ما بعد التمديد لقائد الجيش اللبناني.. مبادرة من 4 نقاط للمبعوث الأمريكي حول ترسيم الحدود مع إسرائيل

عربي بوست
تم النشر: 2023/12/17 الساعة 08:47 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/12/17 الساعة 08:48 بتوقيت غرينتش
قائد الجيش اللبناني جوزيف عون - رويترز

أوضحت مصادر لبنانية مطلعة لـ"عربي بوست"، أن الموافقة على التمديد لقائد الجيش اللبناني في منصبه لا تتعلق فقط بالصراع السياسي الداخلي اللبناني، بل لها أهمية خارجية تتعلق بالحدود اللبنانية الإسرائيلية والصراع القائم حولها منذ سنوات، وإمكانية الحديث عن صفقة سياسية إقليمية.

وانتهت يوم الجمعة 15 ديسمبر/كانون الأول، معركة التمديد لقائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون لمدة سنة، بانتصار فريق المعارضة وهزيمة التيار الوطني الحر برئاسة جبران باسيل، بعدما غض حزب الله نظره بالكامل عن تلك المعركة، ووسط ضغط خارجي معلن، إذ ضغطت الولايات المتحدة وفرنسا وقطر ومصر للتمديد لعون.

جاء هذا بعدما تم إقرار رفع سن التقاعد لقادة الأجهزة الأمنية برتبة لواء وعماد، لمدة سنة واحدة، بعدما تم الاتفاق على دمج أكثر من مقترح للقوانين. وبينما خرج نواب كتلة حزب الله من الجلسة مع بدء بحث الأمر، دخل نواب حزب الكتائب وعدد من نواب التغيير ونواب "كتلة تجدد"؛ لتأمين نصاب الجلسة التي قاطعها التيار الوطني الحر رفضاً للتمديد، ليتم إقرار قانون التعاقد بأغلبية الحاضرين.

أهمية التمديد

قال مصدر حكومي لبناني لـ"عربي بوست"، إن أهمية هذا التمديد تتزامن مع الحديث عن مفاوضات حول الحدود اللبنانية مع إسرائيل وتنفيذ القرار 1701 في أي مفاوضات قادمة.

يذكر أنه في 11 أغسطس/آب 2006، تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع "القرار 1701" الذي يدعو إلى وقف كامل للعمليات القتالية بين لبنان وإسرائيل، داعياً إلى إيجاد منطقة بين الخط الأزرق (الفاصل بين لبنان وإسرائيل) ونهر الليطاني جنوب لبنان، تكون خالية من أي مسلحين ومعدات حربية وأسلحة، ما عدا تلك التابعة للقوات المسلحة اللبنانية وقوات "يونيفيل" الأممية.

التمديد لقائد الجيش اللبناني
خلال بين باسيل وحزب الله حول التمديد لقائد الجيش اللبناني – الأناضول

وأوضح المصدر المطلع أن هناك منصبين في لبنان حالياً لهما أهميتهما، وهما منصب رئيس الجمهورية كصاحب صلاحية التفاوض لعقد المعاهدات الدولية وإبرامها، ومنصب قائد الجيش المرتبط بتنفيذ الشق الميداني والتقني من القرارات الدولية، لا سيما القرار 1701.

هذان الموقعان المهمان- بحسب المصدر- أصبحا في صلب المعادلة الإقليمية والدولية في التفتيش عن حلول دائمة لأزمات لبنان. الخطوة الأولى بدأت مع التمديد لقائد الجيش، وهذا المسار لا يعارضه حزب الله، لأنه يريد إعادة الحديث عن صفقة سياسية وفق متطلبات المرحلة.

ويرى المصدر أن حزب الله كان يدرك ذلك منذ وقت طويل، ويعرف تماماً أن المنطقة كانت مقبلة على تحولات منذ بدء الانفتاح الخليجي والعربي على إسرائيل، والذي لم ينته بالضرورة رغم كل ما يجري في غزة، لذا فإن مشروع التمديد مر مرور الكرام، وأمَّن حزب الله الغطاء له عبر دعمه خطوات رئيس مجلس النواب نبيه بري، بترتيب الجلسة والنصاب القانوني لها.

وبهذا الشكل يكون حزب الله قد مرر التمديد، لمصالحه الاستراتيجية من جهة، ومن جهة أخرى عمل على إرضاء حليفه جبران باسيل، عندما لم يحضر نوابه الجلسة.

طروحات هوكشتاين: قيادة الجيش و4 بنود للحل

في الإطار الزمني نفسه، كان لافتاً اللقاءات التي عقدها المبعوث الأمريكي لشؤون أمن الطاقة آموس هوكشتاين، مع المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم على هامش قمة المناخ في دولة الإمارات، بينهم وزراء وشخصيات لبنانية بارزة مثل نائب رئيس مجلس النواب إلياس بو صعب.

وبحسب المصادر الدبلوماسية التي واكبت اللقاء بين الجانبين، فإن المسؤول الأمريكي كان صريحاً مع بو صعب في ما يتعلق بربط أي حل سياسي مستقبلي متعلق بالحدود البرية بين لبنان وإسرائيل، بوجود قائد جيش صلب ومتماسك وقادر على التفاوض وفرض الوقائع، مشيراً إلى ضرورة التمديد لقائد الجيش بالتزامن مع مسار تفاوضي من 4 بنود رئيسية.

وهذه البنود تقوم أولاً عبر تثبيت ملكية لبنان للنقطة "B1" الواقعة في خليج منطقة الناقورة على أن تكون منطلقاً لترسيم الحدود البرية.

وثانياً بحل النقاط الـ13 المتنازع عليها جغرافياً بين لبنان وإسرائيل، وهي نقاط التحفظ التي سجلها لبنان رسمياً على "الخط الأزرق" الذي حددته الأمم المتحدة بعد الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان منتصف عام 2000، وانتشار الجيش اللبناني فيها.

آموس هوكستاين

وثالثاً انسحاب إسرائيل من الشطر اللبناني لقرية الغجر، وانسحاب الجانب الإسرائيلي من مزارع شبعا، وتسليمها إلى قوات دولية باعتبارها متنازعاً عليها، بين لبنان وسوريا.

ورابعاً إبعاد قوات النخبة في حزب الله وحماس وباقي الفصائل اللبنانية والفلسطينية إلى منطقة شمال نهر الليطاني جنوب لبنان، والعمل على تهدئة طويلة الأمد تشمل وقف الأعمال الحربية وتخزين السلاح.

وتعتبر المصادر أن مسار هوكشتاين الذي يربط الحلول الميدانية بالحلول السياسية في رئاسة الجمهورية وقيادة الجيش، هو أحد الحلول الدبلوماسية التي يتحدث عنها المسؤولون الدوليون بمعزل عن موقف لبنان الرسمي أو موقف حزب الله من هذا الأمر، مع علمه أن العملية ستأخذ وقتاً طويلاً ليس مرتبطاً فقط بما يحصل في قطاع غزة.

وقد كان هوكشتاين واضحاً في ربطه هذا الاتفاق بما قد تقبل عليه المنطقة من إحياء لاتفاقات التطبيع والسلام بعد وقف إطلاق النار في غزة، وبذلك يكون لبنان جزءاً منها ولو بشكل غير مباشر. 

نشاط دولي متزايد

في إطار متصل، يشير المحلل السياسي إبراهيم ريحان إلى أن هناك مجموعات دولية تعمل على مسار مختلف ضمن نقاش سياسي مفتوح مع الدول حول حل ليس من شأنه أن يمنع الحرب مؤقتاً بين لبنان وإسرائيل وحسب، بل يؤدي إلى هدنة مستدامة.

ويشير ريحان إلى أن آموس هوكشتاين، أبدى لنائب رئيس مجلس النواب، إلياس بو صعب، اهتماماً خاصاً بوضع الجنوب لأسباب سياسية، وأنه مهتم بملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، ويدرك تماماً أن أي حرب قادمة على لبنان من شأنها أن تنسف اتفاق الترسيم البحري الذي يعتبره هوكشتاين من أكبر إنجازاته في المنطقة، باعتبار أن مصافي النفط والحقول التي يستولي عليها الجانب الإسرائيلي ستكون ضمن قائمة أهداف حزب الله.

ولحماية لهذا الإنجاز، يحاول هوكشتاين إقناع مسؤولين في الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية بأن العقدة مع لبنان لن تحل إلا بتكرار تجربة الترسيم البحري بترسيم بري، لأن الحرب ستنسف الاتفاق البحري، ثم لن تكون سهلة، لأن حزب الله ليس في وضع حماس المحاصرة في غزة، وهو يمتلك سلاحاً وقدرات ومدى مفتوحاً قادراً على إلحاق خسائر بإسرائيل رغم كل الدمار الذي ستلحقه إسرائيل بلبنان.

تحميل المزيد