كشفت مصادر لـ"عربي بوست" أن المعارضة المصرية في الداخل تضغط على الحكومة لتيسير عملية إيصال المساعدات إلى قطاع غزة المحاصر، وذلك عبر معبر رفح الحدودي.
وقال معارض مصري بارز لـ"عربي بوست" إن الأيام الماضية شهدت تنسيقاً بين الهيئات المعارضة، من بينها "الحركة المدنية الديمقراطية"، و"تحالف 25-30" النيابي، ويضم عدداً من نواب البرلمان المحسوبين على المعارضة، وآخرين من خارج البرلمان.
أيضاً، شاركت في تنسيق المعارضة المصرية لإدخال المساعدات الإنسانية لأهالي قطاع غزة عبر معبر رفح، النقابات المهنية، على رأسها نقابتا الصحفيين والأطباء، التي طالبت بتشكيل دروع بشرية تحمي تلك المساعدات حتى توصيلها إلى الفلسطينيين.
ضغوط على الحكومة
وتواصلت الأحزاب والتحالفات المعارضة المصرية مع جهات حكومية مصرية قبل أسبوع تقريباً للحصول على موافقة أولية على إيصال المساعدات إلى معبر رفح البري، وتنظيم مظاهرة أو اعتصام أمام المعبر.
وتريد المعارضة المصرية، حسب مصدر "عربي بوست"، الضغط على المجتمع الدولي وإسرائيل لفتح معبر رفح لفترات طويلة، والسماح بدخول أكبر قدر من المواد الإغاثية الإنسانية لقطاع غزة.
والمطلب الثاني، يقول المصدر، يتمثل في تنسيق الحكومة المصرية مع جهات إغاثية دولية ومنظمات وهيئات أممية لإدخال المساعدات إلى داخل القطاع، على أن يكون ذلك في حضور تلك المنظمات، بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي.
وأشار المتحدث إلى أن المعارضة المصرية عملت خلال الأيام الماضية على التواصل مع الهيئات والمؤسسات الدولية للتنسيق معها بهذا الشأن، كما أن نقابة الصحفيين تنسق على الجانب الآخر مع جهات نقابية دولية.
وتهدف المعارضة المصرية إلى تشكيل قافلة ضمير العالم، والتي تستهدف تنظيم قافلة دروع بشرية تتجمع من كل أنحاء العالم عند معبر رفح، والموعد المقترح لانطلاقها من 17 إلى 24 نوفمبر/تشرين الثاني، أو بعده بقليل.
وبحسب المصدر ذاته فإن ردة الفعل الأولية تجاه مطالب المعارضة كانت مُبشرة، وحصلوا على وعود بالموافقة، وعلى أقل تقدير السماح بتنظيم فعاليات احتجاجية بالقرب من معبر رفح، لكن الموافقات الرسمية لم تأتِ بعد.
وأشار المتحدث إلى أن المعارضة تقدّر حجم الضغوط التي تتعرض لها السلطة المصرية، وأن تقديم الدعم لأهالي قطاع غزة لا ينفصل عن دعم السلطة التي تواجه تعنتاً إسرائيلياً بشأن السماح بدخول المساعدات، وتضع العراقيل المستمرة التي تؤدي لتكدس شاحنات ومخازن المساعدات في مناطق متفرقة من مدينة العريش بشمال سيناء.
هل تستجيب الحكومة؟
من جهتها نظمت الحركة المدنية الديمقراطية، مساء الأحد 12 نوفمبر/تشرين الثاني، اعتصاماً رمزياً لمدة ثلاث ساعات داخل مقر حزب الكرامة الذي أسسه حمدين صباحي، وكان يترأسه السياسي المعارض أحمد الطنطاوي.
وقالت الحركة المدنية الديمقراطية إن الاعتصام سوف يتكرر في جميع مقرات الأحزاب المنضوية تحت الحركة، وعددها 12 حزباً، بشكل دوري خلال الأيام المقبلة.
ومن المقرر أن تنظم الحركة المدنية الديمقراطية واللجنة الشعبية للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وهي لجنة منبثقة عن التحالف المعارض، مؤتمراً سياسياً، الأربعاء 15 نوفمبر/تشرين الثاني، لإعلان وقوف الشعب المصري بكافة أطيافه بجانب الحق الفلسطيني.
من جهته أكد نائب برلماني محسوب على تيار المعارضة، أن كسر الحصار على قطاع غزة يعد هدفاً مشتركاً بين الحكومة والمعارضة، وهو ما دفع نحو التحرك على مستويات عديدة في ظل قناعة بأن ما تسعى إليه المعارضة يحقق أهداف الحكومة أيضاً.
وأضاف المتحدث أنه، في الأيام الماضية، تم التواصل مع شخصيات سياسية وعامة، والعديد من المشاهير في الدول العربية المختلفة، للوصول إلى مصر ومعبر رفح وتنظيم فعاليات شعبية من هناك.
"بمجرد الحصول على موافقة الحكومة للوصول إلى هناك ستكون هناك دعوات رسمية موجهة لتلك الشخصيات للحضور إلى مصر"، حسب ما أضاف المصدر المعارض في تصريح لـ"عربي بوست".
وأضاف أن المطالب التي جرى تقديمها إلى الحكومة المصرية تضمنت الدخول إلى قطاع غزة على المسؤولية الشخصية للمشاركين في تلك القوافل، وأن أي استهداف لهم لا تُسأل عنه الحكومة.
هذا المطلب حسب المتحدث كانت تتجاوب معه الحكومة بسهولة دون معوقات تذكر، وهناك كثير من الأحزاب المصرية التي ذهبت إلى قطاع غزة في الحروب السابقة التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة، وكذلك الوضع في الانتفاضة الثانية.
ولفت إلى أن المعارضة تجد الفرصة سانحة من أجل استعادة نشاطها على المستويين الداخلي والخارجي بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني والنقابات المختلفة، وأن الأجواء مهيأة لأن تلعب المعارضة دوراً يساهم في تخفيف حدة الانتقادات الموجهة للحكومة التي تجد نفسها أمام روايات متعددة تحمّلها مسؤولية غلق المعبر، في حين أن الجانب الإسرائيلي هو المتسبب الرئيسي في عرقلة دخول المساعدات.
انتظار الموافقات الأمنية
وصل عشرات الجرحى الفلسطينيين ومزدوجي الجنسية والرعايا الأجانب إلى مصر، الأحد، بعد استئناف العمل في معبر رفح، وكانت مصادر مصرية وفلسطينية أكدت تعليق عمليات الإجلاء من قطاع غزة إلى مصر منذ يوم الجمعة، للرعايا الأجانب ومزدوجي الجنسية، وكذلك للجرحى الفلسطينيين.
وقالت مصادر لرويترز، الأحد، إن عدة مصابين فلسطينيين وصلوا إلى الأراضي المصرية لتلقي العلاج، إضافة إلى 80 من حملة الجنسيات الأجنبية وعائلاتهم، بينما يخضع آخرون لإجراءات العبور، وتوقفت عمليات الإجلاء عبر المعبر، الجمعة، بعد عقبات في نقل المصابين الفلسطينيين من شمال قطاع غزة إلى الجنوب، وفقاً لرويترز.
تنتظر العديد من سيارات الإسعاف في الجانب المصري من المعبر لاستقبال المصابين والجرحى الفلسطينيين، فضلاً عن تجهيز عشرات الشاحنات المحملة بمساعدات إنسانية طبية وغذائية، تمهيداً لإرسالها إلى قطاع غزة.
قيادي حزبي معارض يتولى مسؤولية التنسيق مع جهات أمنية بشأن الإعداد للقوافل الإغاثية، قال إن الأحزاب تفتح مقارها في الوقت الحالي لجمع التبرعات العينية والمالية، ويتم جمعها بشكل دوري وإرسالها إلى نقابة الصحفيين التي تتولى مهمة جمع المساعدات على مدار هذا الأسبوع، كما أن البعض الآخر من المساعدات التي لا يمكن أن تنتظر موافقة الجهات الحكومية يتم إرسالها إلى الهلال الأحمر المصري.
وأوضح المتحدث أن قافلة "ضمير العالم"، في حال استجابت الحكومة المصرية، ستكون قافلة أممية مدعواً إليها كل المتضامنين من دول العالم من قيادات سياسية أوروبية ومسؤولين من كل مكان في العالم، مشيراً إلى أن الأحزاب كانت تتوقع أن تحصل على الموافقات الخاصة بالوصول إلى معبر رفح بعد يوم أو اثنين من تقديمها، لكنهم ما زالوا في انتظارها.
ويضيف قائلاً: "تأخر الموافقات الأمنية أمر يزعج المعارضة التي بدأ يتسلل إليها أن هناك رفضاً حكومياً لتوجهها إلى معبر رفح، في حين أن الحكومة كانت تمنح تلك الموافقات بسهولة ويسر في أوقات الانتفاضة الأولى والثانية".
وأشار المصدر في تصريح لـ"عربي بوست" إلى أنه ليس هناك أي مبرر يدفع الحكومة المصرية لرفض طلب الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني من الوصول إلى معبر رفح، وإيصال المساعدات إلى غزة".
وأكد لـ"عربي بوست" أن مصر من حقها أن تقدم كافة أشكال العون والمساعدة لجيرانها، وبخاصة الأشقاء في الأراضي الفلسطينية الذين يتعرضون لأبشع أنواع الإبادة الجماعية ولا بد من إغاثتهم بتوصيل ضروريات الحياة إليهم.
وقال المصدر إن التحالف الدولي الاستعماري الذي يخوض الحرب الحالية على غزة يستهدف تدمير القطاع بشكل كلي، وهو ما يشكل ضرراً بالغاً على الأمن القومي المصري؛ ما يتطلب ضرورة الانفتاح على كافة أشكال الضغط.
وشدد على أن الاتصالات لم تنقطع مع جهات حكومية خلال الأيام الماضية، لكن الجهات الأمنية لم تعلن بشكل رسمي موافقتها، وبالتالي فإن الرد على ما تقدمت به الأحزاب والنقابات قد يتأخر أو يأتي بين يوم وآخر، خاصة أن هناك دعماً دولياً للفكرة.
وكانت بادرة السماح لأعضاء الشركة المتحدة بزيارة مصابي غزة في مستشفى العريش، وتوجههم لمعبر رفح البري لتفقد المساعدات المقدمة لأهالي قطاع غزة، أملاً في الموافقة على المبادرة.
ويشير القيادي الحزبي ذاته الى أن المعارضة تسير في اتجاهات عديدة لدعم القضية الفلسطينية، بينها رفع دعاوى قضائية لوقف التعاون الاقتصادي والدبلوماسي والسياسي مع الاحتلال.
وهناك دعوى قضائية بوقف تنفيذ العمل باتفاقية السلام وكامب ديفيد، وإلزام المدعى عليه باستفتاء الشعب عليهما، إلى جانب دعوى أخرى من المقرر رفعها ضد الحكومة المصرية لإلغاء اتفاقية الكويز بين مصر وإسرائيل والولايات المتحدة، إلى جانب المشاركة في فعاليات تنظمها نقابة الصحفيين المصرية خلال الأيام المقبلة.
ويكشف المصدر أن هناك عدداً كبيراً من النشطاء والسياسيين تواصلوا معهم، وهناك أجانب كثر سألوا عن كيفية الانضمام لقافلة ضمير العالم لكسر الحصار عن غزة، فضلاً عن محاولات لمئات الصحفيين والنشطاء في الخارج لدفع قيادات إسلامية ودولية للانضمام.
ودشن آخرون مبادرة تحت عنوان "الحملة الشعبية للتضامن مع الشعب الفلسطيني" لجمع تبرعات وأدوية أعلن عنها الهلال الأحمر الفلسطيني بشكل أساسي، والتجهيز لقافلة "ضمير العالم".
،https://twitter.com/Mostafa99734607/status/1724394035291320649?t=-yMyM2T6TxVMEaMTIKi0hw&s=19
ودعت حركة مقاومة إسرائيل BDS للحشد والانضمام إلى "قافلة ضمير العالم" التي دعت لها نقابة الصحفيين المصريين، تلبيةً للنداء الفلسطيني لكسر الحصار وفتح المعبر وتقديم الإغاثة العاجلة لقطاع غزة.
وقبل أيام أطلق نقيب الصحفيين المصري خالد البلشي، دعوة دولية من منبر النقابة في 7 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، لتنظيم قافلة دروع بشرية تتجمع من كل أنحاء العالم عند معبر رفح المصري، مشيراً إلى أن القافلة "تسعى محمية بأجسادنا جميعاً لكسر الحصار عن غزة ووقف الحرب". لتتوجه الأنظار مجدداً إلى القاهرة، وسط ترقب لردود الأفعال.
وتضمنت الدعوة -بحسب بيان رسمي لنقابة الصحفيين- التحرك من كل أنحاء العالم إلى معبر رفح المصري في أقرب وقت ممكن، دون تحديد موعد محدد، للعبور إلى الجانب الفلسطيني وكسر الحصار عن قطاع غزة، وقال بيان النقابة: "هذه دعوة موجهة لنا، ولكم جميعاً، ولكل القوى الحية، وقوى الحرية والإنسانية في العالم، للأحرار ومنظمات الإغاثة، والمنظمات الدولية، وحكماء العالم، والقوى الناعمة في كل مكان.
الحماية الأمنية
لفت نظر "عربي بوست" عدم وجود زخم دولي حول القافلة، بل إن الكثيرين لم يسمعوا بها، والإعلان عنها لم يلقَ الترويج الكافي بعد بيان الصحفيين، لكن الزخم بدأ أمس الثلاثاء من خلال نشطاء وحملات؛ ما جعلنا نتوجه لمصدر أمني للسؤال عن الدعوة ومصيرها والتاريخ المرجح لها.
تحدث المصدر، شريطة عدم الإفصاح عن اسمه، أن ما تطالب به المعارضة كان مرفوضاً بالنسبة لنا أولاً؛ خشية الانجرار وراء العاطفة والضغط للدخول إلى الجانب الآخر من المعبر.
وأكد المتحدث أنه حال قامت إسرائيل بقصفهم فلن نقف مكتوفي الأيدي، ويتحتم علينا الرد، وهذا يعني الحرب، والسبب الثاني هو أن القاهرة تنتظر ضغوطاً على نحو أكبر من الولايات المتحدة على إسرائيل لإدخال أضعاف الكميات الحالية من المساعدات، وتستهدف اتباع كافة الوسائل الدبلوماسية، ولا نريد أن يحدث ما يعكّر سير الجهود الحالية لإدخال المساعدات.
يستكمل المصدر: الآن ندرس الطلبات المقدمة إلينا، وبالفعل تمت الموافقة للبعض بالتوجه إلى مستشفى العريش ومعبر رفح لإعلان تضامنهم مع أهل غزة، أما بالنسبة لقافلة ضمير العالم فالجهات المعنية تراقب استجابة الأطراف الدولية للمبادرة، والأعداد التي ستشارك فيها، وندرس جميع الطلبات التي تقدمت بها هيئات ومنظمات المجتمع المدني للذهاب إلى المعبر والضغط من أجل وقف العدوان، وفي حالة الموافقة سنقوم بترتيبات لتوفير الحماية الأمنية لها.