“ينهبون الموارد”.. اقتصاديون إسرائيليون يهاجمون الحكومة بسبب إقرارها موازنة الحرب ويحذّرون من إطالة التصعيد

عربي بوست
تم النشر: 2023/11/29 الساعة 15:37 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/11/29 الساعة 15:37 بتوقيت غرينتش
إقرار موازنة الحرب يثير اعتراضات في إسرائيل - رويترز

أعرب اقتصاديون إسرائيليون كبار عن اعتراضهم على "موازنة الحرب" التي أقرتها حكومة الاحتلال الإسرائيلي، الثلاثاء 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، والتي قدمها وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش، وقالوا إن الحكومة تنهب الموارد، إذ تُعد الموازنة التي تم إقرارها "غير مسبوقة". 

تبلغ قيمة الموازنة التي أقرتها حكومة الاحتلال 8 مليارات دولار، وتم إقرارها من أجل تلبية احتياجات الحرب المدمرة التي يشنها الاحتلال على قطاع غزة، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وأثار إقرارها انقساماً داخل "مجلس الحرب". 

صحيفة Calcalist الإسرائيلية ذكرت، الأربعاء 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، أن البروفيسور الإسرائيلي مومي دهان، أستاذ السياسة العامة في الجامعة العبرية، اعترض على الموازنة، وقال إن "إقرار الحكومة لهذه الموازنة يدل على عدم الإدراك للتحديات التي تواجه الاقتصاد الإسرائيلي".

دهان أشار إلى أن "الاقتصاد الإسرائيلي يحتاج إلى قيادة قادرة على اتخاذ قرارات صعبة، وتحظى بتأييد شعبي واسع. ولن يأتي الرخاء الاقتصادي ما دامت القيادة السياسية تستند إلى أغلبية قليلة من الجمهور؛ وتعمل بمقتضى اتفاقيات الائتلاف الحزبي الحاكم التي وُقعت قبل أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول والتي تتضمن تخصيص الموارد لتلبية مطالب التهرب من العمل، والتهرب من التعليم الذي يهيئ الناس لسوق العمل؛ وتعيِّن الناس في مختلف المناصب المهنية على أساس الولاء وليس الكفاءة".

خلص دهان إلى أن الهجوم الذي شنته فصائل المقاومة الفلسطينية يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أدى إلى اهتزاز ثقة الناس بإسرائيل، وقال إن "الأساس الأخلاقي يقتضي أن تعرض الحكومة والكنيست نفسيهما على اختبار الثقة لدى الناس، والسبيل لذلك هي انتخابات جديدة، فلا شيء أكثر أهمية من أن يختار الشعب قيادة جديرة بالتصدي للتحديات الجسيمة التي يواجهها".

من جانبه، رأى البروفيسور الإسرائيلي عيران يشيف، الأستاذ بجامعة تل أبيب، أن إقرار الموازنة "سرقة لموارد كان يفترض أن تخصَّص للاقتصاد الزراعي، لأنه قطاع فرضت عليه الحرب أعباء مالية ثقيلة".

يشيف أضاف أن "الأسواق الاقتصادية والدول الغربية بدأت تدرك أن نتنياهو ليس سوى نسخة من [الرئيس الروسي فلاديمير] بوتين في الشرق الأوسط"، وحذر من أن "ردَّهم السلبي لن يتأخر طويلاً، وأول خطوة قد تُتخذ -على سبيل المثال- هي رفع علاوة المخاطر على ديون إسرائيل"، ومن ثم "زيادة الأعباء على الاقتصاد الإسرائيلي".

في السياق ذاته، ذهب البروفيسور آفي بن بيست، الأستاذ بالجامعة العبرية، والخبير الذي شغل مناصب رفيعة في إدارة الاقتصاد، إلى أن النمو الاقتصادي في إسرائيل تعرض لأضرار بالغة، وقال إن ذلك مرده إلى "محاولة الانقلاب [التعديلات القضائية التي سعت إليها حكومة نتنياهو]، ثم الحرب التي بدأت في شهر أكتوبر/تشرين الأول". 

أضاف بن بيست أن "هذه السلسلة من الأحداث الخطيرة أدت إلى زيادة كبيرة في مخاطر الاستثمار بالاقتصاد الإسرائيلي. وكلما طال أمد الحرب، زاد الضرر الواقع على الاستثمارات والناتج المحلي الإجمالي والاستقرار".

كذلك لفت بن بيست إلى أنه كان ينتظر بعد القفزة المتوقعة في النفقات والانخفاض المتوقع في الدخل، أن "تقلل الحكومة من النفقات غير الأساسية، وعلى رأسها مخصصات الائتلاف الحكومي لعام (2023-2024) وأغلبها نفقات لا داعي لها حتى في زمن السلم".

حذر بن بيست من أن الموازنة تمنح ناخبي المدارس الدينية رواتب مماثلة لتلك التي يتلقاها جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي الذين ينفقون سنوات في الخدمة العسكرية ويُخاطرون بحياتهم، وهذا الأمر قال إن "فيه استخفافاً لا حد له" بما يبذله الناس.

إقرار الموازنة جاء وسط خلافات داخل مجلس الحرب – رويترز

على المنوال ذاته، يرى البروفيسور تسفي إيكشتاين، رئيس معهد أهرُن للسياسات الاقتصادية في جامعة رايخمان والنائب السابق لمحافظ البنك المركزي الإسرائيلي، أن "التعديلات على ميزانية 2023 جاءت مخيبة للآمال ومؤذية".

إيكشتاين أضاف أن "الحكومة لم تغير ترتيب الأولويات الاقتصادية على الرغم من الحاجة الماسة إلى دعم الجهود اللازمة لتلبية احتياجات السكان، الذين تعرضوا لأضرار جسيمة، وتمويل القتال. والواقع أن الحكومة اختارت أن تخصص حصة كبيرة من الموازنة لعدد قليل من السكان الذين لا يتحملون وطأة الحرب، ولا يتعرضون للأذى الفادح الذي لحق بسكان النقب الغربي".

ذهب إيكشتاين أيضاً إلى أن القرارات التي اتُّخذت "تقوِّض الثقة بقدرة هذه الحكومة على التوجه في الأيام المقبلة، إلى موازنة مناسبة لعام 2024، أي أن تكون موازنة تحتكم إلى تغيير منضبط في ترتيب الأولويات، وتخصص نحو 15 مليار شيكل (4 مليارات دولار) لدعم المجهود الحربي، وتقدم دعماً كبيراً للسكان الذين تعرضوا لأضرار مباشرة من الحرب".

من جانبه، قال البروفيسور إيتاي أتير، الأستاذ بجامعة تل أبيب والزميل البارز في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، إن الحكومة الإسرائيلية لا تستوعب بعدُ حجم الضربة التي تعرض لها الاقتصاد الإسرائيلي، "فالأمور التي تهتم بها الحكومة في موازنة 2023 المعدلة تدلُّ على استمرار الاهتمام بالتعديلات القضائية التي تنقلب على النظام، وتبرهن على استمرار النظرة الضيقة ذاتها للاقتصاد واحتياجاته".

ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حرباً مدمرة على قطاع غزة، ما تسبب في استشهاد 15 ألف فلسطيني، بينهم 6150 طفلاً، و4 آلاف امرأة، فضلاً عن دمار هائل في البنية التحتية، وكارثة إنسانية غير مسبوقة. 

تحميل المزيد