علم "عربي بوست" من مصادر إيرانية مطلعة، أن طهران أرسلت خلال اليومين الماضيين صواريخ مضادة للدبابات والمدرعات إلى حزب الله؛ تحسباً لتنفيذ إسرائيل تهديدها بشن هجوم بري على قطاع غزة، كما حصلت على موافقة الصين وروسيا على استخدامها أقمارهما الصناعية.
وقال مصدر مقرب من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني لـ"عربي بوست": "تم نقل كمية كبيرة من الصواريخ المضادة للدبابات والمدرعات الأمريكية التي تم تطويرها في إيران، من سوريا إلى حزب الله في لبنان؛ ليكون جاهزاً للرد على الغزو البري الإسرائيلي".
وأشار المتحدث إلى أن الصواريخ المضادة للدبابات والمدرعات الأمريكية تم الحصول عليها من أوكرانيا عبر روسيا، الحليف الاستراتيجي القوي لإيران، وقد تم تجميعها وتطويرها داخل إيران.
وفي السياق نفسه، أكد مسؤول استخباراتي إيراني رفيع المستوى ومقرب من الحرس الثوري الإيراني لـ"عربي بوست"، أمر نقل الصواريخ المضادة للدبابات والمدرعات إلى حزب الله، قائلاً: "نتوقع الغزو البري الإسرائيلي لقطاع غزة في أي وقت، وكلما مر الوقت اقتربنا من هذه الكارثة، لذلك كان من الضروري التأكد من جاهزية حزب الله اللبناني في أي وقت".
كما أشار المتحدث، إلى إرسال مئات الآلاف من الذخيرة والأسلحة إلى حزب الله من طهران، قائلاً: "بالأمس وصلت الأسلحة والذخيرة إلى حزب الله، كما وصل مستشارون عسكريون من الحرس الثوري؛ للتعاون مع الإخوة في حزب الله تحسباً للغزو البري الإسرائيلي"، على حد قوله.
موافقة صينية روسية على أجهزة الاتصال والتشويش
وفي ضوء استعداد طهران وحلفائها بالمنطقة (محور المقاومة)، قال مسؤول إيراني بارز مطلع ومقرب من القيادة العليا الإيرانية لـ"عربي بوست"، مفضلاً عدم الكشف عن هويته: "كانت هناك محادثات بين طهران وموسكو وبكين في الأسبوع الماضي، للحصول على موافقة الصين وروسيا على شراء أجهزة تشويش لتوزيعها على محور المقاومة".
وأضاف المصدر ذاته قائلاً لـ"عربي بوست": "حصلنا على الموافقة الروسية الصينية، ووصلت أجهزة التشويش إلى إيران". وأشار إلى نقطة هامة أخرى، قائلاً: "كما حصلنا على موافقة بكين وموسكو على استخدام أقمارهما الصناعية، إضافة إلى الأقمار الصناعية الخاصة بالحرس الثوري الإيراني".
وبحسب المسؤول الإيراني، فإن طهران لجأت إلى استخدام الأقمار الصناعية الخاصة بروسيا والصين من أجل ربط الاتصالات بمحور المقاومة بشكل كامل وضمان عدم توقف هذه الاتصالات.
طهران ترفض خط اتصال عسكري مباشراً مع واشنطن
وفي ضوء التوترات الحالية بين إيران والولايات المتحدة بسبب الحرب في قطاع غزة، قال دبلوماسي إيراني مطلع لـ"عربي بوست"، إن الولايات المتحدة أرسلت رسالة عبر وسطاء إقليميين إلى إيران تطلب منها خط اتصال عسكري مباشراً؛ لمنع انزلاق الأمور إلى وضع خطر.
وقال الدبلوماسي الإيراني لـ"عربي بوست": "أرسلت واشنطن أربع رسائل إلى طهران منذ بدء الحرب بغزة، في إحدى هذه الرسائل طلبت واشنطن إنشاء خط عسكري مباشر، خاصة مع زيادة استهداف الفصائل العراقية للأهداف الأمريكية في العراق وسوريا، ولكن المرشد الأعلى رفض هذا الأمر".
وأضاف المتحدث قائلاً: "بعد رفض خامنئي لهذا الأمر، أرسلت واشنطن رسالة تهديد غاضبة، وأبلغتنا أنها أوقفت المفاوضات النووية التي كان من المقرر إجراؤها في الشهر الجاري، إضافة إلى إيقافها لوقف تجميد الأموال الإيرانية الموجودة في البنوك القطرية".
جدير بالذكر هنا، أنه في منتصف شهر سبتمبر/أيلول 2023، قامت كل من طهران وواشنطن بتنفيذ صفقة تبادل السجناء التي تم التخطيط لها منذ عام تقريباً، وأفرجت إيران عن خمسة محتجزين من الإيرانيين حاملي الجنسية الأمريكية، الذين كانوا معتقلين في إيران على خلفية تهم تتعلق بالتجسس والأمن القومي، مقابل إفراج الولايات المتحدة عن إيرانيين متورطين في مساعدة إيران على انتهاك العقوبات الاقتصادية الأمريكية المفروضة على طهران.
ومن ضمن بنود هذه الصفقة كان موافقة واشنطن على الإفراج عن الأموال الإيرانية المجمدة في بنوك كوريا الجنوبية والتي تبلغ 6 مليارات دولار، على أن يتم إيداعها في البنوك القطرية، واستخدامها في شراء الأغذية والأدوية الضرورية وغير الخاضعة للعقوبات الأمريكية.
وفي وقت سابق، قال مسؤولون إيرانيون لـ"عربي بوست"، إنه بعد نجاح صفقة تبادل السجناء بين واشنطن وطهران، توصل الطرفان إلى اتفاق مؤقت بخفض التصعيد ووقف إيران تسريع تخصيب اليورانيوم عالي النسب، وتطوير برنامجها النووي، مقابل تخفيف واشنطن بعض العقوبات النفطية المفروضة على إيران.
ويقول دبلوماسي إيراني ثان مطلع على هذا الأمر، لـ"عربي بوست": "الاتفاق المصغر الذي تم بين طهران وواشنطن، دفع المرشد الأعلى إلى إصدار أمر بإجراء مفاوضات نووية مباشرة مع الأمريكيين، وكان من المتوقع أن تتم في سلطنة عمان هذا الشهر، لكن جاءت الحرب بين إسرائيل وغزة وانقلبت الأمور".
جدير بالذكر أن المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، قد منع الدبلوماسيين الإيرانيين منذ عام 2018 بعد انسحاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، من الاتفاق النووي لعام 2015، من المفاوضات بشكل مباشر مع واشنطن، وكانت المفاوضات النووية تُجرى بشكل غير مباشر بين الدبلوماسيين الإيرانيين والأمريكيين، ويقوم مسؤولو الاتحاد الأوروبي بنقل الرسائل بين الطرفين.
ويقول المسؤول الإيراني المقرب من القيادة العليا الإيرانية، لـ"عربي بوست": "بعد الحرب في قطاع غزة، قامت الفصائل العراقية باستهداف القوات الامريكية في العراق وسوريا، وهذا أغضب واشنطن، في البداية أرسلت رسالة تطلب من إيران إيقاف حلفائنا العراقيين عن استهداف قواتها، ولما طلبنا من واشنطن إيقاف دعمها لإسرائيل في المقابل رفضت".
وأضاف المتحدث قائلاً: "استمر الأمريكان في دعم الإسرائيليين لقتل الفلسطينيين، لذلك لا يمكننا منع فصائل محور المقاومة من الرد على هذا العدوان، فقامت واشنطن بالتخلي عن تعهداتها كما جرت العادة وأوقفت أمر المفاوضات النووية، وقامت بتجميد قرار إلغاء تجميد الأموال الإيرانية، وهذا ما ينذر بمزيد من التصعيد بين إيران وأمريكا".