تسببت هجمات الحوثيين على السفن التجارية، أثناء إبحارها في البحر الأحمر، في ارتفاع أسهم شركات الشحن التي تنقل مختلف السلع والبضائع، فضلاً عن شركات السفن الناقلة للنفط، وفق ما أفادت به وكالة Bloomberg الأمريكية، الخميس 21 ديسمبر/كانون الأول 2023.
حيث أسفر تصاعد هجمات الحوثيين عن زيادة القيمة السوقية الإجمالية لشركات الشحن الكبرى المطروحة أسهمها للتداول العام في العالم، بنحو 22 مليار دولار منذ 12 ديسمبر/كانون الأول.
زيادة تكاليف التأمين
وترجع هذه الزيادة إلى أن شركات شحن كثيرة قررت تجنب منطقة الصراع، لتزايد تكاليف تأمين السفن فيها، فيما انصرفت سفن هذه الشركات عن استخدام قناة السويس المصرية التي تختصر الطريق بين آسيا وأوروبا، وباتت مضطرة إلى الإبحار آلاف الكيلومترات حول قارة أفريقيا لتوصيل شحناتها.
وتقتضي هذه المسافات الكبيرة تشغيل الأساطيل البحرية مدة أطول، وقطع إمدادات السفن، وتأخير وصولها إلى وجهتها عن الموعد المتوقع، ثم تأخير عودتها لتحميل شحناتها التالية، وهذا التأخير يزيد من تهالك الشحنات المنقولة على السفن.
حيث أعلنت شركة "كونا آند ناجل" Kuehne+Nagel، عملاق الخدمات اللوجستية السويسرية، الأربعاء 20 ديسمبر/كانون الأول، أن 103 سفن حاويات غيَّرت مسارها إلى الطريق الذي يمر حول أفريقيا، وتوقعت إقبال المزيد من السفن على هذه الخطوة.
فيما قالت الشركة السويسرية إن بعض شركات النفط تمسكت بخيارات التأمين الواردة في عقودها، وأعلنت تجنبها مسار البحر الأحمر، ومنها شركة "بريتش بتروليوم" البريطانية وشركة "إكوينور" النرويجية.
ارتفاع القيمة السوقية
على أثر ذلك، ارتفعت القيمة السوقية المجمعة للشركات على مؤشر Solactive Global Shipping من 166.2 مليار دولار، في 12 ديسمبر/كانون الأول، إلى ما يقرب من 190 مليار دولار، الأربعاء 20 ديسمبر/كانون الأول.
لا يقتصر الأمر على الشركات التي تتداول أسهمها علناً، فمئات من شركات الشحن الخاصة ستستفيد كذلك إذا أدَّت الاضطرابات في البحر الأحمر إلى ارتفاع تكاليف الشحن.
من جهة أخرى، قالت صحيفة The Guardian البريطانية إن طريق "رأس الرجاء الصالح" الذي ستتخذه السفن بديلاً عن طريق قناة السويس يُطيل الرحلة من آسيا إلى أوروبا نحو 9656 كيلومتراً، ويزيد الوقت المتوقع لتسليم البضائع المشحونة 3 أو 4 أسابيع.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن نحو 19 ألف سفينة تبحر في قناة السويس كل عام، ما يجعل القناة إحدى الطرق الرئيسية للتجارة في العالم، وخاصة لتجارة الوقود الأحفوري والبضائع التي تنتقل بين آسيا وأوروبا.
بدورها، قالت شركة "كونا أند ناجل" إن السفن التي غيَّرت مسارها حتى الآن تبلغ قدرتها الاستيعابية نحو 1.3 مليون حاوية من الحاويات التي يبلغ طولها 6 أمتار.
اضطراب أسعار النفط
ولفتت الصحيفة إلى أن اضطراب أسعار النفط أدى إلى زيادة أسعار العقود الآجلة لخام برنت بنسبة 1.2%، أمس الأربعاء، إذ ارتفعت إلى ما فوق 80 دولاراً، بعد أن كانت انخفضت إلى أقل من 74 دولاراً في الأسبوع السابق، مشيرة إلى أن هذا الارتفاع يمكن أن يفضي إلى زيادة رسوم استهلاك الطاقة، ومن ثم زيادة التضخم.
وقال مايكل ألدويل، عضو مجلس إدارة شركة "كونا أند ناجل" للخدمات اللوجستية البحرية: "من المتوقع أن تستوعب هذه الزيادة في طول الرحلات البحرية 20% من الأسطول العالمي، ومن ثم تؤدي إلى تقليل الموارد المتوافرة للشحن. علاوة على ذلك، من المرجح أن تعترضنا صعوبات بسبب التأخر في إعادة الحاويات الفارغة، وهو ما يعني مزيداً من التداعيات على الثقة العامة باستقرار سلاسل التوريد".
وتراقب الشركات في جميع أنحاء العالم، ومنها الشركات الكبرى لصناعة السيارات، هذه الأمور لمعرفة تأثير ما يحدث على سلاسل توريدها.
في المقابل، لا يُتوقع أن يؤثر هذا الاضطراب على صناعات البيع بالتجزئة في عطلة عيد الميلاد هذا العام، لأن المخزونات شُحنت قبل أسابيع أو حتى أشهر، ما يعني أن المنتجات موجودة بالفعل في المتاجر والمستودعات.
مع ذلك، قد يؤدي طول أمد هذه الاضطرابات إلى مشكلات في مسارات الشحن العادية، ونقص المنتجات الاستهلاكية وقطع الغيار الصناعية.
يشار إلى أنه لم تبلغ شركات كثيرة عن تضررها حتى الآن، ربما لأن الاضطراب يتزامن مع فترة أعياد الميلاد التي تغلق فيها مصانع كثيرة أبوابها مؤقتاً، وهو ما يعطي الشركات بعض الوقت الإضافي لتلقي الإمدادات التي تحتاج إليها.