لقي 4 عناصر من طاقم إنقاذ يوناني، مصرعهم الأحد 17 سبتمبر/أيلول 2023، في حادث سير أثناء توجههم للمشاركة في عمليات البحث عن ناجين في مدينة درنة التي اجتاحها إعصار مدمر في 10 سبتمبر/أيلول الجاري.
حيث قال وزير الصحة في حكومة شرق ليبيا عثمان عبد الجليل إن أربعة أفراد من فريق إنقاذ يوناني وثلاثة أفراد من أسرة ليبية لقوا حتفهم في حادث سير في ليبيا، بينما كانوا في طريقهم إلى مدينة درنة التي تعرضت لسيول وفيضانات.
وأضاف الوزير في مؤتمر صحفي بثه التلفزيون أن الحادث "المروع" أدى أيضاً إلى إصابة 15 من أفراد الفريق اليوناني بينهم سبعة في حالة حرجة، وقال إن اثنين آخرين من الأسرة الليبية في حالة حرجة كذلك.
من جانبها، قالت القوات المسلحة اليونانية إن حافلة تقل أفراداً من القطاع الطبي اصطدمت بمركبة كانت تسير في الاتجاه المعاكس.
وأضافت في بيان "يجري التحقيق في أسباب الحادث وملابساته بالتعاون مع السلطات الليبية، في حين بدأت عملية لجمع الأفراد في بنغازي وإعادتهم إلى وطنهم".
وفي 10 سبتمبر/أيلول الجاري، اجتاح إعصار "دانيال" عدة مناطق شرقي ليبيا، أبرزها مدن درنة وبنغازي والبيضاء والمرج وسوسة، مخلفاً دماراً كبيراً.
وخلَّف الإعصار والفيضانات الناجمة عنه أيضاً 11 ألفاً و470 قتيلاً و10 آلاف و100 مفقود، و40 ألف نازح شمال شرقي البلاد، وفقاً لأرقام نشرها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، مساء 16 سبتمبر/أيلول الجاري.
درنة تواصل "جمع" جثثها
ويواصل سكان مدينة درنة بشرق ليبيا إحصاء حجم الخسائر التي تكبدوها جراء الفيضانات التي دمرت مساحات شاسعة من المدينة الساحلية، مع استمرار البحث عن مفقودين وانتشال المزيد من الجثث من البحر.
وتحول الشارع المركزي الذي كان ذات يوم مركزاً تجارياً رئيسياً في درنة بفضل المحلات التجارية المصطفة على جانبيه، إلى منطقة مهجورة إلى حد كبير. ولم يكسر حالة الصمت هذه إلا صوت هرير الريح أمام المباني المدمرة، بينما كان عدد قليل من الأفراد يجلسون في حالة من الحزن على الطريق يحتسون القهوة ويحصون حجم الأضرار.
وقال المُعلم طارق فهيم الحصادي (44 عاماً) الذي لقيت زوجته وأحفاده الخمسة الصغار حتفهم في الفيضانات: "أول شيء أخشاه هو استمرار هذا الوضع لفترة طويلة". ونجا هو وابنه بعد أن تسلقا إلى السطح.
وقال وهو يبكي بينما كان يحرس منزله المدمر: "هذا يحتاج إلى مثابرة وأخشى أن يكون الدعم القادم إلينا مؤقتاً"، لكنه أضاف أنه مصمم على عدم مغادرة المنطقة.
وقال الحصادي إن مياه الفيضانات جرفت مبنى مكوناً من ثلاثة طوابق يقع في الجهة المقابلة لمسافة 60 متراً على الطريق.
على الواجهة البحرية لدرنة حيث أمكن رؤية سيارة مدمرة فوق حواجز خرسانية موضوعة للعواصف وأخشاب متناثرة فوق برك موحلة، كانت آلات الحفر تعمل على تمهيد الطرق لفرق الإنقاذ، بينما كانت طائرة هليكوبتر تمسح البحر بحثاً عن جثث.
وتسبب انهيار سدين جنوبي درنة، إحدى المدن الرئيسية في شرق ليبيا، مساء يوم الأحد في جرف أحياء بأكملها أو غمرها بالطين؛ مما أدى لإطلاق السيول الناجمة عن مياه الفيضانات على مجرى نهر عادة ما يكون جافاً.
وقالت بعثة المنظمة الدولية للهجرة في ليبيا إن نحو 38640 شخصاً نزحوا من المنطقة التي ضربتها الفيضانات.
وقال قيس، وهو عامل إنقاذ تونسي اكتفى بذكر اسمه الأول فقط، بينما كان يقف في الواجهة البحرية: "الوضع مأساوي للغاية.. لم نشهد مثل هذا الضرر الناجم عن المياه من قبل".
فيما قالت منظمة الصحة العالمية إنها أرسلت جواً كمية كافية من المساعدات الطارئة لنحو 250 ألف شخص تضرروا من العاصفة دانيال في شرق ليبيا، مشيرة إلى أن المساعدات تشمل أدوية ضرورية وإمدادات للعمليات الجراحية وأكياساً لجثامين الضحايا.
وتضررت درنة بشدة بسبب الاضطرابات والصراع في ليبيا، في أعقاب الإطاحة بمعمر القذافي بدعم من حلف شمال الأطلسي خلال انتفاضة شعبية في عام 2011.
وسيطر عليها مسلحون متشددون لعدة سنوات، ثم حاصرتها قوات موالية لقائد قوات شرق ليبيا خليفة حفتر وسيطرت عليها في 2019.
تدهورت البنية التحتية في أنحاء ليبيا وسط حالة من الشلل السياسي مستمرة منذ عقد، وحذر خبراء من أن درنة تواجه كارثة محتملة في حالة عدم صيانة السدود الموجودة خارج المدينة.