فيما يتكتم الجيش الإسرائيلي منذ بداية الحرب على غزة، في أكتوبر/تشرين الأول 2023، على الأعداد الحقيقية لقتلى ومصابي الجيش، تكشف معلومات من المصادر المفتوحة جانباً من الخسائر التي لم يُعلن عنها رسمياً، إذ تؤكد بيانات منظمة تعمل بإسرائيل أنها تعاملت مع مئات الإصابات لجنود بالجيش، متوقعة أن يتضاعف الرقم خلال الأشهر المقبلة.
هذه المنظمة هي (إخوة من أجل الحياة)، والتي أنشأها ويديرها مجموعة من قدامى المحاربين الإسرائيليين المصابين، وتقول إنها تقدم مساعدات مهمة وعاجلة للمحاربين الإسرائيليين المصابين في أعمال القتال.
استنفرت المنظمة كوادرها وزادت من عملها بعد معركة "طوفان الأقصى" التي شنتها فصائل المقاومة الفلسطينية يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، على مستوطنات في غلاف غزة.
تؤكد المنظمة على موقعها الإلكتروني، أنه خلال الشهر الأول فقط من الحرب بين إسرائيل وفصائل المقاومة في غزة، استقبلت وحدها "أكثر من 400 جندي مصاب"، وأشارت إلى معلومات لديها عن إصابة أكثر من 800 جندي، وقالت إنه "من المرجح أن يتضاعف عدد الجنود الذين سنستقبلهم في العام ونصف العام القادمين".
توثق المنظمة أنشطتها مع الجنود الإسرائيليين المصابين في المستشفيات الإسرائيلية، وبحسب ما رصده "عربي بوست"، فإن المنظمة أطلقت صباح 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ما أطلقت عليه اسم "بروتوكول طوارئ".
نشرت المنظمة "أكثر من 100 من مراقبيها في 16 مستشفى في إسرائيل لتقييم الاحتياجات العاجلة للجنود المصابين حديثاً وعائلاتهم"، بحسب ما ذكرته على موقعها الإلكتروني.
منذ ذلك الوقت، تؤكد المنظمة أن فرقها "عقدت جلسات فردية لجمع بيانات الرعاية الطبية مع أكثر من 500 جندي مصاب"، وأنها تقابل أعداداً أكثر كل يوم"، وتشير إلى أن مهمتها "أن تظهر لكل جندي مصاب حديثاً أنَّ هناك حياة بعد الإصابة".
تؤكد المنظمة أيضاً أنه منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أصبح لديها نمو بنسبة 200 % في احتياجات المشروع الطبي، وأنها أنفقت 650 ألف دولار على الاحتياجات العلاجية، فيما يعمل معها ألف مشارك في "خط الطوارئ الساخن".
تتوقع المنظمة أن يصل عدد المصابين من الجنود الإسرائيليين الذين ستتعامل مع حالاتهم إلى ألفي جندي مُصاب، ولم توضح ما إذا كانت قد بنت هذا التوقع على مقابلات أجرتها فرقها لجمع بيانات الجنود المصابين.
لكن المنظمة تؤكد أنها جمعت 15 مليون دولار أمريكي من حملة الطوارئ بقيمة 20 مليون دولار، من أجل التوسيع العاجل لنطاق برامج "إخوة من أجل الحياة"، واستيعاب أكثر من ألفي جندي إسرائيلي مُصاب.
هذه الأرقام التي أوردتها المنظمة، سواء عن عدد الجنود المصابين الذين ساعدتهم، أو عن أنشطتها، لم يتم التحديث عليها منذ يوم 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وهو تاريخ نشر آخر تقرير لها حتى الآن عن عدد المصابين الذين عالجتهم.
وتُشير بعض الصحف الإسرائيلية إلى أن العدد الإجمالي للجنود القتلى في العملية البرية التي بدأها الجيش وصل إلى نحو 65.
على صفحتها في موقع "فيسبوك"، تنشر المنظمة بشكل دوري منذ يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، صوراً وفيديوهات توثق نشاطها مع الجنود الإسرائيليين الجرحى داخل المستشفيات.
يظهر في مقطع فيديو نشرته المنظمة يوم 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، علم لواء "المظليين الإسرائيليين" داخل إحدى غرف المستشفيات التي تعالج جرحى الجنود خلال الحرب على غزة، كما تظهر بدلة عسكرية داخل غرفة أخرى بالمستشفى وبجانبها علم إسرائيل.
كذلك ظهر علم لـ"لواء ناحال" أحد ألوية ما تسمى "النخبة" في الجيش الإسرائيلي، داخل غرفة جندي مصاب في المستشفى.
تُظهر صور أخرى جنوداً إسرائيليين وهم يتلقون الإعانات داخل المستشفيات، ويظهر في إحدى الصور أيضاً أحد أعضاء منظمة "إخوة من أجل الحياة" وهو يحمل سلاحاً داخل غرفة المستشفى.
في منشور لها أيضاً، نشرت المنظمة يوم 18 أكتوبر/تشرين الأول 2023 صورة لسفير أمريكا السابق في إسرائيل، ديفيد فريدمان، وهو يشارك في تقديم مساعدات مقدمة من قِبل المنظمة لجنود إسرائيليين.
تُشير المنظمة إلى أنها تقوم على الجمع "بين الجنود المصابين حديثاً بإصابة معينة، مع مرشد من برنامج إخوة من أجل الحياة كان مصاباً بالإصابة ذاتها ثم تعافى منها"، وتقول إنها تعمل أيضاً على تأمين "الإمدادات اللازمة لتيسير الإقامة في المستشفيات"، و"تقديم مساعدات مالية للعائلات، ومستلزمات الدعم المرتبطة بالصحة النفسية".
تؤكد المنظمة أنها تتلقى مساعدة أيضاً من متخصصين طبيين من أمريكا الشمالية، وتقول إنها من خلالهم "تقدم استشارات طبية عاجلة للأعضاء الجدد الذين يعانون إصابات معقدة".
وتقيم هذه المنظمة فعاليات في أمريكا بشكل خاص من أجل حشد الدعم للجنود الإسرائيليين، وخلال البحث في نشاطاتها توصل "عربي بوست" إلى وجود منظمات أخرى مختلفة تحشد هي الأخرى الدعم المادي من أجل مساعدة الجنود الإسرائيليين، لكنها لم تفصح عن بيانات متعلقة بعدد المستفيدين من خدماتها.
يعكس دور هذه المنظمات والخدمات التي تقدمها مدى ضخامة الاحتياجات والتكاليف المادية التي تتطلبها إسرائيل لتغطية نفقات الحرب، إذ يُعد الجانب الاقتصادي تحدياً كبيراً أمام تل أبيب لمواصلة حربها على قطاع غزة.
في هذا الصدد، حذر "بنك إسرائيل" حكومة بنيامين نتنياهو، الأربعاء 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، من أن التغييرات المقترحة على ميزانية العام الجاري لن تكون كافية في ظروف الحرب الحالية، التي قدرت يومياً بنحو 260 مليون دولار للمصاريف العسكرية، فيما تراجع مؤشر الاستهلاك اليومي بين الإسرائيليين، وهو ما سيترك أثراً على الاقتصاد على المدى البعيد.