كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية أن جيش الاحتلال الإسرائيلي واجه في الأسابيع الأخيرة زيادة غير عادية في حالات الإصابة بالأمراض المعوية والتسمم الغذائي بين جنوده، لا سيما بين المقاتلين في قطاع غزة.
وأرجع أطباء الجهاز الصحي المشاركون في معالجة الجنود هذه الإصابات إلى تزايد الاعتماد على التبرعات الغذائية القادمة للجنود، وإرسال هذه التبرعات إلى قوات الاحتلال المقاتلة في غزة من دون فحصها بالإجراءات المتبعة عادةً.
وقالت الصحيفة إنه على الرغم من النية الحسنة لدى من أرسلوا هذه التبرعات، فقد تبيَّن أنها ربما تصيب الجنود بالأمراض، لا سيما إذا اقترن الأمر بسوء أحوال التخزين، ورداءة أدوات النقل والإعداد.
تفشى الإسهال
من جهته، قال الدكتور تال بروش، مدير وحدة الأمراض المعدية في مستشفى أسوتا العام في أشدود: "لقد تفشى الإسهال بين الجنود في الجنوب، وفي مناطق تمركزهم المختلفة، ثم انتشر بعد ذلك بين الجنود الذين ذهبوا إلى القتال في غزة"، و"قد شخصنا إصابات ببكتيريا الشيغيلا التي تسبب مرض الزُّحار. وهذا مرض شديد الخطورة، وقد تفشى بين المقاتلين في غزة. وتنتقل عدوى الشيغيلا بالاتصال المباشر بين شخص وآخر، أو من خلال الطعام".
و"شيغيلا" هي بكتيريا تصيب الجهاز الهضمي وتسبب الإسهال، وقد كانت "تعتبر من الأمراض الخطيرة التي تسبب الجفاف لدى الأطفال، ومضاعفات صحية خطيرة، وتؤدي للوفاة".
وأشار الدكتور بروش إلى أن "هناك قواعد واضحة للحفاظ على نظافة الطعام يجب على كل من يدير مطعماً أن يكون على دراية بها، وهي معروفة أيضاً في الجيش. وجرت العادة أن يكون الجيش صارماً للغاية بشأن هذا الأمر، إلا أن مؤسسات التبرعات الغذائية العاملة من أجل الجنود خالفت هذه القواعد.
وزاد: "إن إعداد الطعام يشارك به أي أحد، ربما مجموعة من الطلاب، أو منظمات تطوعية. ولا أحد يشرف على إعداد هذا الطعام، وكيفية طهيه، وكيفية تعبئته. فضلاً عن أنه يُرسل إلى الجنوب من دون أجهزة تبريد. وهناك حد أقصى من الوقت الذي يجوز أن يبقى فيه الطعام بلا وسائل تبريد، ولا يجوز وضعه بعد ذلك في أطباق تأتي من مكان ما في إسرائيل إلى غزة".
إصابات بالحمى
بناءً على ذلك، قال بروش إن تفشي هذه الأمراض المعوية له عواقب على حالة الجنود وسير العمليات القتالية: "إذا تفشت العدوى بين 10 جنود في سرية مشاة، وأُصيبوا بالحمى بعد وصول درجة حرارتهم إلى 40 درجة مئوية، وبات ينتابهم الإسهال كل 20 دقيقة، فإنهم لا يعودوا صالحين للقتال، بل يعرضون أنفسهم للخطر".
وأوضح بروش أنه "يستحيل أن يقول للناس لا تتبرعوا للجنود، لكن عليهم أن يرسلوا أغذية (مضمونة السلامة)، وخاصة الطعام الجاف".
أطعمة التبرعات
غالباً ما يعتمد جنود الاحتلال على أطعمة التبرعات لأنهم يرون فيها بديلاً جيداً عن الطعام الرديء الذي يُقدم في الجيش، إلا أن الدكتور بروش استنكر الإصرار على إرسال وجبات الحساء إلى قطاع غزة مع أنه من المعروف أن الجنود لا تتوافر لهم ثلاجات لحفظ الحساء هناك.
من جهتها أوضحت جندية احتياطية تخدم في أحد مواقع التمركز حول قطاع غزة أنها تعتمد في معظم غذائها على أطعمة التبرعات "لأن طعام العسكريين غير صالح للأكل"، و"نحن نحرص على غسل أيدينا، ولكن هذا الأمر صعب في القطاع. فضلاً عن صعوبة الالتزام بشروط النظافة الأساسية هناك".
إلى ذلك، قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي: "هناك زيادة في الأمراض المعوية بسبب التبرعات الغذائية والأطعمة المطبوخة. ونحن نعالج الحالات المصابة، ونصدر الأوامر المتعلقة بالعلاج وفقاً لذلك. ونحقق في كل إصابة ترد إلينا، ونقدم العلاج للجنود المعنيين".