في أحدث إشارة مروعة إلى الظروف التي يقاسيها اللاجئون في شمال إفريقيا، أظهر مقطع فيديو سيدة ملقاة ميتة على أرض مركز لاحتجاز المهاجرين في ليبيا، إذ يعتقد أن الفيديو تم تصويره قبل أسبوعين، وشاركته مجموعة وصلت إلى تونس قادمة من ليبيا، مع صحيفة The Guardian البريطانية، من غرفة داخل مركز احتجاز أبو سليم في طرابلس.
وفي المقطع يُسمع صوت سيدة تصرخ وهي تصف مركز الاحتجاز بـ"السجن"، وتشير إلى الغرفة الممتلئة بمئات من طالبات اللجوء المتمددات على الأسرِّة.
وأكدت منظمة "أطباء بلا حدود"، ومصدر في الأمم المتحدة صحة هذا المقطع، وقال الاثنان إنه تم تصويره في أبو سليم.
فيما قال مصدر الأمم المتحدة إن السيدة التي ظهرت في الفيديو، ويعتقد أنها صومالية، ربما ماتت جراء إصابتها بمرض السل. ويصاب العشرات من طالبي اللجوء المحتجزين في أبو سليم بهذا المرض، وقال عاملون في منظمات إغاثة إن المحتجزين يقبعون في غرف مزدحمة مليئة بالمراتب ولا تقدَّم لهم رعاية طبية.
فيما قال إبراهيم، وهو من سيراليون وموجود الآن في تونس العاصمة، وكان محتجزاً في طرابلس: "الطريقة الوحيدة للخروج من أبو سليم هي دفع فدية قدرها 1000 دولار"، وقالت سيدة من سيراليون: "لا طريق آخر للخروج من أبو سليم، هذا المكان جحيم".
فيما قالت منظمة اللاجئين في ليبيا، التي يديرها لاجئون وطالبو لجوء، إنها تحقق في القضية. وقال متحدث باسم المنظمة: "نحاول التحقق من هوية هذه السيدة، ونواجه بطبيعة الحال صعوبات في جمع المعلومات المتعلقة بحالات الموت والتعذيب في ليبيا، لأن الضحايا وشهود العيان يحجمون عن رواية هذه القصص، ويتطلب الأمر اهتماماً خاصاً لكسب دعمهم".
وقال فنسنت كوشتيل، المبعوث الخاص للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لمنطقة غرب ووسط البحر المتوسط: "هذا المقطع المروع يذكرنا بأن ظروف الاحتجاز في ليبيا لا تتحسن، وأن علينا جميعاً مواصلة الجهود لإنهاء الاحتجاز التعسفي".
ويُشار إلى أن آلاف اللاجئين والمهاجرين يحتجزون في هذه المراكز في أنحاء ليبيا، التي تديرها اسمياً هيئة مكافحة الهجرة غير الشرعية، وتشرف عليها وزارة الداخلية.
وقد وثّق عاملون في منظمات الإغاثة حوادث ضرب مبرح وعنف جنسي وابتزاز وسخرة في مراكز الاحتجاز في ليبيا، التي تُستخدم لإيواء الأشخاص الذين أعادهم خفر السواحل الليبي المدعوم من الاتحاد الأوروبي قسراً، بعد محاولتهم الوصول إلى أوروبا عبر البحر المتوسط. وزعم تقرير لمنظمة العفو الدولية، عام 2021، أن الحراس يجبرون النساء على ممارسة الجنس مقابل الماء، وأنهم يطلقون النار على المعتقلين.
فيما قالت منظمة العفو الدولية إن السلطات الليبية تعهدت بإغلاق مراكز جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية التي تعج بالانتهاكات، لكن الانتهاكات الحقوقية لا تزال مستمرة في المراكز الجديدة أو التي أعيد فتحها.
وخلص تقرير لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، عام 2021، إلى أن الظروف في مراكز احتجاز المهاجرين في ليبيا تمثل جريمة محتملة ضد الإنسانية.