ترك زلزال المغرب، الذي ضرب بقوة 6.8 درجة على مقياس ريختر، وأودى بحياة أكثر من 2500 شخص منذ يوم الجمعة 8 سبتمبر/أيلول 2023، الأثر الأكبر على المنازل الطينية التي يسكنها الأمازيغ الأصليون في "الدوار"، وهي القرى الصغيرة الواقعة على جبال الأطلس الكبير، حسب ما ذكره موقع Middle East Eye البريطاني.
وقد خلّف الزلزال الذي يُعتقَد أنَّه الأقوى الذي يضرب المغرب منذ 150 عاماً، السكان المحليين في المنطقة المتضررة بدون الإمدادات الأساسية، بما في ذلك الغذاء والماء والكهرباء، والمأوى.
وكانت المجتمعات الريفية، التي اعتادت على أنماط الحياة التقليدية والمنعزلة إلى حد كبير عن أساليب الحياة الحديثة، من بين الأكثر تضرراً، خاصةً أنَّ منازلهم بسيطة التصميم، وقد انهار الكثير منها بمجرد وقوع الزلزال.
وقد تُرِك السكان المحليون في هذه المجتمعات التقليدية في انتظار المساعدة من فرق البحث والإنقاذ، وطالبوا بمزيد من الدعم من السلطات المغربية، زاعمين أنهم تعرضوا للإهمال إلى حد كبير، وبحسب منظمة الصحة العالمية، تضرر أكثر من 300 ألف شخص من الزلزال.
وأثارت الأضرار الجسيمة التي سبّبها الزلزال انتقادات من المجتمعات الريفية المتضررة بشأن أنظمة وقوانين البناء في بعض المدن.
وفي مقابلة مع وسائل الإعلام المحلية، قال بعض السكان إنَّ السلطات منعتهم من البناء بالإسمنت، حتى لا يتعارض مع جمالية المساكن المصنوعة من الطين والطين والتي أصبحت عامل جذب رئيسياً للسياح.
فيما قال أحد السكان لوسائل الإعلام المحلية في مقابلة: "لقد تعرضت المنطقة لأضرار كبيرة، خاصة ساكني المنازل الأقدم"، وأضاف: "السلطات تمنعنا من البناء بالإسمنت. ورغم أنَّ منازلنا تاريخية، لكن لا يُسمَح لنا بتجديدها، حفاظاً على قيمتها التاريخية وجذب السياح. وكما ترون، جميع المباني هنا بدائية للغاية".
منازل مُهدَّدة
الأمازيغ هم مجموعة من السكان الأصليين في شمال أفريقيا. ورغبةً في الحفاظ على هويتها، لجأت العديد من تلك القبائل إلى الجبال، خاصة في مناطق الأطلس والريف بالمغرب.
ويتمتع العديد من قرى الدوار بأهمية تاريخية؛ حيث يقع دوار دكارة بالقرب من مدينة وليلي القديمة، التي استوطنها الفينيقيون والرومان في البداية منذ أكثر من 2000 عام.
واليوم، تُبنَى جميع المنازل في قرى الدوار عادةً من الطوب اللبن لتتناغم مع التلال ذات اللون الرملي خلفها. وتعتمد المجتمعات المحلية على الزراعة والسياحة، ولا يمكن الوصول إلى بعض المنازل إلا سيراً على الأقدام أو بالبغال.
وقال إبراهيم الجبالي، وهو باحث مقيم في الولايات المتحدة ومتخصص في الأدب الأمازيغي ونشأ في أحد دوار المغرب، إنَّ المنازل مهددة بالخطر أمام الظروف الجوية القاسية، بما في ذلك الأمطار الغزيرة، خاصة الزلازل.
وأوضح: "نظراً لأنَّ هذا الجزء من المغرب لم يشهد زلزالاً بهذه القوة من قبل، فلا يوجد شيء في الذاكرة الحية يدفع الناس إلى التخلي عن أسلوب أجدادهم في البناء".
"المغاربة المنسيون"
في غضون ذلك، قال مراسل قناة 2MTV المغربية، إنَّ العديد من المنازل في قرى الدوار مبنية بطريقة "عشوائية"، وستنهار على الفور عند أي هزة صغيرة، وفي بلدة أمزميز الصغيرة، انهارت المباني في أعقاب الزلزال، مع تأخر وصول الاستجابة الطارئة.
فيما قال السكان المحليون، الذين تعيش بعض عائلاتهم في البلدة منذ أكثر من قرن، لوسائل الإعلام إنه "لم يتبق شيءٌ من البلدة".
وفي تافغيت، على بعد 60 كيلومتراً من مراكش، تأكد مقتل 90 من إجمالي السكان البالغ عددهم 200 في أعقاب الزلزال. وتأكد أيضاً أنَّ العديد من الأشخاص في عداد المفقودين، وأُغلِقَت الطرق الضيقة في المدينة بسبب الحطام والصخور الكبيرة.
فيما صرح السكان المحليون لوسائل الإعلام بأنهم ليس لديهم أي أمل في انتشال أحبائهم، ولم تصل أية آلات أو خبراء إلى مكان الحادث.
وقد محا الزلزال بعض القرى بالكامل تقريباً، لا سيما أنَّ بعضها تعيش فيه عائلة واحدة فقط أو عدد قليل من العائلات.
ففي قرية تيخت، التي كانت تؤوي ما لا يقل عن 100 أسرة، دُمِّرَت المنازل.
كما سُوِيَّت بالأرض تماماً مدينة يركان الصغيرة، التي يبلغ عدد سكانها نحو 6000 نسمة، وتقع في سفوح جبال الأطلس الكبير في المغرب.