أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة في مؤتمر صحفي في روما، الجمعة 29 سبتمبر/أيلول 2023، أن ما لا يقل عن 289 طفلاً توفّوا خلال عمليات عبور البحر المتوسط هذه منذ بداية العام الجاري، وهو ما دفع المنظمة إلى وصف البحر المتوسط بـ"مقبرة الأطفال".
وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة، حسب ما نشرته وكالة الأنباء الفرنسية إن "البحر المتوسط بات مقبرة للأطفال"، وإن عدد المهاجرين الذين قضوا أو فُقدوا خلال عبورهم هذا البحر في صيف 2023 قد ازداد ثلاث مرات، مقارنةً بالفترة نفسها من العام 2022، في خضم مفاوضات أوروبية بشأن قضية الهجرة.
وسُجل غرق "ما لا يقل عن 990 شخصاً بينهم أطفال"، في المنطقة الوسطى من البحر المتوسط، بين يونيو/حزيران وأغسطس/آب 2023، "أي أكثر بثلاث مرات" مما كان عليه العدد في الفترة نفسها من 2022، عندما "قضى ما لا يقل عن 334 شخصاً".
ومنذ يناير/كانون الثاني 2023، توفي ما لا يقل عن 289 طفلاً خلال عمليات عبور البحر، بحسب ما أفاد منسق اليونيسف في إيطاليا نيكولو ديل أرسيبريتي.
فيما أوضحت اليونيسف في حديث لوكالة الأنباء الفرنسية، أن 11600 "قاصر غير مصحوبين" حاولوا التوجه إلى إيطاليا، بين يناير/كانون الثاني ومنتصف سبتمبر/أيلول 2023، في مراكب صغيرة، أي بزيادة بنسبة 60% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي حين بلغ عددهم 7200.
وقالت رجينيا دي دومينيسيس، منسقة هذه المسألة لدى اليونسيف، إن "البحر المتوسط بات مقبرة للأطفال، الحصيلة المأساوية للأطفال الذين يموتون خلال سعيهم للحصول على الأمن والملجأ في أوروبا، أتت نتيجة الخيارات السياسية ونظام هجرة فاشل".
وقالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين في وقت سابق، خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي مكرس للأزمة في المتوسط، إن أكثر من 2500 مهاجر قضوا أو فقدوا بين الأول من يناير/كانون الثاني و24 سبتمبر/أيلول 2023، بزيادة نسبتها 50% في سنة.
تحديد العمر
وأعادت صور الوافدين إلى جزيرة لامبيدوسا الإيطالية الصغيرة، في منتصف سبتمبر/أيلول، التركيز على قضية التعاون الأوروبي في إدارة تدفقات الهجرة.
وأثار وصول 8500 شخص إلى الجزيرة خلال ثلاثة أيام، أي أكثر من إجمالي عدد سكانها، أزمة محلية في لامبيدوسا، وعاصفةً سياسية في إيطاليا، التي كثفت منذ ذلك الحين إجراءات الطوارئ والمراقبة.
ووافقت الحكومة الإيطالية برئاسة جورجيا ميلوني، على مشروع مرسوم يجيز وضع القاصرين غير المرافقين الذين تزيد أعمارهم عن 16 عاماً، لمدة أقصاها 90 يوماً، في أماكن مخصصة في مراكز استقبال للبالغين، وإخضاعهم لفحوص طبية لتحديد أعمارهم.
وما زال يتعين حصول هذا المشروع على موافقة البرلمان، حيث تتمتع حكومة جورجيا ميلوني المحافظة بالأغلبية المطلقة. ويسمح النص بإجراء قياسات وفحوص طبية ومنها الشعاعية لتحديد أعمارهم.
وحذرت ميلوني على صفحتها على فيسبوك، قائلة: "مع هذه القواعد الجديدة لن يكون من الممكن بعد اليوم الكذب بشأن العمر الحقيقي"، فيما اعتبر المتحدث باسم اليونيسف في إيطاليا، أندريا ياكوميني، الخميس، في حديث مع فرانس برس أنه قرار "مقلق".
حرب وعنف وفقر
على الساحة الأوروبية، أعاد الوضع في البحر الأبيض المتوسط إطلاق المناقشات في بروكسل، حول ميثاق الهجرة الذي يشكل موضوع خلاف منذ أن قدّمته المفوضية الأوروبية في العام 2020.
وينص مشروع الإصلاح الأوروبي خصوصاً على تعزيز الحدود الخارجية، وعلى آلية تضامن بين الدول السبع والعشرين في مجال التكفل بملفات طالبي اللجوء.
ومن المقرر أن يجتمع زعماء الدول المتوسطية التسع الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، يوم الجمعة المقبل، في مالطا، للاتفاق بشأن هذه القضية.
واعتبرت رجينيا دي دومينيسيس أن "اعتماد استجابة على مستوى أوروبا لدعم الأطفال والأسر"، أمر "ضروري جداً، لمنع معاناة المزيد من الأطفال".
وأكدت اليونيسف أن "الحرب والصراعات والعنف والفقر" عوامل تدفع الأطفال "إلى الفرار من أوطانهم وحدهم". ولفتت إلى أن مَن بلغوا الشواطئ الأوروبية تعرضوا لمخاطر الغرق في البحر، و"الاستغلال والانتهاكات في كل مرحلة"، ليتم "احتجازهم" لدى وصولهم أولاً في مراكز، قبل نقلهم إلى مباني إيواء "مغلقة عادة".
وأحصت المنظمة وجود 21 ألفاً و700 طفل غير مصحوبين بذويهم في هذه المراكز في إيطاليا، مقارنةً مع 17700 طفل العام الماضي.
وفي هذا الإطار، اعتبر المتحدث باسم يونيسيف، أندريا ياكوميني، أن قرار إيطاليا بشأن القاصرين "مقلق"، مضيفاً "لا يمكننا وضعهم مع البالغين".