لماذا أقال عباس المحافظين؟ وبَّخته المخابرات الأردنية، وتغييرات قادمة في الأمن والحكومة

عربي بوست
تم النشر: 2023/08/20 الساعة 19:21 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/08/20 الساعة 19:21 بتوقيت غرينتش
عباس يقيل المحافظين في قرار مفاجئ لم يعرفوا عنه سوى في الإعلام - الأناضول

كشفت مصادر "عربي بوست" أن المخابرات الأردنية وجهت توبيخاً شديد اللهجة لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، بسبب الفوضى الأمنية المنتشرة في الضفة الغربية نتيجة تقاعس المحافظين عن أداء مهامهم في ضبط الحالة الأمنية ومنع عمليات تهريب السلاح.

وأضافت المصادر نفسها أن التوبيخ في الاجتماع الذي احتضنته العاصمة الأردنية عمَّان يوم  8 من أغسطس/آب 2023 كان سبباً وراء قرار الرئيس محمود عباس إقالة 12 محافظاً من محافظي الضفة الغربية وقطاع غزة يوم 10 من أغسطس/آب 2023.

وحضر الاجتماع كل من العاهل الأردني عبد الله الثاني مرفوقاً برئيس الوزراء بشر الخصاونة ووزير الخارجية أيمن الصفدي ومدير المخابرات الأردنية اللواء أحمد حسني، أما الجانب الفلسطيني فحضره  بالإضافة إلى عباس كل من مدير المخابرات العامة اللواء ماجد فرج، وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حسين الشيخ.

وأحدث قرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس بإقالة 12 محافظاً من محافظي الضفة الغربية وقطاع غزة، جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية المختلفة، نظراً لما شكله القرار من صدمة، حيث جاء القرار دون مقدمات أو تبرير لهذه الخطوة المفاجئة من قبل الرئيس عباس.

اجتماع الأردن وراء الإقالة

اعتبرت المخابرات الأردنية، حسب مصادر "عربي بوست" أن "تقاعس المحافظين أدى لنفوذ متزايد لقوى المعارضة وتحديداً من حركتي حماس والجهاد الإسلامي، التي تستغل الفوضى الأمنية لتشكيل قاعدة تنظيمية في الضفة الغربية"، وهو ما يعتبره الأردن تهديداً لأمنه القومي.

يضيف المصدر أن المخابرات الأردنية أعربت عن قلقها من سيناريو انهيار السلطة الفلسطينية وتراجع شعبيتها، ونقلت رسالتها للرئيس عباس بأنها لن تسمح بهذه الفوضى كون أمن الأردن واستقراره سيكون معرضاً للخطر حال انهيار السلطة والتي قد تستغله الفصائل المعارضة لملء الفراغ، جراء تقاعس المحافظين وانشغال حركة فتح بالتحضير لمعركة الخلافة.

وفور وصول الرئيس عباس لمقر المقاطعة في رام الله بعد انتهاء لقاء عمان، أصدر مرسوماً بإحالة 12 محافظاً للتقاعد، رغم أنهم قيادات وازنة في حركة فتح، وجزء كبير منهم يحمل رتبة لواء، وجاءت الإقالة بشكل مفاجئ دون مقدمات أو حتى إبلاغ المحافظين بقرار الإقالة.

وأكدت مصادر "عربي بوست" أن المحافظين عبروا عن غضبهم من طريقة معرفتهم بالقرار المفاجئ، لا سيما أن هذا الأمر غير معهود بهذه الطريقة، ما دفع الرئيس لتدارك الوضع من خلال التحضير لإجراء حفل تكريم للمحافظين المقالين.

وقد تناولت الصحافة الإسرائيلية مبررات الرئيس بإقالة المحافظين، إذ أشار تقرير للكاتبة دانا بن شمعون في صحيفة "إسرائيل اليوم" إلى أن أبو مازن فقد الثقة في المقربين منه وتحديداً من المحافظين الذين تجاوزوا صلاحياتهم وانشغلوا بمصالحهم الشخصية، كما أنهم خدعوا الرئيس وضللوه بتقارير تؤكد قوة السلطة وحركة فتح.

ويضيف التقرير أن غضب الرئيس زاد بعد انتشار صور المسلحين من حركتي حماس والجهاد الإسلامي شمال الضفة الغربية، إذ شعر الرئيس حينها أن الفصائل تسعى لسحب البساط من تحت أقدامه لقلب الأوضاع لصالحها.

تغييرات مرتقبة في قادة الأجهزة الأمنية

وبالرغم من الصدمة التي أحدثها قرار إقالة المحافظين، إلا أن الرئيس الفلسطيني يستعد لإحداث مفاجئة أكبر من خلال تدوير مرتقب في الأجهزة الأمنية ستتضمن إحالة عدد من الضباط للتقاعد المبكر وتدوير بعض المواقع الأمنية، كجزء من توصيات جرت مناقشتها بين رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج ونظيره الأردني اللواء أحمد حسني خلال لقاء عمان الأخير.

يشير مصدر أمني مقرب من الرئاسة الفلسطينية لـ"عربي بوست" إلى أن اللواء فرج قدم للرئيس ملاحظات عن تقاعس عدد من ضباط الأجهزة الأمنية من أداء مهامهم وفقاً للمحددات المطلوبة، كوقف عمليات الملاحقة وضبط الخلايا النائمة من الفصائل المسلحة والتوقف ملاحقتها.

وأضاف المصدر نفسه إلى أن فرج أخبر أبو مازن بالتقاعس لضباط عن تتبع مسار التمويل الخارجي ومصادر تهريب السلاح، وذلك بسبب ولائهم لبعض قادة اللجنة المركزية في حركة فتح المعنيين باستمرار الفوضى الأمنية السائدة في الضفة الغربية كجزء من عملية التحضير لمعركة الخلافة.

المستهدف من القرار، حسب مصادر "عربي بوست" هم الفريق جبريل الرجوب عضو اللجنة المركزية ومؤسس جهاز الأمن الوقائي، واللواء توفيق الطيراوي مؤسس جهاز المخابرات العامة والرئيس السابق لجامعة الاستقلال الأمنية اللذان يتحضران لتبوء مواقع قيادية في رأس السلطة وزعامة حركة فتح حال غاب أبو مازن عن المشهد، نظراً لما يمتلكانه من نفوذ واسع داخل الأجهزة الأمنية.

ويؤكد المصدر ذاته أن الأجهزة الأمنية ستكون مقبلة على تدوير واسع سيشمل إحالة عدد من الضباط للتقاعد المبكر ونقل جزء آخر للعمل في مواقع إشرافية، وترقية ضباط آخرين يتمتعون بولاء كامل للرئيس دون أي أجندات لجهات داخل حركة فتح، تفادياً لسيناريو الفوضى والاقتتال الداخلي حال غياب الرئيس أبو مازن عن المشهد تحت أي ظرف كان.

تعديل وزاري مرتقب

وكجزء من إعادة رسم المشهد في السلطة الفلسطينية، يستعد الرئيس وفقاً لمصادر حكومية مختلفة مناقشات إمكانية إجراء تعديل وزاري على نطاق محدود أو موسع وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة، قد يطال رئيس الحكومة محمد اشتية، أو إبقائه في موقعه مع تعديل وزاري موسع في حكومته.

يؤكد المصدر في حديثه لـ"عربي بوست" أن حكومة اشتية خلقت صداماً مع الكتل والاتحادات النقابية في الضفة الغربية، كما أنها عجزت عن إيجاد حلول للأزمة المعيشية الراهنة، وهو ما يفسر من وجهة نظر تيارات في حركة فتح بأن فشل اشتية في إدارة الحكومة تسبب في تراجع شعبية الحركة وخسارتها لانتخابات مجالس الطلبة لصالح حركة حماس وقوى اليسار، وبالتالي يسعى الرئيس لتجديد الشرعية في النظام السياسي، من خلال حكومة جديدة قد يجري تشكيلها خلال الأشهر القادمة.

ويتردد اسم محمد مصطفى رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني كأحد المرشحين المحتملين لخلافة اشتية في رئاسة الحكومة، حال جرى التوافق على تعديل وزاري شامل، ويبرز ترشيحه في هذا الموقع، بعد أن أعطت إسرائيل الضوء على تطوير حقول الغاز الطبيعي قبالة سواحل غزة، إذ يعتبر صندوق الاستثمار الذي يرأسه مصطفى منذ العام 2005 ممثلاً عن الطرف الفلسطيني في المفاوضات الجارية مع كل من مصر وإسرائيل.

تحميل المزيد