أعلن وزير الخارجية الفرنسي جيرالد دارمانان، الثلاثاء 19 سبتمبر/أيلول 2023، أن بلاده لن تستقبل مهاجرين ممن وصلوا إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية خلال الأيام الأخيرة، مؤكداً "حزم" حكومته في هذا الشأن.
كما جدد دارمانان، حسب ما نشرته وكالة الأنباء الفرنسية، استعداد بلاده لمساعدة إيطاليا في "إعادة أشخاص إلى بلدان تقيم معها علاقات دبلوماسية جيدة".
ويأتي هذا بعد أن شهدت لامبيدوزا، الواقعة في أقصى جنوب إيطاليا، تدفقاً كبيراً للمهاجرين مع وصول نحو 8500 شخص بين الإثنين والأربعاء الماضيين، وفق مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين.
وتعتبر إيطاليا إحدى المحطات الأولى للمهاجرين الذين يعبرون البحر الأبيض المتوسط؛ أملاً في الوصول إلى أوروبا.
جدل سياسي في إيطاليا بسبب المهاجرين
وتسبب تدفق المهاجرين على الجزيرة الإيطالية في زيادة الضغط عليها؛ إذ تجاوز قدراتها الاستيعابية، وأثار جدلاً سياسياً في إيطاليا وأعاد فتح مسألة التضامن الأوروبي الشائكة والمتعلقة بتوزيع طالبي اللجوء على مختلف الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لدعم الدول الواقعة في الخطوط الأمامية لاستقبال الوافدين.
وفي وقت سابق، قال المسؤول الفرنسي دارمانان إنه يريد أن يعكس موقف "حزم" يقوم على أنه "لا يمكن توجيه رسالة إلى الأشخاص الذين يأتون إلى أراضينا مفادها أنه سيتم الترحيب بهم مهما حدث"، وتابع: "علينا تطبيق القواعد الأوروبية. إذا كان هناك طالبو لجوء مؤهلون لنيل اللجوء ويتعرضون للاضطهاد لأسباب سياسية، فبالطبع هم لاجئون. وفي هذه الحالة، يمكن لفرنسا (…) كما فعلت على الدوام، استقبال هؤلاء الأشخاص".
لكنه أشار إلى أن 60 % من الحالات تعود إلى أشخاص "يأتون من دول مثل ساحل العاج وغينيا وغامبيا"؛ حيث "لا ظروف إنسانية" تتطلب لجوءهم إلى الخارج.
وأضاف أن "ما نريد قوله لأصدقائنا الإيطاليين الذين أعتقد أنهم متفقون تماماً معنا، هو أنه يتعين علينا حماية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، خصوصاً النظر فوراً في طلبات اللجوء، وإعادتهم إلى بلادهم إن كانت غير مقبولة".
وتهدف هذه الرسالة إلى تهدئة التوتر مع الحكومة الإيطالية المشكلة من ائتلاف اليمين واليمين المتطرف، والتي انتقدت رئيستها جورجيا ميلوني نقص التضامن الأوروبي مع بلادها التي استقبلت حوالي 130 ألف مهاجر في 2023.
ويعد هذا الرقم ضعف عددهم مقارنة بالفترة نفسها من العام 2022.
تدابير جديدة في إيطاليا
بالتزامن وافقت الحكومة الإيطالية، الإثنين، على إجراءات جديدة تهدف إلى الحد من وصول الوافدين، من بينها إنشاء المزيد من مراكز الاحتجاز المخصصة للمهاجرين الذين رفضت طلبات لجوئهم، وزيادة المدة القصوى لهذا الاحتجاز من 4 إلى 18 شهراً.
وقال حزب الرابطة اليميني المتطرف، والعضو في الائتلاف الحكومي: "كفى كلاماً، يتوقع الإيطاليون إجراءات ملموسة من فرنسا وأوروبا وهم يستحقونها".
فيما تهدف الخطة التي عرضتها فون دير لاين، وهي من 10 نقاط، إلى تحسين إدارة الوضع الراهن من خلال توزيع طالبي اللجوء بين الدول الأوروبية بشكل أفضل، وتفادي تكرار تدفقهم بأعداد كبيرة على سواحل إيطاليا، بشكل يستنزف قدراتها اللوجستية والإدارية.
وتلحظ الخطة زيادة التعاون بين إيطاليا والوكالة الأوروبية للهجرة والوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود والسواحل (فرونتكس)، لتسجيل المهاجرين وأخذ بصماتهم وغيرها من الإجراءات، على أن تعزز "فرونتكس" ووكالات أخرى مراقبتها البحرية "ودراسة الخيارات لتوسيع العمليات البحرية في المتوسط".
وتشمل تسريع الدعم المالي لتونس، التي ينطلق منها غالبية المهاجرين، والتحاور مع أبرز الدول التي يأتون منها، مثل غينيا وساحل العاج والسنغال وبوركينا فاسو، لإعادتهم إذا لم يستوفوا شروط اللجوء.
وحضت فون دير لاين دول التكتل على أداء دورها في هذا المجال، مشيرة إلى أن "الهجرة غير النظامية هي تحدٍّ أوروبي يحتاج إلى رد أوروبي".