أفادت تقارير بأنَّ المستشفيات الصينية "مكتظة بالأطفال المرضى"، إثر تفشي الالتهاب الرئوي في المدن بجميع أنحاء البلاد، بما في ذلك العاصمة بكين، حسب ما نشرته صحيفة The Daily Telegraph البريطانية.
إذ أصدر ProMed – وهو نظام مراقبة كبير متاح للجمهور، يراقب تفشي الأمراض البشرية والحيوانية في جميع أنحاء العالم – إخطاراً في وقت متأخر الثلاثاء، 21 نوفمبر/تشرين الثاني، يتضمن تفاصيل وباء "الالتهاب الرئوي غير المُشخَّص" لدى الأطفال.
فيروس "سارس_كوف-2"
ويُذكر أنَّ تنبيه ProMed في أواخر ديسمبر/تشرين الأول 2019، هو الذي لفت انتباه العديد من الأطباء والعلماء إلى فيروس غامض، أُطلِق عليه لاحقاً اسم "سارس-كوف-2" -الفيروس المُسبب لـ"كوفيد-19"- بما في ذلك كبار المسؤولين في منظمة الصحة العالمية.
وجاء في أحدث منشور، استناداً إلى تقرير صادر عن المنفذ الإعلامي التايواني FTV News، أنَّ المستشفيات في العاصمة بكين ولياونينغ – على بُعد حوالي 500 ميل شمال شرق البلاد – كانت تكافح للتعامل مع تدفق الأطفال المصابين بالالتهاب الرئوي.
وقال وي، وهو مواطن من بكين، لقناة FTV News: "المزيد والمزيد من الأطفال يدخلون إلى المستشفى. لا يسعلون ولا تظهر عليهم أية أعراض، ولا يعانون إلا من ارتفاع في درجة الحرارة (الحمى)، والعديد منهم يصابون بالعُقيدات الرئوية".
وكتب نظام ProMed في مذكرة للمحررين: "يشير هذا التقرير إلى تفشي مرض تنفسي غير مُشخَّص على نطاق واسع… وليس من الواضح على الإطلاق متى بدأ هذا التفشي؛ نظراً لأنه من غير المعتاد أن يتأثر هذا العدد الكبير من الأطفال بهذه السرعة". ولا يذكر التقرير أية إصابة بين البالغين؛ مما يشير إلى إصابة بعض الأطفال في المدارس.
وأضاف ProMed في التنبيه أنَّ هناك حاجة إلى مزيد من المعلومات الدقيقة لتحديد سبب التفشي ونطاقه، ومع ذلك، يمكن ربط تفشي المرض بالميكوبلازما الرئوية، المعروفة أيضاً باسم "الالتهاب الرئوي الجوّال"، الذي يقال إنه يتزايد مع دخول الصين أول فصل شتاء دون الإغلاق الصارم الذي فرضته بسبب فيروس كورونا المستجد.
وشهدت بلدان أخرى، بما في ذلك المملكة المتحدة والولايات المتحدة، زيادات مماثلة في أمراض مثل الفيروس المخلوي التنفسي والإنفلونزا بمجرد رفع القيود الوبائية، حيث أضرت سنوات من ضعف الدورة الدموية بالمناعة بين السكان.
أعراض الفيروس الجديد
وتشمل أعراض الالتهاب الرئوي الجوّال -الذي يصيب الأطفال الصغار عامةً- التهاب الحلق والتعب والسعال المستمر، الذي يمكن أن يستمر لأسابيع أو أشهر. وفي الحالات الشديدة، يمكن أن يتدهور هذا في النهاية إلى التهاب رئوي.
وفي الشهر الماضي، ذكرت وسائل الإعلام المحلية في الصين أنَّ المستشفيات في جميع أنحاء البلاد تشهد زيادة في الإصابات، مع ظهور مجموعات من الحالات في كثير من الأحيان في المدارس ودور الحضانة.
وقالت تشو هويشيا، مديرة المركز الطبي للأطفال في المركز الطبي، التابع لمستشفى Chinese PLA العام، لصحيفة China Daily: "هذه هي الموجة الأولى من عدوى الميكوبلازما الرئوية منذ رفع معظم تدابير احتواء كوفيد-19 في بداية هذا العام".
وأضافت: "بدت الموجة شرسة، تحديداً منذ عطلة العيد الوطني في أوائل أكتوبر/تشرين الأول. ومقارنةً بالسنوات السابقة، وجدنا المزيد من المرضى الذين يعانون من التهابات مختلطة ومقاومة للأدوية وذات الرئة الفصية".
فيما توقعت هويشيا أن تبلغ موجة العدوى "الحادة" ذروتها في نوفمبر/تشرين الثاني، وقد تتزامن مع ارتفاع طفيف في أمراض الجهاز التنفسي المعدية الأخرى، التي أمكن قمع انتشارها أثناء عمليات الإغلاق.
وقال لي يوتشوان، مدير قسم العيادات الخارجية في مستشفى بكين للأطفال: "انتشرت العدوى على مستوى عالٍ نسبياً. وحدثت الذروة الأولى في الفترة من منتصف إلى أواخر فبراير/شباط إلى أواخر مارس/آذار، عندما كانت الإنفلونزا هي السبب الرئيسي، ثم حدثت الذروة الثانية في شهر مايو/أيار، عندما كانت هناك مجموعة متنوعة من مسببات الأمراض، مثل الفيروس المخلوي التنفسي، وظهرت الذروة الثالثة في سبتمبر/أيلول"، مضيفاً أن المنشأة اضطرت إلى تعزيز قدرتها على التكيف للتعامل مع هذه الحالات.
وأثار الارتفاع الأخير في الميكوبلازما الرئوية المخاوف من مقاومة المضادات الحيوية المتزايدة، إذ ترتفع قدرة البكتيريا على تجنب الماكروليدات ــ وهي فئة مفضلة من الأدوية ــ وتتمتع الصين بأعلى معدلات المقاومة على مستوى العالم، ومع ذلك أكد خبراء صينيون أنَّ عدداً قليلاً جداً من الأطفال ماتوا بسبب "الالتهاب الرئوي الجوّال" حتى الآن.