عاد أطفال اللاجئين في مخيم شاتيلا بلبنان إلى التعلم، بعدما أقدمت إحدى اللاجئات السوريات على تحويل غرفة صغيرة إلى فصل دراسي؛ لتتمكن بعدها من إنشاء مركز تعليمي يضم 19 موظفاً ويحتوي على 50 مكتباً، أطلق عليه مركز الأكسجين، لأن التعليم "كالماء والهواء"، حسبما أفادت صحيفة The Guardian البريطانية، الجمعة، 1 سبتمبر/أيلول 2023.
الصحيفة أشارت إلى أن اللاجئة السورية بتول غانم، لم تدرك منذ فرارها من الحرب عام 2011، أن العديد من الأطفال الآخرين الذين يزيد عددهم عن 650 طفلاً في شاتيلا لم يذهبوا إلى المدرسة إلا بعد أن بدأت ابنتها الذهاب إلى المدرسة.
وتبلغ مساحة مخيم شاتيلا للاجئين، الواقع على مشارف بيروت، كيلومتراً مربعاً، ويأوي أكثر من 14 ألف لاجئ، وفقاً للصحيفة.
بدورها، قالت بتول غانم: "الأطفال كانوا في الشوارع عندما كنت أصطحب ابنتي من المدرسة وإليها. سألت لماذا لا يحضرون في المدرسة، فأجاب والديهم أنهم لا يذهبون فحسب، وكأن تلك حقيقة مُسلَّم بها".
تقول غانم: "الأمر محزنٌ جداً. لم يكن الأطفال بعمر 14 عاماً أو أكبر قادرين على القراءة، وكان لديّ الوقت للمساعدة. استقلت من عملي كمساعدة في عيادة طبيب أسنان لأطفالي، والآن أصبح لديّ الوقت الكافي. لذلك جعلت تلك قضيتي".
يستضيف لبنان، الذي يشهد ما وصفه البنك الدولي بأنه "واحدة من أشد الأزمات خطورة على مستوى العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر"، أكبر عدد من اللاجئين في العالم بالنسبة لعدد السكان.
وكان للأزمة، التي خفضت قيمة عملتها الليرة بنسبة 97% منذ عام 2019، تأثير شديد على 1.5 مليون لاجئ سوري يعيشون في البلاد. وفي وضعٍ يعيش فيه 9 من كل 10 لاجئين سوريين في فقر مدقع، فقد أصبح التعليم ترفاً لا يستطيع معظمهم تحمل تكاليفه.
لقد تركت الأزمة نظام التعليم في لبنان في وضع صعب للغاية. ومع خسارة رواتب المعلمين نحو 90% من قيمتها، تسببت الإضرابات والاستقالات المتكررة في إبقاء المدارس العامة مغلقة معظم أيام العام، وأغلقت لعديد منها أبوابها بالكامل في السنوات الثلاث الماضية؛ لأنها لم تتمكن من تحمل تكاليف التشغيل.
تحويل غرفة إلى فصل دراسي
أزمة تعليم أطفال اللاجئين، جعلت غانم تحوّل غرفةً صغيرة في استوديو التصوير الفوتوغرافي الخاص بزوجها في شاتيلا إلى فصل دراسي، وذلك في أغسطس/آب 2020، وفقاً للصحيفة، مشيرة إلى أنه لم تكن هناك مكاتب، وكان الطلاب يضعون كتبهم في أحضانهم.
تقول غانم: "لكنهم ما زالوا يأتون بشغف لتعلم القراءة والأرقام والأغاني".
ومع قدوم المزيد من الأطفال، مددت ساعات التدريس الخاصة بها ووصل المتطوعون للمساعدة. وبتمويل من المنظمة النمساوية غير الحكومية "قافلة الإنسانية"، أُنشِئ مركزٌ يضم 19 موظفاً، ويحتوي على 50 مكتباً و3 سبورات. تقول غانم: "حتى الآن، قمنا بتعليم حوالي 300 طفل تتراوح أعمارهم بين 6 و16 عاماً في مركز الأكسجين. لقد أطلقنا عليه هذا الاسم لأن التعليم كالماء والهواء".
أما ندى زبارة، البالغة 10 سنوات، كانت في الرابعة من عمرها عندما غادرت سوريا مع عائلتها، ولم تطأ قدمها مدرسةً قط.
وبينما تظهر بفخر شهادة من مركز الأكسجين لحصولها على المركز الأول في الاختبار، تقول: "أحلم بأن أصبح معلمة، واليوم أنا على بُعد خطوة واحدة من ذلك. قبل مجيئي إلى المركز، لم أتمكن من كتابة اسمي، لكنني الآن أقرأ لافتات الشوارع لوالدتي".
بينما قالت أم أخرى، رجاء، إن ابنتها رهف البالغة من العمر 11 عاماً، سعيدة بحضور الدروس. وتقول: "نحن نعيش في مكان صغير ومكتظ، وأوكسجين هو المكان الوحيد الذي يمكن أن تكون فيه ابنتي على طبيعتها كطفلة".