أبلغ قادة غربيون سراً العاملين في صناعة الشحن، بأنهم يتوقعون أن يواصل الحوثيون هجماتهم على الممرات الملاحية في البحر الأحمر، وفق ما ذكره مسؤولون عرب وغربيون لموقع Middle East Eye البريطاني، وطلبوا عدم الكشف عن هوياتهم.
يقول هؤلاء المسؤولون إن التحذيرات تعكس مأزقاً لإدارة بايدن، بينما تهرع لردع الحوثيين بعد أن شنوا هجوماً استغرق ساعات على ثلاث سفن تجارية في البحر الأحمر، يوم الأحد 3 ديسمبر/كانون الأول، وفق ما جاء في تقرير للموقع البريطاني نُشر الثلاثاء 5 ديسمبر/كانون الأول 2023.
فقد تعرضت مدمرة أمريكية أيضاً لهجوم بعد أن وصلت لموقع الهجوم، وأسقطت ثلاث مسيرات كانت قد أُطلقت من اليمن، الذي يسيطر عليه الحوثيون.
في حديثه مع موقع Middle East Eye قال مسؤول غربي: "ينتاب القلق إدارة بايدن من أن الهجمات المباشرة على الحوثيين، أو تصنيفهم مرة أخرى منظمة إرهابية عقاباً لهم، ربما لن يقتصر أثره على تعريض عملية السلام في اليمن للخطر، بل أيضاً (سيؤثر) على التقارب السعودي الإيراني الأوسع".
كما يقول المسؤولون الغربيون والعرب إن هجمات الحوثيين على سفن الشحن التجارية تشكل اختباراً مثيراً للغضب على نحو خاص بالنسبة لقدرات الردع التي تمتلكها إدارة بايدن.
الآن، يقول المسؤولون الغربيون والعرب إن إدارة بايدن مترددة في شن مثل هذه الهجمات ضد الحوثيين، لأنها تخشى من أن تُخرج عملية السلام بينهم وبين السعودية عن مسارها.
بينما قال مايكل نايتس، الخبير لدى معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: "إن إدارة بايدن تتمتع بأريحية أكبر بكثير مع استخدام القوة ضد وكلاء إيران في العراق وسوريا".
كما أوضح في حديثه للموقع البريطاني: "استوعب الحوثيون أنهم يستطيعون أن يفعلوا ما يحلوا لهم ولن يواجهوا عواقب. بالنسبة لإدارة بايدن يعد هذا مأزق ردع كابوسياً".
السعوديون يتجاهلون الهجمات البحرية
قبل أقل من شهر من عملية طوفان الأقصى، خرج ممثلو الحوثيين في زيارة نادرة إلى الرياض، في محاولة لوضع الرتوش الأخيرة على هدنة طويلة الأمد.
حيث قال محمد الباشا، المحلل البارز في الشأن اليمني لدى شركة البحوث Navanti Group، التي تستقر في ولاية فيرجينيا، إن الولايات المتحدة كانت أمام "مفترق طرق" حينما كانت تفكر في الطريقة التي تردُّ بها على تهديد الحوثيين.
كما أوضح: "ربما نحن على عتبة الوصول إلى اتفاقية بين السعوديين والحوثيين، ما جعل صناع السياسة الأمريكيين يتوخون الحذر فيما يتعلق بفرض عقوبات أو الشروع في ضربة عسكرية".
فيما هدد نائب وزير الخارجية الحوثي، الثلاثاء 5 ديسمبر/كانون الأول، بغلق مضيق باب المندب، وقال إن تحركات الحوثيين سوف تتواصل حتى تنهي إسرائيل عدوانها على غزة.
بينما قال الباشا: "هذا هو التهديد الأكثر صراحةً من الحوثيين منذ اندلاع الحرب في غزة. سوف يشكل اختباراً آخر لقدرات الردع لدى إدارة بايدن".
هجمات الحوثيين "جرى إعدادها منذ شهور"
قال المسؤولون الأمريكيون إن هجمات الحوثيين "يسّرتها" إيران، لكنهم أيضاً استخدموا نغمةً لخفض التصعيد.
في يوم الإثنين 4 ديسمبر/كانون الثاني، تجاوز المسؤولون الأمريكيون التساؤلات حول الطائرة المسيرة التي كانت تقترب من السفينة الحربية الأمريكية التي استجابت لنداءات الاستغاثة التي أطلقتها السفن التجارية يوم الأحد 3 ديسمبر/كانون الأول، وما إذا كانت هذه المسيرة هدفاً مقصوداً من أهداف الهجوم الذي شنه الحوثيون.
لكن المسؤولين الغربيين ممن هم على دراية بالحوثيين أشاروا إلى أنهم كانوا يأملون إلحاق خسائر بالأمريكيين خلال هجوم الأحد، الذي "جرى إعداده منذ شهور"، وعرض قدرة متطورة على مراقبة عديد من السفن وتحديد أماكنها على الخريطة في البحر، ونشر قوات للهجوم.
أضاف المسؤول: "الحوثيون يبنون قوتهم البحرية من أجل هذا اليوم، ولديهم المعدات اللازمة للمواصلة، هذه الهجمات سوف تستمر".
في حديثه مع موقع Middle East Eye، قال ريمان الحمداني، الباحث والمحلل المختص في الشأن اليمني لدى مؤسسة ARK Group: "إذا كنت مقاتلاً حوثياً الآن فإن رأسك مرفوع في السماء. أداؤهم منذ اندلاع الحرب على غزة كان هدية للدعاية الحوثية".
كما أوضح: "في ربوع اليمن بين الجماعات الإسلامية يُنظر إلى الحوثيين على أنهم أبطال. كل شيء يفعلونه يحظى بشعبية كبيرة، لقد عرقلوا تجارة قيمتها مليارا دولار، وأجبروا إسرائيل على أن تحول سفنها بعيداً عن البحر الأحمر".
تركيز واشنطن على الدفاع ضد الهجمات
أشار مستشار الأمن القومي جيك سوليفان إلى أن تركيز واشنطن الآني ينصبّ الآن على الدفاع ضد الهجمات المستقبلية، لا على شن هجمات ضد مواقع الحوثيين في اليمن. وأوضح أن الولايات المتحدة تخوض محادثات مع الحلفاء لتأسيس قوة بحرية لحماية السفن التي تسافر عبر البحر الأحمر.
لكن المحللين الذين تحدثوا مع موقع Middle East Eye كانوا متشككين من الكيفية التي ستعمل بها هذه القوة البحرية الجديدة، إذ توجد بالفعل قوة بحرية متعددة الجنسيات تراقب البحر الأحمر، ومضيق باب المندب، وخليج عدن.
لعل الخيار الثاني بالنسبة للولايات المتحدة هو شن الهجمات السرية، التي تملك الولايات المتحدة بالفعل القدرات اللازمة لتنفيذها في اليمن، وذلك حسبما قال المسؤول الغربي بدون تقديم مزيد من التفاصيل.
لكن المسؤول العربي القريب من الولايات المتحدة قال إن الهجمات الانتقامية ضد الحوثيين لن تردع الحركة على الأرجح. وأوضح: "عندما تنظر إلى وكلاء إيران فإن حزب الله أشبه بسيارة رياضية، والحوثيون أشبه بشاحنة صغيرة، حزب الله يتخذ وضعية مريحة، ولا يريد أن يُقصف، أما الحوثيون فلا يعبأون".
كما قال نايتس: "في حين أن غالبية وكلاء إيران يقلبون الرأي (قائلين): "ما هو أقل ما يمكننا فعله لمساعدة حماس"، ولا يزالون يظهرون أنهم بجانبهم، فإن الحوثيين يعملون بأقصى ما في وسعهم، ويقولون "ما هو أقصى شيء يمكننا فعله". وأضاف: "لديهم قدرة هائلة على تحمل الألم".