تتعرض المناطق الأكثر حيوية في قطاع غزة لقصف عنيف متكرر منذ بداية حرب طوفان الأقصى 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، لا سيما المستشفيات والمخيمات داخل القطاع ذات الكثافة السكانية العالية.
بسبب القصف الإسرائيلي العنيف الذي أدى إلى العديد من المجازر، والذي أودى بحياة عائلات كاملة تقدر بـ1118 عائلة، بحسب وزارة الصحة في غزة، نزحت العديد من العائلات الفلسطينية جراء ذلك.
خريطة مستشفيات ومخيمات غزة
أعداد النازحين
ويقدر عدد النازحين بنحو 1.6 مليون فلسطيني من أصل 2.3 مليون نسمة هم سكان غزة، الذين يعانون بالأساس من أوضاع معيشية متدهورة للغاية؛ جراء حصار إسرائيلي مستمر منذ 2006.
واضطر عدد كبير من الفلسطينيين في محافظة شمال غزة ومحافظة غزة، إلى النزوح باتجاه محافظات الوسطى وخان يونس ورفح، في حين بات نحو 900 ألف من سكان غزة وشمال غزة من الجرحى والمرضى والطواقم الطبية والنازحين بلا مأوى أو طعام أو شراب أو دواء أو حماية.
وقالت منظمة العفو الدولية إن تهديدات الجيش الإسرائيلي التي تأمر سكان شمال قطاع غزة بـ"النزوح قسراً" قد ترقى إلى "مستوى جرائم الحرب".
ولفتت المنظمة، عبر بيان لها، إلى أن الجيش الإسرائيلي ألقى، في 21 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، منشورات على شمال غزة تأمر السكان بإخلاء المنطقة فوراً؛ "بدعوى أن حياتهم في خطر".
وقالت كبيرة مستشاري برنامج الاستجابة للأزمات في منظمة العفو الدولية، دوناتيلا روفيرا، إن "إعلان مدينة أو منطقة بأكملها هدفاً عسكرياً يتعارض تماماً مع القانون الدولي الإنساني، الذي ينص على أنه يجب على مَن ينفذون الهجمات التمييز بين المدنيين أو الأعيان المدنية والأهداف العسكرية".
وأكدت أن "انتهاك مبدأ التمييز من خلال استهداف المدنيين أو الأعيان المدنية، أو من خلال تنفيذ هجمات عشوائية تؤدي إلى مقتل أو إصابة المدنيين، يُعدّ جريمة حرب".
روفيرا أضافت أنه "لا يمكن اعتبار الرسائل الواردة تحذيراً فعّالاً للمدنيين؛ بل تقدم بدلاً من ذلك دليلاً إضافياً على أن إسرائيل تهدف إلى تهجير المدنيين في شمال غزة قسراً، وقد ترقى هذه التهديدات إلى مستوى جريمة الحرب المتمثلة في العقاب الجماعي؛ بسبب تحميلها (إسرائيل) مئات الآلاف من المدنيين المسؤولية عن أفعال لم يرتكبوها".
وادي غزة وطريق صلاح الدين
في حين دعا الاحتلال الإسرائيلي الفلسطينيين إلى النزوح باتجاه وادي غزة، إلا أنه قام بتوجيه ضربات صاروخية على النازحين مراراً، وكذلك أعلن أنه يعتبر طريق صلاح الدين الرئيسي الذي يربط بين شمال القطاع وجنوبه، ممراً آمناً، إلا أنه استهدف العديد من تجمعات الفلسطينيين النازحين على الطريق.
ودعا جيش الاحتلال الفلسطينيين في شمال القطاع إلى التحرك جنوباً إلى ما بعد وادي غزة، بين ساعات محددة (من 10.00 صباحاً إلى 14.00 بعد الظهر) بالتوقيت المحلي، وصولاً إلى منطقة المواصي الواقعة جنوبي القطاع، التي حددها منطقة "لتوجيه المساعدات الإنسانية الدولية في حالة الضرورة"، في حين أنه قام بقصف هذه المناطق، بحسب المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، الذي أفاد مراراً بوجود بلاغات عن جثث لمئات النازحين الفلسطينيين على طرقات كانت أعلنتها إسرائيل "آمنة" باتجاه جنوب القطاع.
أما عن إخراج الجرحى الذين تمكنوا من الوصول أحياءً إلى جنوب القطاع، أكدت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، أنه "تمكنّا من إخراج 99 جريحاً و73 مرافقاً عبر معبر رفح البري فقط منذ مطلع شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وأخلينا جزءاً منهم دون تأمين ممر آمن لهم".
وقالت إن عملية إخلاء الجرحى للعلاج خارج قطاع غزة تسير ببطء شديد، وغير متكافئة مع العدد الكبير من الحالات الخطيرة التي يجب خروجها بشكل عاجل وبطريقة آمنة قبل أن تفقد حياتها وهي تنتظر".
خريطة غزة واستهداف المستشفيات
تعد المستشفيات من بين أكثر المناطق استهدافاً من طيران الاحتلال الإسرائيلي، أو محيطها، رغم وجود الكثير من المرضى والجرحى، ولجوء الآلاف من المواطنين إلى ساحاتها بسبب القصف العنيف والأحزمة النارية التي يقوم بها الاحتلال على المناطق السكنية.
وكانت المستشفيات الأكثر تعرضاً للاستهداف هي مجمع دار الشفاء الطبي، والمستشفى الإندونيسي، والكرامة، والنصر، والرنتيسي، والأوروبي.
ويقوم الاحتلال الإسرائيلي بمحاصرة مستشفيات الرنتيسي والنصر للأطفال بالدبابات، وتكرار القصف الجوي.
وطالبت وزارة الصحة في غزة الأمم المتحدة واللجنة الدولية بـ"الوجود في مستشفيات الرنتيسي والنصر للأطفال وحمايتها، وإفساح المجال لسيارات الإسعاف لإخلاء الجرحى".
وبحسب أرقام الوزارة، فإن الاحتلال الإسرائيلي زاد من استهداف الطواقم الصحية، ما أدى إلى استشهاد 195 كادراً صحياً، وتدمير 51 سيارة إسعاف، وتضرر العشرات غيرها.
واستهدف الاحتلال الإسرائيلي 130 مؤسسة صحية، وتسبب بإخراج 18 مستشفى و46 مركزاً صحياً عن الخدمة بسبب الاستهداف ونفاد الوقود.
ويستهدف كذلك الاحتلال الإسرائيلي مجمع الشفاء الطبي باستمرار، بقذائف مدفعية وصواريخ جوية، ما أدى الى إصابة العشرات من النازحين بجراح مختلفة.
في حين أن الانتهاكات الإسرائيلية بحق المنظومة الصحية تعدّ انتهاكاً صارخاً لقرار مجلس الأمن رقم 2268 لعام 2016، الذي ينص على ضرورة احترام العاملين في المجال الطبي وعدم توجيه هجمات ضد المستشفيات والمرافق الصحية.
المخيمات ودمار واسع
من اللافت أيضاً، تركيز جيش الاحتلال في قصفه على غزة، على استهداف المخيمات الفلسطينية داخل القطاع، والتي هي بالأساس تضم سكاناً لجأوا إليها منذ عام 1948 من الأراضي المحتلة إلى غزة.
وزاد الاحتلال من توجيه الضربات إلى المخيمات، لا سيما في محافظتي شمال غزة ومدينة غزة، في محاولة لدفع السكان إلى النزوح منها، ما تسبب بالعديد من المجازر بحق المدنيين فيها.
وشهدت مخيمات النصيرات وجباليا والشاطئ وبريج والمغازي ودير البلح ضربات صاروخية متكررة منذ بداية الحرب، وتدميراً للبنى التحتية في المربعات السكنية المكتظة والمزدحمة.
وفقاً للأرقام الرسمية من المكتب الإعلامي للحكومة في غزة، فإن المنازل التي دمرت على رؤوس الصحفيين وعائلاتهم وآلاف الفلسطينيين بالقطاع بلغ عددها نحو 220 ألف منزل، تضم 40 ألف وحدة سكنية باتت غير صالحة للسكن، وهو رقم يمثل نحو 60% من إجمالي الوحدات بالقطاع.
تحدثت البيانات أيضاً عن أن "القصف الإسرائيلي أوقع أضراراً كبيرة في 88 مقراً حكومياً خلال أيام الحرب".
وبحسب تصريحات سلامة معروف، رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة فإن "الاحتلال الاسرائيلي دمر بشكل كلي 55 مسجداً، إضافة إلى تضرر 112 مسجداً بشكل جزئي".
وتعرضت كنيسة القديس برفيريوس، ثالث أقدم كنيسة بالعالم، للقصف أيضاً، كما دمرت وتضررت كنيستان أيضاً، بحسب معروف.
ونالت المدارس نصيبها من القصف أيضاً، بعدد 220 مدرسة، منها 38 تم تدميرها كلياً، بحسب بيانات "الإعلامي الحكومي".
تعرضت كذلك 42 منشأة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) للتدمير على خريطة غزة، بما في ذلك أماكن لجأ إليها النازحون من المناطق المدمرة.
يشار إلى أن حصيلة العدوان الإسرائيلي ارتفعت إلى 10818 شهيداً من بينهم 4412 طفلاً، بحسب وزارة الصحة، التي قالت إنها تلقت 2650 بلاغاً عن مفقودين منهم 1400 طفل ما زالوا تحت الأنقاض منذ بدء العدوان.