طلبت حكومة الاحتلال الإسرائيلي شراء 24 ألف بندقية هجومية من الولايات المتحدة، وقد أثار ذلك الطلب مخاوف، واستدعى رغبة في التحري عن الأمر لدى نواب أمريكيين وبعض مسؤولي وزارة الخارجية، الذين يخشون أن تصل هذه الأسلحة إلى أيدي المستوطنين وميليشياتهم التي تسعى إلى إجبار الفلسطينيين على مغادرة أراضيهم في الضفة الغربية.
صحيفة The New York Times الأمريكية قالت، الأحد 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، إن قيمة الشرائح الثلاث المقترحة لصفقة البنادق نصف الآلية والآلية تصل إلى 34 مليون دولار، وقد طُلبت الصفقة مباشرة من شركات أمريكية لصناعة الأسلحة، لكن إتمامها يتطلب موافقة وزارة الخارجية الأمريكية وإخطار الكونغرس.
ونقلت نيويورك تايمز عن مصادر مطلعة على طلبات الصفقة إن إسرائيل زعمت أن هذه البنادق ستذهب إلى أيدي الشرطة الوطنية، لكن بعضها يمكن أن يذهب إلى مدنيين.
مخاوف نواب أمريكيين
وبحسب الصحيفة، فقد قدمت وزارة الخارجية الأمريكية إخطاراً غير رسمي بالصفقة إلى لجان الكونغرس، الأسبوع الماضي، فأثار الطلب مخاوف لدى بعض النواب، ودفع الوزارة إلى تشديد الأسئلة عن الأغراض التي تنوي إسرائيل أن تستخدم هذه الأسلحة من أجلها.
إذ قال مسؤولون أمريكيون إن موظفين عاملين بقضايا حقوق الإنسان داخل الوزارة قد أعربوا عن تحفظهم، إلا أن المسؤولين المشرفين على مبيعات الأسلحة يعتزمون الموافقة على الصفقة، وينوون الإعلان عنها في الأيام المقبلة.
العنف بالضفة
الصحيفة الأمريكية، أشارت إلى أن شرطة الاحتلال الإسرائيلي تسعى إلى تعزيز ترسانة أسلحتها، بعد أن تعهد المسؤولون بتزويد المدنيين الإسرائيليين بآلاف الأسلحة في أكثر من ألف بلدة ومدينة، منها المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، التي يتصاعد العنف فيها.
وعلى مدار السنوات الماضية، انتقل نحو 500 ألف إسرائيلي إلى هذه المستوطنات، وأقام الاحتلال مواقع تفتيش عسكرية وأسوار عازلة، واستعان بتدابير وإجراءات كثيرة لحمايتهم في المنطقة التي لا يزال فيها 2.7 مليون فلسطيني مجبرين على المعيشة في جيوب صغيرة منفصلة.
كما أوضحت نيويورك تايمز أنه رغم أن الانتقادات الحالية للاحتلال متعلقة بغاراته المتواصلة الجوية على قطاع غزة، فإن الرئيس الأمريكي جو بايدن وكبار مساعديه أعربوا أكثر من مرة في الأيام الماضية عن مخاوفهم المتزايدة من تصاعد العنف في الضفة الغربية المحتلة، لا سيما أن السنوات الماضية شهدت تزايداً كبيراً في "العنف" الذي يمارسه المستوطنون الإسرائيليون في الضفة الغربية.
وأرجع مسؤولون أمريكيون هجمات المستوطنين إلى التشجيع الذي يتلقونه من وزراء الحكومة اليمينية المتطرفة التي يقودها بنيامين نتنياهو، وتصريحات بعض المسؤولين الإسرائيليين المؤيدين للاستيلاء على أراضي الضفة الغربية.
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إن الإسرائيليين قتلوا أكثر من 150 فلسطينياً في الضفة الغربية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، وهو ما يكاد يعادل عدد قتلى الفلسطينيين على أيدي الاحتلال خلال عام 2022 بأكمله.
وقعت معظم عمليات القتل خلال مواجهات مع جيش الاحتلال، لكن بعضها وقع على أيدي مستوطنين مسلحين.
وأثار وزير الخارجية أنتوني بلينكن هذه المخاوف مع قادة الاحتلال خلال زيارته إلى تل أبيب، يوم الجمعة 3 نوفمبر/تشرين الثاني، وتحدث عن المشكلة خلال اجتماعه مع محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية، الأحد.
مناقشات حول الأسلحة
من جانبهم، ناقش مسؤولو وزارة الخارجية الأمريكية الذين يشرفون على مبيعات الأسلحة هذه المخاوف مع نظرائهم الإسرائيليين. وقالت جيسيكا لويس، السكرتيرة المساعدة في مكتب الشؤون السياسية العسكرية، إن مسؤولي الوزارة "تلقوا تأكيدات من الإسرائيليين أن هذه الأسلحة لن تذهب إلا إلى وحدات تابعة للشرطة الوطنية الإسرائيلية".
ومع ذلك، لم يقدم المسؤولون أية تفاصيل حول ما تعنيه عبارة "وحدات تابعة للشرطة الوطنية الإسرائيلية"، وقال مسؤول إن هذه الوحدات لا تعمل من الأصل في الضفة الغربية. وقال المسؤولون الأمريكيون إن الوزارة لا يجوز لها أن تكشف عن معلومات محددة بشأن مبيعات الأسلحة التجارية المرخصة.
من جهة أخرى، تعهد وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير -وهو سياسي يميني متطرف يشرف على الشرطة الإسرائيلية- الشهر الماضي، بتوفير الأسلحة للمستوطنات.
وقال المسؤولون الأمريكيون المطلعون على هذا النوع من الصفقات إن الطلب المقدم من إسرائيل يختلف عن الطلبات السابقة لشراء الأسلحة في أن المسؤولين الإسرائيليين أشاروا صراحة إلى أنهم ينوون منح البنادق لمجموعات مدنية. وقد أثار ذلك مخاوف بعض النواب الديمقراطيين، مثل السيناتور الديمقراطي كريس فان هولين، فطالبوا إدارة بايدن بمزيد من الضمانات المتعلقة باستخدام الأسلحة التي تنطوي عليها الصفقة الحالية.
تأتي ثلاثة أرباع الأسلحة في هذه الصفقة من شركة "كولت" الأمريكية، وتشمل الطلبيات بنادق "إم 4" وبنادق "إم كيه 18". وبعض كميات الأسلحة المطلوبة جاهزة للشحن، فيما لا يزال بعضها الآخر قيد التصنيع.
"فرق أمنية"
إلى ذلك، قالت وزارة الأمن الوطني الإسرائيلية إن المدنيين المسلحين سينتظمون في "فرق أمنية" تنتشر في كل مدينة، بحيث تتولى الشرطة الوطنية تدريبهم، وتُديرهم قوات الشرطة المحلية.
في المقابل، يرى المعارضون لهذه الإجراءات إنها ستؤدي إلى إنشاء ميليشيات مدنية يمكن أن تستهدف سكان الأقلية الفلسطينية في إسرائيل، الذين يشكلون ما يقرب من خمس مواطني إسرائيل، علاوة على الفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة الغربية.