كشف موقع أكسيوس الأمريكي، في تقرير مفصّل، الإثنين 28 أغسطس/آب 2023، أن أمريكا وجّهت احتجاجاً "شديد اللهجة" على تسريب إسرائيل للقاء وزير خارجيتها إيلي كوهين ونظيرته الليبية نجلاء المنقوش، والذي أحدث أزمة في تل أبيب وطرابلس على حد سواء.
ونقل الموقع عن مسؤول أمريكي لم يذكر اسمه، أن إدارة بايدن فهمت أن اللقاء بين كوهين والمنقوش كان من المفترض أن يكون لقاء سرياً، ولذا فوجئ المسؤولون الأمريكيون عندما كشفه الوزير الإسرائيلي في بيان صحفي رسمي.
وقد اعتبرت واشنطن أن السلوك الإسرائيلي تسبب في زعزعة الاستقرار بليبيا، والإضرار بالمصالح الأمنية الأمريكية.
احتجاج أمريكي
في الوقت ذاته، زعم أحد مساعدي كوهين، متحدثاً إلى موقع أكسيوس، أنه كان هناك تفاهم خلال الاجتماع، على أن الأمر سيصبح علنياً في النهاية، لكن مسؤولاً أمريكياً قال إن الليبيين لم يقصدوا أن يصبح الاجتماع علنياً.
وقالت المصادر الأمريكية والإسرائيلية للموقع إن مسؤولين أمريكيين تحدثوا مع كوهين ومسؤولين آخرين بوزارة الخارجية الإسرائيلية، الأحد 27 أغسطس/آب، واحتجوا على طريقة تعامل إسرائيل مع القضية.
وقالت المصادر إن كوهين أبلغ مسؤولين أمريكيين أنه قرر نشر البيان بعد أن اتصلت به وسائل إعلام إسرائيلية للتعليق على اللقاء، في حين قال مسؤول أمريكي إنه حتى لو كان هناك تسريب، كان من الممكن أن يرفض كوهين التعليق.
لكن من جانب آخر، أشار الموقع إلى أن إدارة بايدن كانت تعمل طوال العامين الماضيين، على تعزيز انضمام ليبيا إلى "اتفاقيات أبراهام" بينما "نشرُ الاجتماع يضر بهذه الجهود بشكل خطير".
وجاء في تقرير الموقع الأمريكي: "يشعر الأمريكيون بالقلق من أن الكشف الرسمي من قبل إسرائيل عن الاجتماع، والأحداث التي وقعت بعده، ستخلق تأثيراً مخيفاً للدول الأخرى للانضمام إلى عمليات التطبيع".
أزمة في الخارجية الإسرائيلية
كانت وسائل إعلام إسرائيلية كشفت، الإثنين، عن نشوب أزمة في وزارة الخارجية الإسرائيلية بعد واقعة تسريب تفاصيل لقاء كوهين ونظيرته الليبية المنقوش، وفي الوقت نفسه تنصلت وزارة الخارجية الإسرائيلية من مسؤوليتها عن إعلان لقاء وزيرها إيلي كوهين مع نظيرته الليبية نجلاء المنقوش في إيطاليا عقب إثارة الإعلان ردود فعل واسعة في ليبيا وإسرائيل.
وأثار اللقاء، الذي أعلن عن تفاصيله كوهين، في بيان، الأحد، حالة غضب عارمة في ليبيا، حملت حكومة الوحدة الوطنية الليبية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، مسؤولية ما أقدمت عليه المنقوش.
وقالت القناة الإخبارية الإسرائيلية "12" إن هناك "معركة تدور داخل وزارة الخارجية نفسها حول من المسؤول عن الأزمة الدبلوماسية، التي نشأت بعد إعلان الوزير إيلي كوهين عن لقائه بنظيرته الليبية".
أضافت القناة: "هاجم مسؤولو وزارة الخارجية رئيسَها (في إشارة إلى كوهين) باعتباره المسؤول عن بيان الكشف عن اللقاء".
ونقلت عن مسؤولين في الوزارة -لم تسمهم- استنكارهم واقعة التسريب، متسائلين: "فيم ستفكر الدول التي تريد التقرب منا؟ إنه لا يمكن الوثوق بالسرية الإسرائيلية؟ هذا انتهاك للقواعد الدبلوماسية الأساسية".
الدبيبة كان على علم
يشار إلى أن وكالة The Associated Press الأمريكية قالت نقلاً عن مسؤول ليبي، إن رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة منح الضوء الأخضر للقاء المنقوش مع الجانب الإسرائيلي، عندما كان في زيارة للعاصمة الإيطالية روما في يوليو/تموز الماضي، لافتاً إلى أن مكتب الدبيبة رتب المقابلة بالتنسيق مع المنقوش.
وقال مسؤول آخر للوكالة إن اللقاء استمر نحو ساعتين، وإن الوزيرة أطلعت رئيس الوزراء مباشرة بعد عودتها إلى طرابلس، مشيراً إلى أن الاجتماع تَوّج جهوداً ذات وساطة أمريكية لدفع ليبيا نحو الانضمام إلى سلسلة من البلاد العربية، التي تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل.
وأضاف المسؤول أن تطبيع العلاقات بين ليبيا وإسرائيل نوقش للمرة الأولى في اجتماع بين الدبيبة ومدير وكالة الاستخبارات الأمريكية (CIA)، وليام بيرنز، الذي زار العاصمة الليبية في يناير/كانون الثاني الماضي.
حيث أعطى رئيس الوزراء الليبي الموافقة المبدئية على الانضمام إلى الاتفاقيات الإبراهيمية ذات الوساطة الأمريكية، لكنه كان قلقاً من رد الفعل الشعبي في بلد عُرف في الماضي بدعمه للقضية الفلسطينية، وذلك حسبما قال المسؤول لـ"أسوشيتيد برس".
يجدر بالذكر أن الدبيبة قرر إقالة وزيرة الخارجية المنقوش، وذلك خلال زيارة أجراها للسفارة الفلسطينية بالعاصمة طرابلس، الإثنين، بحسب ما نقلته وكالة الأناضول عن مصدر ليبي لم تذكر اسمه.
كانت إسرائيل أعلنت الأحد 27 أغسطس/آب، أن وزير خارجيتها إيلي كوهين التقى نظيرته الليبية نجلاء المنقوش، في إيطاليا، الأسبوع الماضي، وهو أول اجتماع رسمي على الإطلاق بين وزيري خارجية البلدين.
لكن رئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة، سارع إلى تبرئة ساحته من هذه الخطوة، وأوقف المنقوش عن عملها وفتح تحقيقاً، في حين أكدت وزارة الخارجية الليبية أن الوزير والوزيرة التقيا صدفة، ونفت وجود أي تحركات للتطبيع مع إسرائيل.