ألقى قائدا طرفي الصراع في السودان، الخميس 21 سبتمبر/أيلول 2023، بخطابين متباينين تزامناً مع أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ78، أحدهما لقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان من على المنصة بمقر المنظمة في نيويورك، والآخر لقائد قوات الدعم السريع محمد دقلو حميدتي عبر تسجيل فيديو نادر من مكان غير معلوم.
وبينما البرهان صنف قوات الدعم السريع "مجموعة إرهابية"، أعلن استعداده لاستئناف المفاوضات معها، في حين ظهر حميدتي لأول مرة منذ شهور دأب فيها على بثّ تسجيلات صوتية، وقال إن القوات على استعداد تام لوقف إطلاق النار والدخول في محادثات سياسية شاملة لإنهاء الصراع مع الجيش.
ودعا قائد الجيش السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان المجتمعَ الدولي إلى تصنيف قوات الدعم السريع شبه العسكرية منظمة إرهابية والتعامل الحاسم مع من يدعمها من خارج حدود السودان.
وتبادل الطرفان الاتهامات بالمسؤولية عن إطلاق شرارة الحرب التي بدأت في 15 أبريل/نيسان الماضي في الخرطوم وانتقلت إلى مناطق أخرى من البلاد بما في ذلك دارفور في الغرب، مما أدى إلى نزوح أكثر من خمسة ملايين شخص وأثار مخاوف من زعزعة استقرار المنطقة.
"التدخلات الإقليمية والدولية أصبحت واضحة"
وقال البرهان في كلمته أمام الجمعية العامة: "منذ 15 أبريل/نيسان يواجه الشعب السوداني ميليشيا الدعم السريع ومجموعات متحالفة معها"، وأضاف أن "القوات المتمردة (الدعم السريع) تستعين بمجموعات ومرتزقة من خارج السودان"، دون أن يحدد جنسيتها.
وتابع: "نطالبكم (أعضاء الأمم المتحدة) باعتبار هذه القوات والمجموعات المتحالفة معها مجموعات إرهابية"، كما اتهم البرهان قوات الدعم السريع بارتكاب "جرائم وحشية" في دارفور ضد المدنيين، لافتاً إلى أن "التدخلات الإقليمية والدولية لمساعدة هذه المجموعات أصبحت واضحة وهي شرارة ستحرق الإقليم".
وأردف: "مستعدون لاستئناف المفاوضات متى ما التزمت القوى المتمردة ببنود المبادرة السعودية الأمريكية وإخلاء المستشفيات ومساكن المواطنين والمنشآت المدنية".
وترعى السعودية والولايات المتحدة منذ 6 مايو/أيار الماضي، محادثات بين الجيش و"الدعم السريع"، أسفرت في 11 من الشهر ذاته عن أول اتفاق في جدة بين الجانبين للالتزام بحماية المدنيين، وإعلان أكثر من هدنة وقع خلالها خروقات وتبادل للاتهامات بين المتصارعين، ما دفع الرياض وواشنطن إلى تعليق المفاوضات.
وأشار رئيس مجلس السيادة الانتقالي إلى أنهم طرقوا كل السبل لإيقاف الحرب، وأضاف: "نعمل بكل السبل لوقف هذه الحرب ونقدم الاستجابة لكل المبادرات التي قدمت من الأشقاء".
وأكد التزامهم بنقل السلطة إلى حكومة مدنية ينتخبها الشعب بعد توقف الحرب، وزاد: "ما زلنا نمد أيادينا من أجل السلام وإيقاف الحرب ورفع المعاناة عن شعبنا".
ظهور نادر
كانت معظم رسائل حميدتي في الفترة الماضية صوتية، ومكان وجوده مثار تكهنات، لكن في تسجيل الخميس، ظهر حميدتي بالزي العسكري وهو جالس إلى مكتب وخلفه العلم الوطني السوداني بينما يقرأ خطابه، ولم يكن مكانه واضحاً.
وجدد حميدتي الالتزام بعملية سلمية لوقف الحرب، وقال إن قوات الدعم السريع على استعداد تام لوقف إطلاق النار في جميع أنحاء السودان للسماح بمرور المساعدات الإنسانية وإطلاق محادثات سياسية جادة وشاملة.
أضاف: "وافقنا في قوات الدعم السريع في سياق العمل من أجل العودة إلى مسار التحول الديمقراطي على مبدأ الجيش الواحد، واتفقنا مع قائد القوات المسلحة على المبادئ، التي كانت سوف تحكم عملية الإصلاح الأمني والعسكري وبناء الجيش الواحد".
وأردف: "لكن لأن نية قيادة القوات المسلحة المعادية للتغيير والتحول الديمقراطي كانت هي تقويض العملية السياسية وإفشال الجهود الرامية إلى إقامة نظام ديمقراطي، تراجع عبد الفتاح البرهان وقيادة الجيش المتحالفة مع النظام القديم عن تلك المبادئ بإشعال الحرب في 15 أبريل/نيسان".
واندلعت الحرب بسبب خطط لدمج قوات الدعم السريع رسمياً في الجيش، في إطار عملية انتقال سياسي، بعد أربع سنوات من الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في انتفاضة شعبية.
فشلت مساعٍ سابقة، تضمنت تأكيدات من الجيش والدعم السريع بتطلعهما لحل الصراع وكذلك إعلانات لوقف إطلاق النار من الجانبين، في وقف إراقة الدماء أو في منع تدهور الأزمة الإنسانية في السودان.