منذ سقوط المباني ببلدة أمزميز في ضواحي مدينة مراكش وسط المغرب، بفعل زلزال مساء الجمعة 8 سبتمبر/أيلول 2023، انخرطت فاطمة (49 عاماً) منذ يومين في رحلة لا تهدأ، بحثاً عن زوجها المفقود تحت ركام الأنقاض، ووسط مشاركة واسعة من شباب البلدة الذين يمدون يد المساعدة لإنقاذ أهاليهم العالقين تحت المباني المدمرة.
وبلغت قوة زلزال المغرب في 8 سبتمبر/أيلول 2023 7 درجات على مقياس ريختر، ضارباً عدة مدن شمالية ووسطية، منها العاصمة الرباط والدار البيضاء (كبرى مدن المملكة) ومكناس وفاس ومراكش وأغادير وتارودانت، بحسب المعهد الوطني للجيوفيزياء، الذي وصف الزلزال بأنه "الأعنف منذ قرن".
وفاة المئات في الزلزال الذي ضرب المغرب والبحث جارٍ عن ضحايا
وفقاً لأحدث بيانات وزارة الداخلية في حصيلة غير نهائية، أودى الزلزال بحياة 2012 شخصاً وأصاب 2059، بينهم 1404 حالتهم خطيرة، بالإضافة إلى دمار مادي كبير.
منذ يومين تنخرط فاطمة في بحث مستمر تحت الأنقاض بحثاً عن زوجها بمساعدة من أبناء المنطقة الذين يشاركون في عملية البحث التي لم تنقطع منذ وقوع الزلزال مساء الجمعة.
فاطمة تعرف تماماً أين يوجد زوجها وترشد الشباب إلى الغرفة المنهارة، لكن بحثها بمشاركة أبناء البلدة لم ينجح حتى الآن في العثور على زوجها حتى الساعة.
ومنذ صباح الأحد، جاءت جرافة من أجل المساعدة وإنقاذ الضحايا لينخرط الجميع في عملية البحث بهمة أكثر، فبينما الجرافة تحمل الأحجار الكبيرة، تشارك فاطمة في إبعاد الأحجار الصغيرة وهي مشغولة البال.
وغير بعيد عن مسكن فاطمة وزوجها المفقود، انخرطت بقية الأسر في البحث عن ذويهم تحت الأنقاض، في سباق مع زمن تقل فيه فرص الحياة ساعة بعد أخرى.
انهيار مبانٍ جراء الزلزال الذي ضرب المغرب
كثيرة هي الخسائر ببلدة أمزميز جراء الزلزال، حيث انقلبت المباني في البلدة رأساً على عقب، ما خلف حسرة ومعاناة كبيرة لدى السكان.
لم تجلس فاطمة منذ تباشير الصباح الأولى، كغيرها مثل أهالي البلدة الذين يفترشون العراء، لا سيما أن جزءاً كبيراً من المباني سقط، وأخرى تشققت، وسط خوف من حدوث ارتدادات للزلزال قد توقع مزيداً من الخسائر.
قصة فاطمة تتكرر في أكثر من منطقة، خاصة أن الزلزال ضرب العديد من القرى والبلدات في أقاليم مختلفة، مما يصعب عملية الإنقاذ والبحث وتوزيع المساعدات.
فيما انطلقت عمليات توزيع المساعدات العاجلة في مناطق، في حين غابت عن أخرى، مع توسع دائرة البلدات المتضررة من الزلزال.
في المناطق المتضررة، ما زالت أسر تبحث عن مساعدات وأخرى عن خيم تأوي إليها، ولكن الأصعب هو البحث المستمر عن مفقود تحت الأنقاض مثل فاطمة التي نسيت كل شيء وانصب كل اهتمامها على إنقاذ زوجها، كسباً لوقت لا يقدر بثمن.
البحث عن الطعام والشراب
في حين يكابد الناجون من أعنف زلزال يتعرض له المغرب منذ أكثر من ستة عقود للحصول على الطعام والماء الأحد 10 سبتمبر/أيلول 2023 مع استمرار البحث عن المفقودين في القرى التي يصعب الوصول إليها ويبدو أن عدد الوفيات الذي يزيد على ألفي شخص من المرجح أن يرتفع أكثر.
وقضى الكثيرون ليلتهم الثانية في العراء بعد أن وقع الزلزال الذي بلغت قوته 6.8 درجة في وقت متأخر من يوم الجمعة. ويواجه عمال الإغاثة تحدياً للوصول إلى القرى الأكثر تضرراً في منطقة الأطلس الكبير، وهي سلسلة جبال وعرة غالباً ما تكون المناطق السكنية فيها نائية، انهار الكثير من المنازل بها.
وذكرت وسائل إعلام مغربية أن مسجداً تاريخياً يعود للقرن الثاني عشر انهار، مما يسلط الضوء على الأضرار التي قد يتعرض لها الإرث الثقافي للبلاد بسبب الزلزال. كما ألحق الزلزال أضراراً أيضاً بأجزاء من مدينة مراكش القديمة وهي ضمن مواقع التراث العالمي لمنظمة التربية والعلم والثقافة (يونسكو).
وفاة المئات في قرية مولاي إبراهيم
في مولاي إبراهيم، وهي قرية قريبة من مركز الزلزال تبعد نحو 40 كيلومتراً إلى الجنوب من مراكش، وصف السكان كيف أخرجوا المتوفين من بين الحطام بأيديهم فقط.
وقال ياسين (36 عاماً) وهو من سكان مولاي إبراهيم: "فقدنا منازلنا وفقدنا ذوينا أيضاً، وننام مذ نحو يومين في الخارج". وأضاف: "لا طعام ولا ماء.. فقدنا الكهرباء أيضاً"، مضيفاً أنه لم يتلقَّ سوى القليل من المساعدات الحكومية حتى الآن. وقال: "نريد فقط أن تساعدنا حكومتنا"، معرباً عن إحباط أبداه آخرون.
وفي وقت لاحق، أُفرغت حمولة شاحنة أغذية قال مسؤول محلي يدعى محمد الحيان إن الحكومة ومنظمات مجتمع مدني رتبت وصولها.
واستقبلت الوحدة الصحية الصغيرة لمولاي إبراهيم 25 جثة، وفقاً لما قاله موظفون هناك حذروا من أنهم بدأوا يواجهون نقصاً في بعض إمدادات الإسعافات الأولية.
ومع بناء الكثير من بيوت المنطقة من الطوب اللبن والأخشاب، انهارت بنايات المنطقة بسهولة. وهذا الزلزال هو الأكبر من حيث عدد الضحايا في المغرب منذ 1960 عندما أشارت تقديرات لمقتل ما لا يقل عن 12 ألفاً جراء زلزال، وفقاً لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية.