أجدادهم تعرضوا لـ”أكبر حملة شنق جماعي” بتاريخ أمريكا.. أحفاد قبيلة أصلية يستعيدون أراضيهم

عربي بوست
تم النشر: 2023/09/04 الساعة 08:57 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/09/04 الساعة 08:58 بتوقيت غرينتش
احتفالات بين السكان الإصليين في ولاية مينيسوتا/ رويترز

بدأت السلطات في ولاية مينيسوتا الأمريكية بإعادة أراضٍ لأحفاد السكان الأصليين في أمريكا من قبيلة داكوتا؛ وذلك كتعويض لهم عما لحق بأجدادهم عندما تعرضوا لأكبر حملة شنق جماعي في تاريخ الولايات المتحدة قبل نحو 160 عاماً، وفق ما جاء في تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية الأحد 3 سبتمبر/أيلول 2023.

حيث تستقر في مواضع مختلفة من البراري الذهبية والأنهار المتعرجة في إحدى محميات ولاية مينيسوتا مواقع دفن سرية لأبناء قبيلة داكوتا الذين قُتلوا حين نقضت الولايات المتحدة معاهداتها مع الأمريكيين الأصليين قبل أكثر من قرن من الزمان، وأشارت الصحيفة إلى أن قرار سلطات مينيسوتا "خطوة غير معهودة".

"محرقة كبرى" تعرضت لها القبيلة

قال كيفن غنسفولد، زعيم قبيلة "أبر سيوكس" الصغيرة التي يبلغ عدد أبنائها 550 فرداً يعيشون على تخوم المحمية: "إنه مكان شهد محرقة كبرى. وقد مات أهلونا جوعاً هناك".

تمتد المحمية الواقعة بـ"مقاطعة سيوكس العليا" في جنوب غرب ولاية مينيسوتا على مساحة تبلغ نحو 5 كيلومترات مربعة، وتضم بقايا المجمع الفيدرالي الذي منع فيه الضباط الإمدادات عن أهالي داكوتا، تاركين إياهم نهباً للمجاعة والموت.

فيما تشير بيانات "جمعية مينيسوتا التاريخية" إلى أن هذه المنطقة شهدت نكبة كبرى في عام 1862 بعد انفجار التوترات التي استمرت طيلة عقود في الحرب بين المستعمرين المستوطنين للولايات المتحدة وفصيل من قبائل داكوتا من السكان الأصليين في أمريكا.

إذ شنَّت حكومة الولايات المتحدة بعد انتصارها في الحرب أكبر حملة شنق جماعي شهدتها البلاد. وأُقيم نصب تذكاري لتكريم 38 رجلاً من داكوتا قتلوا في مانكاتو، على بعد 177 كيلومتراً من المحمية.

كما قال غنسفولد إنه أمضى 18 عاماً يطلب من الدولة إعادة المحمية إلى قبيلته، وقد بدأ السعي في الأمر حين أخبره أحد كبار القبيلة أن سكان القبيلة بلغ الإجحاف الذي تعرضوا له أن كانوا يُجبرون على دفع رسوم للدولة في مقابل كل زيارة إلى قبور أسلافهم هناك.

قالت ماري كونيش، النائبة الديمقراطية بمجلس الشيوخ عن الولاية وسليلة قبيلة ستاندنج روك، إن المشرعين سمحوا أخيراً هذا العام بنقل الولاية على المحمية إلى أحفاد السكان الأصليين بعد سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب ومجلس الشيوخ ومكتب الحاكم للمرة الأولى منذ ما يقرب من 10 سنوات.

كما قالت ماري إن حديث أبناء القبائل عن الظلم الذي تعرضوا له زاد من استيعاب الناس لوقائع الاستيلاء على الأراضي ونقض المعاهدات، وبدا أن الناس صاروا أكثر رغبة الآن في "رد المظالم إلى أصحابها، وإعادة الأراضي إلى القبائل".

معارضون يرفضون تسليم المحمية

في المقابل، قال ديف سميجليوسكي، عمدة المدينة، إن نقل ولاية المحمية إلى القبائل يعني أيضاً تقليل السياحة وانخفاض العوائد التي كانت تحصلها بلدة غرانيت فولز القريبة. 

أضاف هو ومعارضون آخرون أن المتنزهات والمواقع التاريخية يجب أن تكون مملوكة للقطاع العام، وليس لقلةٍ من الناس، وذلك على الرغم من أن المشرعين خصصوا تمويلاً للدولة لشراء أراضٍ أخرى لتعويض البلدات عن خسائر انتقال الولاية.

تنتشر في المحمية مسارات المشي لمسافات طويلة، ومعسكرات وطاولات للنزهة، وأماكن للصيد، وطرق للتزلج على الجليد وركوب الخيل، ومسارات تعجّ بالأعشاب الطويلة والزهور البرية التي تتراقص في رياح الصيف الحارة.

حيث قال سميجلوسكي: "الناس الذين يريدون رد مظالم التاريخ يضطرون في أحيان كثيرة إلى تأييد مثل هذه الترتيبات دون التفكير في العواقب الأخرى".

شهدت السنوات الماضية استعادة بعض القبائل في الولايات المتحدة وكندا وأستراليا حقوقها في أراضي أجدادها مع نمو حركة "أعيدوا أراضينا" Land Back، التي تسعى إلى إعادة الأراضي إلى السكان الأصليين.

هذه أول مرة تُنقل محمية وطنية من ولاية حكومة الولايات المتحدة إلى إحدى القبائل، إلا أن بعض المحميات والمتنزهات تخضع لإدارة مشتركة من سلطات الولايات والقبائل. 

حيث قالت آن بيرس، مديرة متنزهات وممرات ولاية مينيسوتا في إدارة الموارد الطبيعية، إن هذه ستكون المرة الأولى التي تنقل فيها ولاية مينيسوتا محمية حكومية إلى قبيلة أمريكية أصلية.

يُتوقع أن تستغرق عملية نقل الولاية على المحمية سنوات، وتتضمن الترتيبات عدة مشروعات قوانين كبرى تتناول قضايا مختلفة ذات صلة. وقد خُصص مبلغ  يزيد على  6 ملايين دولار لتسهيل انتقال الولاية بحلول عام 2033. 

كما أنه من المفترض أن تُستخدم هذه الأموال لشراء أراضٍ أخرى لإقامة المتنزهات، وسداد تكاليف التقييم، وهدم الطرق والجسور وغيرها من الأعمال الهندسية.

علامات:
تحميل المزيد