قال رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود أولمرت، إنَّ رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي، بنيامين نتنياهو، قد "دُمِّرَ عاطفياً"، بسبب إخفاقه الهائل في الأمن القومي، وإن نتنياهو الآن يخطئ الحسابات من خلال التحضير لتولي السيطرة الشاملة على الأمن في غزة لـ"فترة غير محددة" بعد "القضاء على حماس"، بحسب قوله.
أولمرت وفي مقابلة مع مجلة Politico الأمريكية، نشرتها الأربعاء 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، قال إن نتنياهو في حالة "انهيار عصبي" في ظل سعيه لتجنُّب الإطاحة به من منصبه بعد فشله في حماية الأمن القومي، خلال الهجمات التي شنتها فصائل المقاومة الفلسطينية يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
أضاف أولمرت أنَّ هذا يعني أنَّ إسرائيل الآن تنحرف عن المسار الصحيح استراتيجياً، مُؤكِّداً أنَّ الأولوية يجب أن تكون للتفاوض على التصور النهائي مع المجتمع الدولي، وضمن ذلك العودة إلى المباحثات بشأن تأسيس دولة فلسطينية، بدلاً من إعادة عقارب الساعة إلى الوراء والإشراف العسكري الكامل على غزة.
أولمرت أشار إلى أن "شيئاً مروعاً قد حدث لنتنياهو"، وقال إن "بيبي (لقب نتنياهو) كان يعمل طوال حياته على التظاهر الكاذب بأنَّه مُحقِّق الأمن. لكنَّه عبارة عن هراء. وكل دقيقة يقضيها في رئاسة الوزراء تمثل خطراً على إسرائيل، وأنا أعني ذلك جدياً، ومتأكد من أنَّ الأمريكيين يدركون أنَّه في حالة سيئة".
كذلك حذَّر أولمرت من أنَّ خطة نتنياهو الاستراتيجية لإبقاء السيطرة على قطاع غزة بعد الحرب تبدو بمثابة العودة إلى عام 2005، حين كانت إسرائيل تمارس السيطرة العسكرية على القطاع الساحلي.
أكد أنه "ليس من مصلحة إسرائيل الإشراف على الأمن في غزة. من مصلحتنا أن نكون قادرين على الدفاع عن أنفسنا بطريقة مختلفة عما كنا نفعل قبل هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول. لكن أن نسيطر على غزة مجدداً؟ لا".
حذَّر أيضاً من أنَّ "صبر حلفاء إسرائيل الغربيين ينفد نتيجة فشل نتنياهو ووزرائه في وضع خطة واقعية بخصوص حكم غزة في مرحلة ما بعد حماس"، بحسب تعبيره. ونبَّه قائلاً: "هنالك كثير مما يمكن أن نفعل، لكن لا يمكننا أن نفعل كل ما نرغب فيه".
وشكا أولمرت من أنَّ هنالك حالة من الافتقار إلى التفكير الرصين في حكومة الحرب الإسرائيلية، وتُشير المجلة الأمريكية هنا، إلى أن 44% من الإسرائيليين المشاركين في أحد استطلاعات الرأي، قالوا إنَّ نتنياهو مسؤول عما حدث في 7 أكتوبر/تشرين الأول، فيما اعتبر 18% فقط من الإسرائيليين أنَّه لا يتعين أن يترك منصبه، في حين يرغب 76% منهم في أن يغادر المنصب عاجلاً وليس آجلاً.
من جانبها، كتبت صحيفة Israel Hayom الإسرائيلية، وهي صحيفة داعمة لنتنياهو تقليدياً، اليوم الأربعاء، 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، أنَّه يجب أن يتنحّى.
دعوة أولمرت لعدم احتلال إسرائيل لغزة مرة أخرى، تتوافق مع ما أشار إليه الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي قال سابقاً إنَّه سيكون من "الخطأ" أن تحتل إسرائيل غزة مجدداً.
في هذا الصدد، قالت المجلة الأمريكية، أنه "في حين قد لا تتضمَّن خطة نتنياهو إعادة كاملة للاحتلال، فمن المفترض أنَّها ستستلزم سيطرة كبيرة على القطاع ووجوداً مستمراً للقوات الإسرائيلية هناك".
تضيف المجلة: "الأهم أنَّ ذلك على الأرجح سيؤدي إلى تبديد أي آمال لدى الولايات المتحدة بخصوص إقناع السلطة الفلسطينية الموجودة في الضفة الغربية بالموافقة على العودة إلى القطاع". كان رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، قد صرَّح سابقاً برفضه فكرة إعادة السلطة الفلسطينية إلى حكم غزة بقوة السلاح الإسرائيلي.
وأكد أولمرت أنه "من غير المتصوَّر أن توافق أي دول عربية على خطة حفظ السلام"، مشيراً إلى أنَّ "قوة التدخل الغربية هي فقط التي قد تنجح"، وتتمثَّل أكبر مخاوفه في أن تستمر إسرائيل في التردد والفشل في التعامل مع ما يجب أن يحدث في غزة بعد الحرب. وحذَّر أنَّ ذلك من شأنه أن يزيد السخط الغربي.
أضاف شاكياً: "هنالك افتقار تام للتخطيط بخصوص المرحلة التالية. ماذا سنفعل؟ حسناً، وفقاً لنتنياهو، سندمر حماس ونُسقطها. وبالمناسبة، أعتقد أنَّنا نستطيع فعل ذلك. لكن ما هي الخطوة التالية؟ ماذا سنفعل بعد ذلك؟ هل يفكر أحدٌ بذلك؟".
رأى أولمرت أنه إذا قدمت إسرائيل مقترحاً جدياً لمفاوضات بشأن حل الدولتين، "فسيكون لذلك تأثير حاسم على المجتمع الدولي. إذ سيمنحنا مجالاً ووقتاً أكبر لتحقيق أهداف عملياتنا العسكرية، وسيكون له تأثير على الرأي العام في البلدان الغربية وفي وسائل الإعلام. ومن شأن ذلك إظهار أنَّ إسرائيل ملتزمة بفعل أمر لم ترغب به على مدى الأعوام الـ15 الماضية … لكنَّنا لا نفعل ذلك".
وأشار أولمرت إلى أنَّ المشكلة الآن هي أنَّ نتنياهو "في حالة انهيار عصبي، وأنا لا أبالغ في ذلك. فهو يتعرَّض لضغوط شديدة من كل الجوانب، ويبدو أنَّ محط تركيزه هو تجنُّب الإطاحة به من المنصب في اليوم الذي تتوقف فيه الحرب، وربما حتى قبل ذلك".
كان أولمرت قد دخل السجن لفترة بعد رئاسته للوزراء بسبب تلقّيه رشى وعرقلة العدالة خلال الفترة التي قضاها على رأس بلدية القدس ووزارة التجارة، وقد حظي بإشادات من مختلف ألوان الطيف السياسي لاستقالته من زعامة حزبه "كاديما" حين احتدمت التحقيقات.