تحدث مهاجرون من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى عن رعبهم من إعادتهم قسراً إلى المناطق الصحراوية النائية، حيث مات بعضهم عطشاً أثناء محاولتهم عبور الحدود إلى تونس؛ ما دفع مدافعين عن حقوق الإنسان إلى التحذير من مستقبل المهاجرين في تونس، وفق ما ذكره تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية، الخميس 28 سبتمبر/أيلول 2023.
الصحيفة أوضحت أنه بينما يستعد الاتحاد الأوروبي لإرسال أموال إلى تونس بموجب اتفاق هجرة بقيمة مليار يورو (1 مليار و54 مليون دولار)، تحث جماعات حقوق الإنسان بروكسل على اتخاذ موقف أكثر صرامة بشأن المزاعم القائلة بأنَّ السلطات التونسية تعيد الأشخاص إلى المناطق الحدودية المهجورة، وغالباً ما تكون حالات الإعادة مميتة.
ترحيل آلاف المهاجرين إلى مناطق عسكرية عازلة
وفقاً لمسؤول من منظمة حكومية دولية كبرى، نقلت السلطات التونسية أكثر من 4000 شخص في شهر يوليو/تموز وحده إلى مناطق عسكرية عازلة على الحدود مع ليبيا والجزائر.
كما قال المصدر الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته: "أُعيد نحو 1200 شخص إلى الحدود الليبية في الأسبوع الأول من يوليو/تموز وحده"، مضيفاً أنه بحلول أواخر أغسطس/آب، علمت منظمتهم بوفاة 7 أشخاص عطشاً بعد إعادتهم.
في حين تُقدِّر منظمة غير حكومية تعمل مع اللاجئين، أنَّ العدد يتراوح بين 50 و70 وفاة.
يأتي هذا الادعاء الجديد في تناقضٍ صارخ مع الصورة التي رسمها وزير الداخلية التونسي، كمال فقيه، الشهر الماضي، والذي اعترف بإعادة "مجموعات صغيرة من 6 إلى 12 شخصاً"، لكنه نفى أي سوء معاملة أو شكل من أشكال "الترحيل الجماعي".
كما قالت الصحيفة إنه من المرجح أن يزيد الضغط على المشرعين الأوروبيين لتسليط الضوء على بواعث القلق المتعلقة بحقوق الإنسان مع السلطات في البلد المغاربي في الوقت الذي تمضي فيه قدماً في اتفاق يهدف إلى وقف الهجرة غير الشرعية.
فيما يتعرض الاتفاق لانتقادات متزايدة، إذ قالت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، الأسبوع الماضي، إنَّ حقوق الإنسان وسيادة القانون "لم تحظى بالاعتبار المناسب" في الاتفاق.
مهاجرون أعيدوا قسراً إلى الصحراء
في سلسلة من المقابلات أُجرِيَت مع ما يقرب من 50 مهاجراً في صفاقس وجرجيس ومدنين وتونس العاصمة، أكد أغلبهم أنهم أُعيدوا قسراً إلى الصحراء بين أواخر يونيو/حزيران وأواخر يوليو/تموز.
حيث قالت سلمى، وهي نيجيرية تبلغ من العمر 28 عاماً: "في أوائل يوليو/تموز، ألقت الشرطة التونسية القبض علينا في صفاقس. أخذني بعض رجال الشرطة أنا وابني البالغ من العمر عامين وأعادونا إلى الصحراء على الحدود الليبية. وألقى حرس الحدود الآخرون القبض على زوجي ولا أعرف ماذا حدث له. لم أسمع منه منذ ذلك الحين، لأنه بينما كانوا يدفعوننا إلى خارج الحدود فقدت هاتفي".
كما تحدثت صحيفة The Guardian أيضاً مع باتو كريبين، وهو كاميروني توفيت زوجته وابنته، فاتي دوسو وماري، البالغة من العمر ست سنوات، في منتصف يوليو/تموز، بمنطقة نائية من الصحراء الليبية بعدما طردتهم السلطات التونسية. وقال كريبين، الذي أُعيد منذ ذلك الحين مرة أخرى إلى ليبيا: "كان ينبغي أن أكون هناك مكانهم".
في حين أنَّ الحدود مع ليبيا كانت منذ فترة طويلة محوراً لمثل هذا النشاط، فإنَّ الحدود مع الجزائر، التي تخضع لرقابة أقل، تشهد أيضاً إعادة الأشخاص إلى المنطقة الجرداء الشاسعة، حسبما تشير التقارير. وقال 15 شخصاً أجرت صحيفة The Guardian مقابلات معهم، إنهم أُجبروا على العودة إلى الحدود الجزائرية.
كما ظهرت تقارير عن نقل تونس مهاجرين إلى الصحراء في يوليو/تموز، عندما بدأت تنتشر على الشبكات الاجتماعية صور تشير إلى أنَّ طالبي اللجوء يموتون من العطش والحرارة الشديدة بعد إعادتهم من السلطات التونسية. وبعد هذه الاتهامات، واجهت الحكومة التونسية انتقادات شديدة من الصحافة الدولية لكنها أنكرت ارتكاب أية مخالفات.
من بين 78000 مهاجر وصلوا إلى إيطاليا عبر البحر المتوسط منذ بداية العام، غادرت الأغلبية، وهم 42719 شخصاً، من تونس؛ مما يشير إلى أنها تجاوزت ليبيا باعتبارها نقطة انطلاق رئيسية للهجرة غير الشرعية.