بينما تتنافس الولايات المتحدة وروسيا على نفوذ أكبر في أفريقيا، تسعى موسكو إلى الوصول بسفنها الحربية إلى أحد موانئ البحر المتوسط في ليبيا، بحيث تتمكن من توسيع حضورها البحري في الفناء الخلفي لمنظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بحسب صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية، الجمعة، 15 سبتمبر/أيلول 2023.
إذ كشف مسؤولون ومستشارون ليبيون للصحيفة الأمريكية، أن مسؤولين روس بارزين، منهم نائب وزير الدفاع يونس بك يفكوروف، التقوا اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر في الأسابيع الأخيرة للحديث بشأن حصول روسيا على حقوق رسو طويلة الأمد في المناطق، التي يسيطر عليها حفتر في شرق البلاد.
المسؤولون والمستشارون الليبيون قالوا إن الروس طلبوا الوصول إلى ميناء بنغازي أو ميناء طبرق، وكلاهما يقع على بُعد أقل من 644 كيلومتراً من سواحل اليونان وإيطاليا.
وتأتي المحادثات مع حفتر بشأن الوصول إلى الموانئ، في وقت يسعى فيه الكرملين إلى توطيد نفوذه في أفريقيا، ومراوغة المساعي التي تبذلها الولايات المتحدة للضغط على الدول الأفريقية من أجل الانضمام إلى التحالف الغربي في عزل روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا، وفقاً لـ"وول ستريت جورنال".
كذلك، فإن هذه الخطوة تأتي في سياق تحركات الجيش الروسي والمجموعات الأمنية الموالية للكرملين للسيطرة على الوحدات العسكرية الروسية المتمركزة في أفريقيا والأصول التابعة لمجموعة فاغنر في أعقاب وفاة مؤسسها، يفغيني بريغوجين، الشهر الماضي. لا سيما وأن قوات بريغوجين لها حضور في 6 بلدان في الشرق الأوسط وأفريقيا، ويبلغ عدد مقاتليها هناك نحو 6 آلاف مقاتل يتولى معظمهم حماية قادة سياسيين محليين، في مقابل الوصول إلى الموارد الثمينة لبلادهم.
واشنطن تتحرك
في المقابل، يتوقع أن تزور بعثة دبلوماسية وعسكرية أمريكية ليبيا في وقت لاحق من هذا الشهر؛ للضغط على حفتر من أجل طرد مرتزقة فاغنر، ولحثِّه على توحيد قواته مع قوات الفصائل المتنافسة في البلاد.
إلى ذلك، قالت مصادر مطلعة إن الولايات المتحدة تأمل بذلك إلى إنشاء منطقة عازلة تحول دون تمدد الاضطرابات المتزايدة في منطقة الساحل الأوسط الأفريقي، وهي المنطقة التي شهدت تصاعداً في الأنشطة المتشددة وسلسلة من الانقلابات التي أطاحت بالحكومات هناك.
ومن المتوقع أن يعقد مايكل لانغلي، قائد القيادة الأمريكية الأفريقية، وريتشارد نورلاند، المبعوث الأمريكي الخاص إلى ليبيا، اجتماعات منفصلة مع كل من حفتر وعبد الحميد الدبيبة، الذي يرأس الحكومة المعترَف بها دولياً في طرابلس غرب البلاد.
ورفض متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية التعليق على هذه الأخبار للصحيفة الأمريكية، ولم ترد القيادة الأمريكية في أفريقيا على طلب للتعليق.
"توسع عدواني"
من جهة أخرى، قال كاميرون هدسون، رئيس الموظفين السابق لدى المبعوث الأمريكي الخاص للسودان: "إن الروس في غمار توسع عدواني، والولايات المتحدة تحاول فقط أن تحافظ على نفوذها في أفريقيا".
في غضون ذلك، قال محللون إن التقدم الروسي إلى موانئ المتوسط سيسمح لموسكو بالسيطرة على ممرات الطاقة الرئيسية التي يمكن أن توفر بدائل لإمداداتها إلى أوروبا. وتمكِّن هذه الخطوة موسكو من توسيع مواجهتها العالمية مع الغرب.
يُذكر أن ليبيا كانت أول دولة تمددت إليها مجموعة فاغنر في أفريقيا، وحفتر من أبرز شركاء المجموعة في الإقليم، إذ يتمركز نحو 1200 مقاتل من فاغنر في منشآت حفتر، ومنها قاعدة جوية تستخدمها المجموعة كمحطة عبور إلى دول أفريقية أخرى.
موانئ بنغازي وطبرق
وقال المسؤولون والمستشارون الليبيون إن المسؤولين الروس أبلغوا حفتر، الذي يسيطر جيشه الوطني الليبي على شرق ليبيا، أن الوصول إلى الموانئ في بنغازي أو طبرق يتيح لهم التزود بالوقود، واستقبال الإمدادات، وإصلاح سفنهم البحرية.
والميناءان لديهما بالفعل البنية التحتية التي تلبي متطلبات روسيا. لكن لا يُعرف بعد ما إذا كانت موسكو تريد تطوير المنشآت الخاصة بتمركز الأفراد، وتخزين الذخيرة، وغيرها من مرافق تخزين الإمدادات، أم ستكتفي بها على حالها.
ويرى خبراء أن مطالبة روسيا بحقوق الرسو في شرق ليبيا ليس فيه خطر عاجل على دول الناتو، إلا أن الأمر المثير للمخاوف هو أن تتمكن روسيا من توسيع انتشارها هناك.
واشنطن تراقب
فيما قال المتحدث باسم الناتو، ديلان وايت، إن الحلف يراقب التحركات البحرية الروسية مراقبة وثيقة، وقد "زاد الحلف من انتشاره في البحر المتوسط على نحو كبير منذ غزو موسكو لأوكرانيا، وتضمّنت خطواته انتشاراً مستمراً لحاملات الطائرات الأمريكية" في المنطقة.
في حين أن السفن التجارية يمكنها في معظم الأحيان أن تصل إلى الموانئ العالمية دون أي عقود طويلة الأجل، فإن وصول السفن الحربية يتطلب عادةً اتفاقيات ثنائية. وتختلف حقوق الرسو الدائم عن إنشاء قواعد كاملة، إذ يستلزم ذلك في العادة ولاية قضائية سيادية.
وقال متحدث باسم قوات حفتر المعروفة بـ"الجيش الوطني" الليبي إنه ليس لديه أي معلومات عن محادثات حفتر مع المسؤولين الروس بشأن الوصول إلى الموانئ.