قالت صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية، في تقرير نشرته الإثنين 25 سبتمبر/أيلول 2023، إن الحرب الروسية على أوكرانيا تتسبب في خسارة عشرات الآلاف من الأرواح، لكن هناك جانب آخر يخص تأثير هذا الغزو على المواليد. إذ تراجع عدد الولادات خلال الأشهر الستة الأولى من هذا العام بنسبة 28% عن الفترة نفسها قبل الحرب، وهذا التراجع هو الأكبر منذ حصول أوكرانيا على استقلالها عام 1991.
وحتى قبل الغزو الروسي، كان معدل الخصوبة في أوكرانيا- عدد الأطفال الذين تلدهم كل سيدة- هو الأدنى في أوروبا. ويتوقع علماء السكان الأوكرانيون الآن أن يصبح هذا المعدل هو الأدنى في العالم، وهذا قد يسرّع انخفاض عدد السكان الذي تقلص بالفعل مؤخراً. وتراجُع أعداد المواليد يعني تضاؤل أعداد الأوكرانيين القادرين على إعادة بناء البلاد وحمايتها من روسيا، التي على الأغلب ستظل تشكل تهديداً طويل الأمد مهما كانت نتيجة الحرب. وقال أولكسندر غلادون، عالم الديموغرافيا في معهد بتوخا للدراسات الديموغرافية في كييف: "هذا تهديد كبير".
تراجع معدل المواليد في أوكرانيا
بدأ هذا التراجع في أعقاب الاستقلال، حين دفعت الاضطرابات الاقتصادية كثيراً من الأوكرانيين إلى السفر إلى الخارج بحثاً عن عمل، وأصبح إنجاب طفل واحد هو القاعدة. وانخفضت الولادات بنسبة 12% بعد أن ضمت روسيا شبه جزيرة القرم وغزت شرق أوكرانيا عام 2014.
وبحلول الوقت الذي شن فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حربه الشاملة على أوكرانيا العام الماضي، انخفض معدل الخصوبة في أوكرانيا إلى نحو 1.2 لكل سيدة. لكن الحفاظ على حجم السكان يحتاج إلى نحو 2.1 طفل لكل سيدة.
وتسببت الحرب في نزوح ملايين النساء والأطفال، في حين مُنع الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و60 عاماً، من الرحيل. وقد أدى ذلك إلى انفصال كثير من الأزواج جسدياً ودفع آخرين إلى تأجيل الإنجاب.
صعوبات في الحصول على بيانات موثقة تخص مواليد أوكرانيا
الجهود المبذولة لقياس تأثير الحرب على سكان أوكرانيا مغلفة بالضبابية. والكثير يعتمد على مسار ومدة الحرب التي لم تظهر أي علامات على تراجعها. وقرابة 20% من أراضي أوكرانيا محتلة، وهذا يعني أن كييف لا يمكنها الحصول على بيانات موثوقة. واحتمالات استعادة أراضيها غير قاطعة.
وقد لقي عشرات الآلاف من الأوكرانيين حتفهم، لكن أعدادهم الدقيقة غير معروفة، حيث إن الوفيات بين العسكريين سرية، في حين لم تُسجَّل وفيات كثيرة بين المدنيين في الأراضي المحتلة. وبينما تقول الأمم المتحدة إن أكثر من ستة ملايين غادروا البلاد خلال الحرب، يشير علماء الديموغرافيا الأوكرانيون إلى أن الأرقام التي رصدتها مراقبة حدود الدولة أقل من ذلك.
والسؤال الكبير هو: كيف سيتصرف الناس حين تنتهي الاشتباكات ويُسمح للرجال بمغادرة البلاد مرة أخرى. يقول غلادون: "هل ستعود النساء أم سينضم الرجال إلى زوجاتهم في الخارج؟". وأضاف أنه في أسوأ الأحوال، يمكن أن ينخفض عدد سكان أوكرانيا إلى أقل من 30 مليون نسمة خلال العقدين المقبلين، من نحو 43 مليون نسمة عشية الحرب.