كشفت حكومة الوحدة الوطنية الليبية، الجمعة 15 سبتمبر/أيلول 2023، أن نحو 5000 منزل دمرت في منطقة الجبل الأخضر جراء الإعصار الذي ضرب مدن شرق البلاد الأحد 10 سبتمبر/أيلول، فيما قالت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، إن أكثر من 38 ألفاً و640 شخصاً نزحوا بسبب الفيضانات في ليبيا.
حيث جاء في بيان صادر عن جهاز مشروعات الإسكان والمرافق بحكومة الوحدة، أن فرع الجهاز "بالجبل الأخضر (شرق)، أعد تقريراً أولياً جاء فيه أن "عدد المنازل المتضررة نتيجة السيول والانجرافات في المناطق المنكوبة بالجبل الأخضر يقدر بنحو 5000 منزل".
وأوضح أن "المنطقة تحتاج إلى صيانة وإعادة تأهيل نحو 35 كلم من الطرق المتضررة، و20 كلم من الخطوط الرئيسية لتصريف مياه الأمطار".
كما لفت إلى "انهيار شبكات المياه نتيجة ردم الآبار الجوفية، ما أدى إلى انقطاع مياه الشرب عن مناطق عدة في البلديات المنكوبة".
من جانبها، أكدت المنظمة الأممية، في بيان، أن "30 ألف شخص على الأقل نزحوا في درنة بسبب العاصفة دانيال، و3 آلاف في البيضاء، و2595 في المرج، و2195 في بنغازي، و350 في سوسة، و300 في المخيلي، و200 في الوردية، وأقل من 20 في شحات".
ورجحت المنظمة مصرع أكثر من 5 آلاف شخص، فيما تم تسجيل إجمالي 3 آلاف و922 حالة وفاة في المستشفيات، وفقاً لمصادر منظمة الصحة العالمية.
وأكد البيان أن "فرق الإنقاذ تواصل البحث عن ناجين".
وأضافت منظمة الهجرة، أن "استعادة بعض الطرق، التي كانت مغلقة سابقاً، تسمح الآن لبعض الأفراد المتضررين من الفيضانات بمغادرة المناطق التي ضربتها العاصفة دانيال بحثاً عن الأمان والمأوى وضروريات الحياة الأساسية".
والخميس، أقر مجلس النواب الليبي خلال جلسة طارئة، ميزانية للطوارئ تقدر بـ10 مليارات دينار ليبي (ملياري دولار)، لمواجهة آثار الإعصار، وإعادة تأهيل المدن المنكوبة، وفق ما صرح به لـ"الأناضول" البرلماني محمد تامر.
"محت أحياءً بأكملها"
فيما قالت صحيفة The Washington Post الأمريكية، في تقرير نشرته الخميس 14 سبتمبر/أيلول 2023، إن الفيضانات جاءت في مدينة درنة الليبية دون سابق إنذار، فمحت أحياءً بأكملها عن الخريطة وجرفت عائلات نائمة إلى قلب البحر. وبعد مرور خمسة أيام، لا تزال الجثث تطفو في ملعب رياضي محلي وتجرفها الأمواج إلى الشاطئ.
فعندما وصل مراسلو الصحيفة إلى المدينة، وجدوا دماراً على نطاق واسع. وقد جرفت المياه الهائجة منطقة بأكملها. وأدت قوة الفيضان إلى اقتلاع الأسفلت من الأرصفة ودوران السيارات معاً بوحشية شديدة لدرجة أنها صارت تشبه شرنقة معدنية غارقة في الطمي.
وأحاط رجال ونساء وأطفال بسيارات الإسعاف لدى وصولها إلى المستشفيات؛ في محاولة يائسة لمعرفة من كان داخل أكياس الجثث التي كانوا يحملونها. وعلت صرخات رجل فوق أصوات الآخرين قائلاً: "أين عائلتي؟ نحن بحاجة إلى إجابات!".
عندما بدأت الأمطار المصاحبة للعاصفة دانيال تتساقط، خرج الناس إلى الشوارع التي تصطف على جانبيها الأشجار. ورقص الأطفال في برك المياه، وهو مشهد نادر في هذه المنطقة القاحلة. لكن في التلال المطلة على المدينة، كان هناك سدان على وشك الانهيار. وعندما انفجرا يوم الأحد 10 سبتمبر/أيلول، اجتاحت درنة موجة بارتفاع يزيد على 23 قدماً (7 أمتار). ولم تكن هناك خطة إخلاء، كما لم يُخطَر أحد بمغادرة المدينة.
وقدَّر عمدة درنة، عبد المنعم الغيثي، الخميس 14 سبتمبر/أيلول، عدد القتلى بين 18 و20 ألفاً؛ "بناءً على عدد الأحياء المدمرة".
لكن الإحصاء النهائي سيستغرق وقتاً لتحديده، أو ربما لن تتوصل إليه السلطات أبداً. وقال عثمان عبد الجليل، وزير الصحة في حكومة شرق ليبيا، الخميس، إنَّ 3000 جثة دُفِنَت خارج درنة، وما زالت 2000 جثة أخرى بانتظار ذلك. ولا تزال فرق الغواصين تُمشِّط البحر بحثاً عن الضحايا.
وقال أحمد زويتن، ممثل منظمة الصحة العالمية في ليبيا، إنَّ "هذه الكارثة ذات أبعاد أسطورية. ومن المهم الآن استرجاع الجثث، وكذلك دفنها قبل أن تتحلل".
وناشد كمال السياوي، رئيس اللجنة المسؤولة عن المفقودين، المواطنين "وضع علامات على مواقع المقابر"، لمساعدة الحكومة في تسجيل الوفيات وأخذ العينات اللازمة للتعرف على هويات الراحلين.
في حين وصفت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة، الخميس 14 سبتمبر/أيلول، العاصفة بأنها مأساة لم يكن من الممكن تجنبها، معربة عن أسفها للعجز في الخدمات العامة بليبيا، الدولة المنقسمة بين حكومتين متنافستين: واحدة في الغرب وأخرى في الشرق.
وكان حجم الكارثة واضحاً حتى على مسافة 85 ميلاً (136.7 كيلومتر) خارج درنة، حيث طغت مياه الفيضانات الراكدة على المنطقة وحوّلت المشهد إلى ساحات يسدها الطين. وزحفت الأسر التي فرت من منطقة الفيضانات وسط حركة المرور في السيارات المغطاة بالطمي الأحمر. بينما تتوجه العشرات من شاحنات المساعدات والحفارات في الاتجاه المعاكس صوب درنة.
وحذرت السلطات المدنيين بالابتعاد عن درنة. وقال أسامة حماد، رئيس وزراء الحكومة الشرقية، لقناة "المسار" التلفزيونية الليبية في الساعات الأولى من يوم الخميس 14 سبتمبر/أيلول: "يجب إغلاق المنطقة تماماً وحصرها بالكامل".
في هذه الأثناء، أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنها وزعت 6000 كيس للجثث في جميع أنحاء منطقة الفيضانات؛ لمساعدة السلطات على تقديم معاملة كريمة للقتلى.
فيما قال ممثل منظمة الصحة العالمية في ليبيا، أحمد زويتن، إنَّ "عدداً هائلاً" من السكان النازحين يحتاجون إلى رعاية طبية عاجلة. وأوضح أن 3 من مستشفيات المنطقة خرجت عن الخدمة بالكامل، بينما العديد من المواقع الأخرى تعمل جزئياً فقط.
وأضاف زويتن أن مستشفى درنة استقبل أكثر من 100 جثمان في الساعة الأولى، وبحلول نهاية اليوم الأول من الفيضان، وصل العدد إلى 1000 جثة.
لم يُعثَر إلا على عدد قليل من الناجين، وما زالت العديد من جثامين القتلى عالقة. وقال حسام عبد القوي (31 عاماً)، وهو عامل إنقاذ متطوع: "الجثث في مياه البحر وتحت الأنقاض. نحن بحاجة إلى فرق إنقاذ متخصصة". وأوضح أنه لا يوجد سوى عدد قليل من هذه الفرق على الأرض، وضمن ذلك فريق من تركيا.