قالت صحيفة The Independent البريطانية في تقرير نشرته السبت 16 سبتمبر/أيلول 2023 إن الحزب المحافظ الحاكم في بولندا كان يأمل في تحويل الهجرة إلى موضوع أساسي لحملته قبل الانتخابات الوطنية في البلاد، لكن ضربة قوية طالت حزب القانون والعدالة نتيجة تقارير تقول إن القنصليات البولندية أصدرت تأشيرات في أفريقيا وآسيا مقابل رشاوى، لتفتح بذلك الباب أمام المهاجرين لدخول الاتحاد الأوروبي؛ وهو الأمر الذي استغله البعض كمنصة انطلاق من أجل دخول الولايات المتحدة.
وظهرت تفاصيل فضيحة الفساد المذكورة قبل شهر من الانتخابات البرلمانية البولندية المُزمع عقدها في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2023، لتترك بذلك حزب القانون والعدالة في رحلة عناء من أجل احتواء الأضرار.
فضيحة سياسية في بولندا تخص تأشيرات للمهاجرين
شهد يوم الجمعة، 15 سبتمبر/أيلول 2023، نقل نائب سابق لوزير الخارجية إلى المستشفى بعد محاولة انتحار واضحة، وذلك إثر إقالته وسط تقارير عن تورطه في الفضيحة.
يُذكر أن حزب القانون والعدالة كان المرشح الأول للفوز بالانتخابات وسط عدة أحزاب أخرى، ولم يتضح بعد ما إذا كانت هذه الفضيحة ستؤثر على شعبيته أم لا. لكن ساسة المعارضة استغلوا الفرصة واتهموا الحكومة بالفساد والنفاق، بالنظر إلى خطابها القوي في مناهضة الهجرة.
التحقيق في فساد يخص الحزب الحاكم في بولندا
يقول المنتقدون إن الحزب تعمّد إثارة شبح الهجرة لتخويف البولنديين ثم قدّم وعوده بالحفاظ على أمنهم، بينما فتحت خلية فاسدة داخل السلك الدبلوماسي قناةً أمام المهاجرين لدخول أوروبا في الوقت ذاته.
وصرح رئيس مجلس الشيوخ توماس غرودزكي، السياسي المعارض، قائلاً خلال خطاب متلفز للأمة مساء الجمعة: "هذه أكبر فضيحة نواجهها في القرن الـ21. هذا فساد على أعلى مستويات الحكومة، ويمثل تهديداً مباشراً لنا جميعاً. ويحدث هذا بسبب الأشخاص أنفسهم الذين يتشدّقون بعبارات تتحدث أمننا".
وقد فتحت بولندا أبوابها أمام اللاجئين الأوكرانيين الذين يُعدون من ذوي البشرة البيضاء ومعتنقي المسيحية بشكلٍ أساسي. لكن مسؤولي الحزب الحاكم أوضحوا منذ وقتٍ طويل أنهم يعتبرون المسلمين وغيرهم من الثقافات بمثابة تهديد لأمن البلاد وهويتها الثقافية.
وتزعم التقارير الإعلامية أن القنصليات البولندية أصدرت نحو 250 ألف تأشيرة لمهاجرين من آسيا وأفريقيا -منذ عام 2021- مقابل رشاوى تبلغ بضعة آلاف من الدولارات. يُذكر أن بولندا عضو في منطقة الشنغن، مما يعني أن وصول المهاجرين إلى بولندا سيتيح لهم اجتياز حدود أوروبا بحرية على الفور.
في ما قال سيمون هولونيا، الذي يرأس حزباً معارضاً من يمين الوسط، إن الحزب الحاكم "عرّض سلامة ملايين البولنديين للخطر بإجرائه ممارسة البيع التجاري المقزز للتأشيرات". بينما أقر مسؤولو الحكومة بوقوع بعض المخالفات.
الخارجية البولندية تقيل مسؤولين لهم علاقة بالأزمة
حيث أعلنت وزارة الخارجية في يوم الجمعة إقالة مسؤولٍ "له علاقة بالاكتشافات المتواصلة حول المخالفات المرتكبة في عملية إصدار التأشيرات". وذكرت الوزارة أن المسؤول هو جاكوب أوساجدا، مدير إدارة الامتثال والقانون بالوزارة. وأعلنت الوزارة كذلك عن التدقيق في أوضاع قسمها القنصلي ومراجعة جميع المناصب القنصلية.
وجاءت تلك الخطوات في أعقاب إقالة نائب وزير الخارجية المكلف بالشؤون القنصلية، بيوتر واورزيك، الشهر الماضي مع ظهور أول تقارير الفضيحة في وسائل الإعلام. وقد نُقِلَ واورزيك إلى المستشفى بعد محاولة انتحار وفقاً لما نقلته وسائل الإعلام البولندية يوم الجمعة.
وقال مكتب المدعي العام يوم الخميس، 14 سبتمبر/أيلول، إنه وجه اتهامات إلى سبعة أشخاص مشتبه في ممارستهم لأنشطة فساد بهدف تسريع إجراءات التأشيرات. ويقبع ثلاثة من المتهمين رهن الاعتقال المؤقت اليوم.
كما ذكرت منصة Onet الإخبارية أن واورزيك أصر شخصياً على إصدار تأشيرات عمل مؤقتة لمجموعة من الهنود، الذين تظاهروا بأنهم من العاملين في صناعة الأفلام الهندية المعروفة باسم بوليوود.
وأفادت المنصة الإخبارية بأن الهنود دفعوا ما يتراوح بين 25 ألف دولار و40 ألف دولار مقابل التأشيرات، وذلك أملاً في استخدامها لبلوغ الولايات المتحدة. وأضافت المنصة أن المسؤولين الأمريكيين قد أخطروا البولنديين بهذه المسألة.