في يوم جديد من التصعيد والاقتتال بالسودان، قصف الجيش السوداني السبت 26 أغسطس/آب 2023 مواقع يعتقد أنها لقوات الدعم السريع جنوب العاصمة الخرطوم، في وقت أدانت فيه الولايات المتحدة انتشار العنف الجنسي المرتبط بالصراع في السودان، وسط تحذيرات من أوضاع كارثية في مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور غربي السودان بسبب استمرار القتال.
حيث تصاعد الدخان بأحد أحياء العاصمة الخرطوم جراء استمرار الاقتتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، حسبما أفادت قناة الجزيرة، مشيرة إلى أن طائرة مُسيّرة تابعة للجيش السوداني قصفت مواقع يُعتقد أنها للدعم السريع بحي الجريف في ولاية الخرطوم. كما تواصلت الاشتباكات بمحيط سلاح المدرعات -منطقة استراتيجية جنوبي الخرطوم- لليوم السابع على التوالي.
وتدور معارك عنيفة بين الطرفين منذ منتصف أبريل/نيسان الماضي بالخرطوم ومدن أخرى، أدت لسقوط أكثر من 4 آلاف قتيل وتشريد ما يفوق الـ4 ملايين آخرين، فضلاً عن خسائر البنية التحتية والمرافق والاقتصاد.
والجمعة، أعلن الجيش السوداني مقتل 7 مدنيين وجرح آخرين في قصف عشوائي لقوات الدعم السريع على ولاية أم درمان غربي الخرطوم.
وقال بيان للجيش إن قوات الدعم السريع قصفت منطقة أمبده في أم درمان، كما قصفت منطقة الحماداب جنوبي الخرطوم، بنفس الأسلوب، وإنه جارٍ حصر الإصابات وسط السكان.
أمريكا تدين العنف الجنسي
يأتي ذلك فيما دعت وزارة الخارجية الأمريكية، في بيان، إلى وقف فوري للقتال في السودان، والسماح بالمرور الآمن للمدنيين خارج مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور. تزامن ذلك مع مقتل عدد من المدنيين في قصف لقوات الدعم السريع للعاصمة الخرطوم.
كما أدان البيان العنف الجنسي المرتبط بالنزاع هناك، وقالت الخارجية الأمريكية إن مصادر موثوقة ربطته "بقوات الدعم والمليشيات المتحالفة معها".
وأعربت الخارجية الأمريكية في بيانها عن قلقها البالغ إزاء الوضع في نيالا، وما حولها جنوب دارفور حيث يحاصر عشرات آلاف المدنيين.
وأشارت إلى وجوب محاسبة مرتكبي الفظائع في السودان، موضحة أن الولايات المتحدة لديها الأدوات القانونية والسياسية "لردع مثل هذا العنف".
وكان السفير الأمريكي بالسودان، جون غودفري، قد ذكر في وقت سابق أن جهود بلاده والشركاء لاستعادة ديمقراطية السودان قد انقلبت رأساً على عقب بسبب الحرب.
وأضاف في تغريدة على منصة "إكس" أن الأطراف المتحاربة أثبتت أنها غير صالحة للحكم، وأن عليها نقل السلطة لحكومة مدنية انتقالية، مشيراً إلى أن المستقبل الذي يبنيه الشعب السوداني لا يمكن أن يتحقق إلا مع استعادة الأمن للمدنيين.
دروع بشرية
وفي نيالا، قالت منظمة "أطباء بلا حدود" إن عدداً من موظفيها وعشرات آلاف المدنيين عالقون داخل المدينة، مشيرة إلى أن المدنيين يُستخدمون دروعاً بشرية ويعيشون في ظروف قاسية.
أضافت المنظمة أن المستشفى الوحيد في نيالا يخضع لسيطرة المسلحين، والرعاية الصحية للمدنيين منعدمة، مطالبة أطراف النزاع بتوفير ممر آمن، وضمان حماية العاملين في المجال الإنساني.
وأشارت إلى أنه تم استخدام المدنيين دروعاً بشرية، وأنهم يعيشون في ظروف قاسية ومنسيّة، وأكدت أن الرعاية الطبية تكاد تكون غائبة بسبب انقطاع الطرق، وناشدت لفتح ممرات آمنة.
وقال البيان: "موظفونا وسكان نيالا يشاركون قصصاً مأساوية؛ حيث يحكون عن دفن أحبائهم، وتحويل منازلهم إلى ساحات قتال، وسيطرة الجماعات المسلحة على المستشفى الوحيد القريب في المنطقة".
وقال البيان موضحاً احتياجات السكان: "نحتاج بشدة إلى تأمين ممرات آمنة وتوفير إمدادات ضرورية في نيالا، جنوب دارفور. مع تصاعد أعمال العنف وانقطاع الطرق، يضيق الوقت أمام الجرحى".
وأكدت المنظمة أنها تعمل جاهدة لضمان وصول المساعدات الطبية إلى نيالا، لكنها أشارت إلى أن الوضع يزداد سوءاً، وناشدت الجهات المعنية توفير الحماية لحياة المدنيين والسماح بمرورهم بأمان.
انعدام الأمن الغذائي
الإثنين، أعلنت الأمم المتحدة مقتل 60 شخصاً وإصابة 250 آخرين، ونزوح حوالي 50 ألفاً جراء الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في مدينة نيالا.
وقالت منظمة الصحة العالمية إن 20.3 مليون شخص في السودان، أي أكثر من 42% من السكان، يعانون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد منذ يوليو/تموز.
وفي جنيف، صرح مارتن غريفيث، منسّق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، أمس الجمعة، بأن "الحرب في السودان أوجدت وضعاً طارئاً إنسانيّاً له أبعاد هائلة".
وقال إن أمراضاً؛ مثل الحصبة والملاريا وحمّى الضنك وغيرها، تنتشر في جميع أنحاء البلاد ولا يحصل معظم الناس على العلاج الطبي، بعد أن تسبّبت الحرب في تدمير القطاع الصحي، وخروج معظم المستشفيات من الخدمة.