قال ثلاثة متعاملين لرويترز، الخميس 21 سبتمبر/أيلول 2023، إن مصر تجري محادثات مع بنك في أبوظبي للحصول على تسهيل قرض لتمويل مشتريات قمح من كازاخستان.
أضاف المتعاملون أن هذه الخطوة قد تمنح مصر بديلاً رخيصاً للحبوب القادمة من روسيا، التي تتزايد حصتها في القمح الذي تحصل عليه مصر منذ العام الماضي، لكنها رفضت في الآونة الأخيرة صفقة شراء بأقل من حد أدنى غير رسمي لسعر مشتريات القمح.
وقال مصدر مطلع إن المحادثات الجارية للتوصل إلى اتفاق للحصول على القرض لا تزال في مراحلها الأولى، وتجري مفاوضات بشأن سعر القمح وكمياته، بالإضافة إلى قيمة القرض، لكن لم يذكر المصدر والمتعاملون اسم البنك، بحسب رويترز.
أقلّ من الأسعار الروسية
وقال المتعاملون إنهم علموا بالاتفاق المحتمل خلال ممارسة للقمح طرحتها، أمس الأربعاء، الهيئة العامة للسلع التموينية، مشتري الحبوب الحكومي في مصر، وقيل لهم إن الهيئة تتفاوض على سعر قد يكون أقل من الحد الأدنى للسعر غير الرسمي الذي حددته الحكومة الروسية.
ويُعتقد أن روسيا حددت السعر عند 270 دولاراً للطن على أساس التسليم على ظهر السفينة في الممارسة، لكنهم (المتعاملين) شككوا أيضاً في الاتفاق المحتمل، وقالوا إن شحن القمح من كازاخستان سيمثل تحدياً من الناحية اللوجيستية ويتطلب التسليم البري عبر دول أخرى.
وثبت أن الحد الأدنى غير الرسمي للأسعار يشكل عائقاً أمام كل من هيئة السلع التموينية بمصر ومورّدي القمح الروس الذين زادوا مبيعات الحبوب الرخيصة نسبياً إلى مصر منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا أوائل العام الماضي.
ولم تؤكد الحكومة الروسية رسمياً الحد الأدنى للسعر، وهو ما يراه المتعاملون خطوة لإبطاء صادراتها الضخمة من القمح والحيلولة دون ارتفاع أسعار الخبز نتيجة نقص الإمدادات المحلية.
في سياق متصل، قال متعاملون لرويترز إن وزارة الزراعة الروسية منعت في الآونة الأخيرة صفقة بيع خاصة لمصر شملت 480 ألف طن من القمح؛ لأنه بيع على ما يبدو بأقل من الحد الأدنى للسعر، وأضافوا أن القمح سيورَّد الآن من مناشئ أخرى مثل فرنسا وبلغاريا.
في حين قالت وزارة المالية المصرية إن تكلفة دعم المواد الغذائية، ومعظمها الخبز، من المتوقع أن ترتفع بنسبة 41.9% إلى 127.7 مليار جنيه مصري (4.14 مليار دولار) في السنة المالية الحالية التي تنتهي في يونيو/حزيران 2024.
يُشار إلى أن كازاخستان مصدر معتمد بالفعل لدى لمصر لاستيراد القمح، لكن المشتريات من الدولة الواقعة في آسيا الوسطى نادرة.
اتفاقية تمويل بـ500 مليون دولار
ويأتي ذلك بعد نحو شهر من توقيع مصر والإمارات على اتفاقية تمويل بقيمة 500 مليون دولار لخمس سنوات، لتمويل شراء القمح عالي الجودة للسوق المصرية.
ولم يذكر مسؤولو البلدين في ذلك الوقت أية تفاصيل بشأن سعر الفائدة المستحق على التمويل، أو فترة السماح، إلا أنها تشكل متنفساً للحكومة المصرية التي تعاني من تذبذب وفرة النقد الأجنبي.
وعانت مصر خلال الشهور الماضية من تأخير طلبيات شراء القمح بسبب تذبذب وفرة النقد الأجنبي، وسط ارتفاع كبير في الطلب على الدولار محلياً؛ بسبب خطوات للبنك المركزي بخفض سعر الجنيه منذ مارس/آذار 2022.
وفي يونيو/حزيران الماضي، وقعت مصر اتفاقية قرض بقيمة 700 مليون دولار، لشراء الحبوب مع المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة.
وفي مارس/آذار الماضي، كشف وزير المالية المصري محمد معيط في تصريحات صحفية، أن حكومة بلاده أجّلت تسليم شحنة حبوب بسبب عدم توفر النقد الأجنبي.
وفي اتفاقية منفصلة العام الماضي، وقعت وزارة التعاون الدولي المصرية مع المؤسسة الدولية الإسلامية، اتفاقية إطارية لتمويل التجارة بشأن توريد السلع الأساسية بحد ائتماني قدره 6 مليارات دولار.
وفي 14 أغسطس/آب الجاري، قال مجلس الوزراء المصري، "إن الاحتياطي الاستراتيجي من القمح في مصر يكفي الاستهلاك المحلي لمدة 4.7 أشهر"، وهو ما يقل شهراً واحداً عن بيانات قبل ثلاثة شهور.
وكشف تقرير صادر عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو)، خلال مارس/آذار الماضي، أن متوسط نصيب الفرد في مصر من القمح 146 كيلوغراماً سنوياً، وهو من أعلى المعدلات في العالم.
أزمة الجنيه والقمح في مصر
وهذا العام، تصاعدت أزمة تذبذب وفرة الدولار مع زيادة الطلب عليه محلياً، وتقارير دولية تتحدث عن تعويم جديد للعملة المصرية، وأخرى تؤشر إلى خفض رابع في قيمة الجنيه.
وخفضت مصر سعر صرف الجنيه ثلاث مرات منذ مارس/آذار 2022، من متوسط 15.7 أمام الدولار الواحد، ليستقر حالياً عند 30.9 جنيه.
ودفع هبوط سعر صرف العملة المحلية إلى ارتفاع الأسعار الاستهلاكية، بسبب زيادة كلفة الواردات المقومة بالنقد الأجنبي، منها القمح، وارتفاع كلفة الإنتاج في الأسواق المحلية.
وتخشى مصر من تأزم سوق القمح لديها، ليس بسبب الإنتاج المحلي، الذي يشكل أكثر من نصف الاستهلاك ويسجل تحسناً طفيفاً بالكميات، بل بسبب تصاعد تبعات انهيار اتفاق الحبوب بين روسيا وأوكرانيا.
وتعتبر مصر -التي تحصي 104 ملايين نسمة- أكبر مستورد للقمح في العالم بمتوسط سنوي يتجاوز 13 مليون طن، بينما تستهلك 22 مليون طن كل عام، بحسب بيانات حكومية تعود لعام 2021.
وارتفعت أسعار القمح خلال يوليو/تموز الماضي بنسبة 8% على أساس شهري، بعد وقف العمل باتفاقية الحبوب بين روسيا وأوكرانيا، اللتين تعدان من أكبر 5 موردين للقمح عالمياً.