واشنطن لهزيمة تنظيم داعش، بحسب بيانات "أير وارز".
إحدى السمات المميزة للحملات الإسرائيلية الجوية الأكثر عشوائية، كانت قصف المستشفيات التي لا يمكن مهاجمتها بموجب قوانين الحرب، ولم يخف الجيش الإسرائيلي وجهة نظره بأن مستشفيات غزة كانت أهدافاً عسكرية بذريعة وجود مراكز تحكُّم تابعة لـ"حماس" أو وجود أنفاق.
استهداف المستشفيات
كما أظهر تحليل البيانات أن القصف الإسرائيلي ألحق الأضرار بالمباني على مسافة 180 متراً من جميع مستشفيات شمال غزة البالغ عددها 28 مستشفى، حيث أظهرت دلائل مرئية أن القوات الإسرائيلية أطلقت النار على مستشفيات وقصفتها وحاصرتها وداهمتها، بحسب الصحيفة.
وكانت دراسة إسرائيلية نشرتها صحيفة هآرتس، قد كشفت أن "حملة القصف الجوي التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة هي الأكثر عشوائية من حيث سقوط ضحايا مدنيين في السنوات الأخيرة".
أعلى معدل للضحايا في القرن الـ21
المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية الأسبق، مايكل لينك، قال إن "حجم القتلى المدنيين الفلسطينيين في مثل هذه الفترة القصيرة من الزمن، هو أعلى معدل للضحايا المدنيين في القرن الحادي والعشرين".
وأشارت الدراسة إلى أن "نسبة الوفيات بين المدنيين في غزة أعلى مما كانت عليه بجميع الصراعات التي حدثت في القرن العشرين"، بحسب تقرير لصحيفة الغارديان.
وأجرى الدراسة أستاذ علم الاجتماع، ياجيل ليفي، الذي وجد أن نسبة الوفيات بين المدنيين في الغارات السابقة التي كانت تشنها إسرائيل خلال الفترة من 2012 وحتى 2022 لم تتجاوز 40%، وانخفضت إلى ما نسبته 33% من حملات القصف التي جرت سابقاً خلال العام الحالي.
ووصف ليفي عمليات القتل التي طالت المدنيين في غزة بأنها "غير مسبوقة"، حيث ارتفعت نسبة الضحايا المدنيين فيها إلى 61%، وهي أعلى بكثير من متوسط عدد القتلى في جميع الصراعات التي جرت حول العالم، والتي كان المدنيون يمثلون فيها نصف القتلى.