أدت الحرب المستمرة على قطاع غزة إلى تعطيل حركة السياحة الدولية في إسرائيل وضعف السفر بشدة إلى الدول المجاورة؛ بحسب ما نشرته صحيفة The New York Times الأمريكية، الجمعة 1 ديسمبر/كانون الأول 2023.
ورغم أنَّ التباطؤ في عدد الزوار الدوليين ليس سوى أحد التداعيات الاقتصادية للحرب في المنطقة، فإنه يشكل تهديداً كبيراً لاقتصادات مصر والأردن ودول أخرى تعتمد اعتماداً كبيراً على السياحة.
حيث أثرت الحرب على جميع قطاعات صناعة السفر، إذ قلّصت شركات السفر الدولية رحلاتها أو أجّلتها، وأعادت خطوط الرحلات البحرية توجيه سفنها لمناطق أخرى، وخفّضت شركات الطيران الخدمة بدرجة كبيرة. ويشعر العديد من المسافرين، الذين يستجيبون لتحذيرات حكومات بلدانهم ومخاوفها، بالقلق المتزايد بشأن زيارة المنطقة؛ مما يؤدي إلى موجات من إلغاء الرحلات.
ويخشى منظمو الرحلات السياحية المحليون ما يمكن أن تفعله حربٌ طويلة بصناعة واعدة ومتنامية.
حيث قال خالد إبراهيم، المستشار في شركة أميسول ترافيل مصر وعضو تحالف السفر بمنطقة الشرق الأوسط: "توقعنا أن يتطور الشرق الأوسط في ظل التقارب بين إيران والمملكة العربية السعودية واندماج المملكة العربية السعودية في النظام السياحي. نأمل جميعاً ألا تتصاعد هذه الحرب وتحطم الآمال التي كان الناس يعولون عليها". وأضاف أنَّ "أميسول ترافيل" في مصر لم تتلقَّ سوى 40 إلى 50% من حجوزاتها التقليدية خلال الأشهر بين فبراير/شباط وسبتمبر/أيلول 2024.
ويرى حسين عبد الله، المدير العام لشركة لبنان للسياحة والسفر في بيروت، أنَّ "لبنان كله آمن بنسبة 100%"، لكنه قال إنه لم يتلقَّ أية حجوزات منذ بدء الحرب؛ وأضاف أنَّ المواقع السياحية مثل مغارة جعيتا ومعابد بعلبك المدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، والتي عادةً ما تستقبل آلاف الزوار يومياً، صارت فارغة الآن.
وقال أوليفييه بونتي، نائب رئيس شركة ForwardKeys، وهي شركة لتحليل البيانات تتعقب حجوزات السفر الجوي العالمية: "يشهد الطلب على السفر في معظم دول الشرق الأوسط تدهوراً". ففي الأسابيع الثلاثة التي تلت 7 أكتوبر/تشرين الأول، انخفضت حجوزات الطيران إلى الشرق الأوسط بنسبة 26% مقارنة بحجوزات الفترة نفسها من عام 2019. وانخفضت التذاكر إلى إسرائيل إلى أقل من سالب 100%، مقارنة بالفترة المماثلة من عام 2019؛ حيث تجاوزت عمليات الإلغاء عدد التذاكر الجديدة الصادرة.
وقال بونتي إن الحرب "أضعفت ثقة المستهلك بالسفر إلى أماكن أخرى". ووفقاً لتحليل ForwardKeys، تراجعت حجوزات الطيران إلى جميع مناطق العالم، حيث انخفضت بنسبة 5% في الأسابيع التي تلت الحرب مباشرة، مقارنة بالأسابيع المقابلة من عام 2019.
توقف مفاجئ لعام مثالي
وجاءت الحرب في وقت كانت فيه السياحة في الشرق الأوسط تشهد ارتفاعاً قوياً منذ ذروة الوباء. وفي الفترة من يناير/كانون الثاني إلى يوليو/تموز من هذا العام، كان عدد الزوار الوافدين إلى الشرق الأوسط أعلى بنسبة 20% من الفترة نفسها من عام 2019؛ مما يجعلها المنطقة الوحيدة في العالم التي تجاوزت مستويات ما قبل الوباء، وفقاً لمنظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة.
وقبل أسبوع واحد فقط من الحرب، قال أحمد عيسى، كبير مسؤولي السياحة في مصر، لوكالة The Associated Press، إنَّ هناك "طلباً غير مسبوق على السفر إلى مصر"، حيث زارها نحو 10 ملايين شخص في النصف الأول من هذا العام. وكانت الحكومة، التي تأمل تسجيل رقم قياسي يبلغ 15 مليون زائر في عام 2023، تسعى إلى زيادة عدد غرف الفنادق ومقاعد الطائرات المتاحة، في إطار الجهود الرامية إلى تشجيع زيادة الاستثمار الخاص في السياحة.
ومنذ عملية طوفان الأقصى، انخفضت الخدمة الجوية إلى إسرائيل بأكثر من النصف، إذ شهد الشهر الجاري 2000 رحلة جوية مقارنة بنحو 5000 رحلة جوية نُفِّذَت خلال نوفمبر/تشرين الثاني 2022، وفقاً لبيانات من شركة Cirium لتحليلات الطيران. ولم تستأنف شركات الطيران الأمريكية الكبرى، التي علّقت خدماتها المنتظمة إلى المطار الدولي الرئيسي في تل أبيب بعد وقت قصير من بدء القتال، رحلاتها.
إضافة إلى ذلك، أوقفت شركات الطيران رحلاتها إلى الدول المجاورة. وأوقفت شركة الطيران الألمانية لوفتهانزا رحلاتها مؤقتاً إلى كل من إسرائيل ولبنان. وأوقفت شركتا Wizz Air وRyanair، الناقلتان الاقتصاديتان اللتان تتخذان من أوروبا مقراً لهما، رحلاتهما مؤقتاً إلى الأردن.
ويعتمد لبنان ومصر والأردن، وهي من الدول الأقرب جغرافياً إلى الصراع، اعتماداً كبيراً على السياحة. إذ يسهم هذا القطاع بما يتراوح بين 12 و26% من إجمالي الأرباح من الخارج لهذه الدول الثلاث، وفقاً لتقرير حديث صادر عن وكالة التصنيف الائتماني الدولية S&P Global Ratings.
ووفقاً للتقرير الذي نُشر في 6 نوفمبر/تشرين الثاني، فإنَّ "هذه البلدان، المجاورة المباشرة لإسرائيل، أكثر عُرضة لتباطؤ السياحة؛ نظراً إلى المخاوف بشأن المخاطر الأمنية والاضطرابات الاجتماعية وسط نقاط ضعف خارجية كبيرة. إضافة إلى ذلك، من شأن تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة أو التصعيد الخطير بالضفة الغربية.
وقالت شركة Intrepid Travel، وهي شركة سياحية عالمية تقدم أكثر من 1150 رحلة في كل قارة: "في العادة، يكون المغرب والأردن ومصر ضمن أفضل خمس وجهات لدينا على مستوى العالم"، لكن عمليات الإلغاء إلى هذه البلدان ارتفعت منذ بدء الحرب. وأضافت أنَّ حوالي نصف عملاء Intrepid الذين حجزوا رحلات إلى مصر والأردن، التي كان من المقرر إجراؤها قبل نهاية العام، ألغوا رحلاتهم أو أعادوا جدولتها منذ ذلك الحين.
وعادةً ما يكون أواخر الخريف والشتاء هو موسم الذروة للرحلات البحرية في الشرق الأوسط، لكن العديد من خطوط الرحلات البحرية الكبرى ألغت جميع خطط الرسو المؤقت في الموانئ في إسرائيل خلال العام المقبل وسحبت سفنها من المنطقة.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، صارت شركة الشحن Norwegian أول خط رئيسي يلغي جميع الرحلات البحرية لعام 2024 من وإلى إسرائيل، قائلةً إنَّ الأمر سيستغرق بعض الوقت قبل أن يشعر الناس بالأمان في العودة إليها حتى بعد انتهاء الحرب. كما أزالت Royal Caribbean إسرائيل من جميع مسارات رحلاتها لعام 2024، وأعادت توجيه اثنتين من سفنها في الشرق الأوسط إلى منطقة البحر الكاريبي، مع التخطيط للمغادرة من الولايات المتحدة. وألغت شركة MSC Cruises السويسرية للرحلات البحرية، بدورها، جميع خطط التوقف في الموانئ الإسرائيلية حتى أبريل/نيسان، وتتجنب أيضاً سفنها موانئ العقبة والأردن ومصر في بعض مسارات رحلاتها.