أنقذ حفل زفاف جميع سكان قرية مغربية من الزلزال المدمر، الذي وقع الجمعة 8 سبتمبر/أيلول 2023، والذي دمَّر منازلهم المبنية بالحجر والطوب اللبن بينما كانوا يستمتعون بالأغاني التقليدية في فناء خارجي، حسب ما نشرته صحيفة The Guardian البريطانية.
وكان من المقرر عقد قران حبيبة أجدير (22 عاماً) ومحمد بوداد (30 عاماً)، وهو مزارع تفاح، في قريته كيتو، السبت، لكن جرت العادة أن تقيم عائلة العروس حفلاً في الليلة التي تسبق الزفاف.
إذ أظهر مقطع فيديو صوَّره أحد الضيوف لحظة وقوع الزلزال الذي بلغت قوته 6.8 درجة، مع صور عازفين يرتدون ملابس تقليدية يعزفون على المزامير والطبول المصنوعة من جلد الماعز، ما أفسح المجال فجأة لتسود الفوضى والظلام والصراخ.
قال بوداد، وهو يقف بجانب زوجته وكان لا يزال يرتدي زي الزفاف بعد حوالي 4 أيام من الزلزال الذي دفن ممتلكاتهما تحت الأنقاض، إن الزلزال أصابه بالخوف عليها بينما كان ينتظر في قريته.
وبينما كان يتحدث، أمسك بيد زوجته وابتسم عندما سُئِلَ كيف التقيا، واكتفى بالقول إنهما "جمعهما القدر". وأضاف أن زوجته أجدير أصيبت بصدمة شديدة بسبب الزلزال، لدرجة أنها لم ترغب في التحدث إلى الغرباء.
فيما قال السكان إن قريتها الفقيرة إيغيل نطالغومت تحولت إلى أنقاض، وأصبح العديد من سكانها بلا مأوى الآن، ولكن على عكس أجزاء أخرى من منطقة أداسيل، القريبة من مركز الزلزال، لم تقع فيها وفيات أو إصابات خطيرة.
وكان الزلزال هو الأكثر دموية في المغرب منذ عام 1960، حيث أسفر عن مقتل أكثر من 2900 شخص، معظمهم في تجمعات سكانية نائية في سلسلة جبال الأطلس الكبير جنوب مراكش.
وفي الفيديو، يصرخ الناس ويصيحون "زلزال"، أو ينادون ذويهم بعد أن انطفأت الأضواء الكهربائية العلوية وحلت محلها أضواء الهواتف المحمولة.
أُصيبَ شخصٌ واحد فقط في إيغيل نطالغومت، وهو صبي يبلغ من العمر 8 سنوات يدعى أحمد آيت، في الزلزال، عندما سقطت صخرة على رأسه فتحت جرحاً فيها، ويمكن رؤية أبيه في الفيديو وهو يحمله إلى مكانٍ آمن.
كان الحفل عبارة عن احتفال تقليدي يسبق الزفاف تقيمه عائلة العروس قبل مغادرتها في اليوم التالي إلى منزل العريس بوداد المنتظر في كيتو، ورغم الكارثة، سافرت إلى كيتو، السبت، مع شقيق بوداد وزوجته، اللذين كانا في الحفل، تاركين وراءهما هدايا زواجهما، ووصلا بعد الظهر.
كانت الطرق سيئة للغاية لدرجة أنهم اضطروا إلى السير على طول الطريق، وعندما وصلوا وجدوا أضراراً واسعة النطاق ولكن لم تحدث وفيات.
وكما هو الحال في إيغيل نطالغومت، أنقذ حدث مجتمعي العديد من الأرواح، حيث أقام سكان القرية عزاءً في منزلٍ ظل قائماً.
وكان بوداد قد اشترى 150 دجاجة و30 كيلوغراماً من الفاكهة للاحتفال بالزفاف بعد ظهر ذلك اليوم، لكن معظمها فسد الآن.
وكان المصير الرهيب الذي نجا منه سكان إيغيل نطالغومت واضحاً للعيان على بعد بضعة كيلومترات على الطريق الجبلي المتعرج المؤدي إلى مراكش، حيث دُمِّرَت قرية تيكخت بالكامل تقريباً. لم يبق أي منزلٍ قائماً هناك، ومات 68 شخصاً من سكان القرية البالغ عددهم 400 نسمة.
ولكن رغم إنقاذ سكان إيغيل نطالغومت، فإنهم لا يزالون في حاجة ماسة للمساعدة، وبعضهم يسير على الجبل لطلب المساعدة من السلطات.