شهدت العاصمة السودانية الخرطوم ومدن أخرى، صباح الأحد، 20 أغسطس/آب 2023 اشتباكات بأسلحة ثقيلة وخفيفة بين الجيش و"الدعم السريع"، التي حشدت قوات خارج مدينة النهود بولاية غرب كردفان (جنوب)، وفقاً لشهود عيان الذين قالوا كذلك إن رقعة الاشتباكات توسعت جنوبي العاصمة، مع سماع أصوات مدفعية ثقيلة وانفجارات في محيط "المدينة الرياضية" و"أرض المعسكرات" منذ الساعات الأولى من الصباح.
كما اندلعت معارك ضارية بأسلحة ثقيلة ونوعية في محيط "سلاح المدرعات" جنوبي العاصمة، مع تصاعد ألسنة اللهب والدخان. ووفقاً للشهود، تشهد أحياء "الشجرة" و"الرميلة" و"جبرة" و"الصحافة" و"السلمة" و"سوبا" جنوبي العاصمة، تردياً مريعاً في خدمات الكهرباء والمياه؛ إثر الاشتباكات المستمرة في المنطقة.
اشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم
في الوقت نفسه، تشهد مدينة أم درمان غربي العاصمة أيضاً اشتباكات متواصلة بأسلحة ثقيلة وخفيفة في محيط "سلاح المهندسين"، كما تشهد مدينة بحري (شمال) اشتباكات شديدة، ما أدى إلى ازدياد معاناة المواطنين.
الاشتباكات تتواصل أيضاً في مدينتي نيالا، مركز ولاية جنوب دارفور (غرب)، والفولة بولاية غرب كردفان (جنوب)، مع استمرار حركة نزوح للسكان هرباً من المعارك، بحسب شهود عيان أفادوا كذلك بأن "الدعم السريع" حشدت قوات للهجوم على مدينة النهود في الولاية.
وحتى الساعة 09:30 بتوقيت غرينتش لم تصدر إفادة من الجيش ولا "الدعم السريع" بشأن تلك الاشتباكات.
ويتبادل مجلس السيادة الانتقالي، برئاسة عبد الفتاح البرهان، و"الدعم السريع"، بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، اتهامات بالمسؤولية عن بدء القتال في منتصف أبريل/نيسان 2023 وارتكاب انتهاكات خلال هدنات متتالية، ما خلّف أكثر من 3 آلاف قتيل، أغلبهم مدنيون، وما يزيد عن 4 ملايين نازح ولاجئ داخل وخارج إحدى أفقر دول العالم، وفقاً لوزارة الصحة والأمم المتحدة.
تحذيرات من تردي الوضع في السودان
في سياق موازٍ، فقد سبق أن حذرت الأمم المتحدة من أن الملايين في السودان يعانون من نفاد الغذاء، وأن بعضهم يموتون بسبب غياب الرعاية الصحية بعد أربعة أشهر من اندلاع الحرب التي دمرت العاصمة الخرطوم وقادت إلى هجمات بدوافع عرقية في دارفور.
وقالت وكالات الأمم المتحدة في بيان مشترك: "الوقت ينفد أمام المزارعين لزراعة المحاصيل التي ستطعمهم هم وجيرانهم. الإمدادات الطبية شحيحة. الوضع يخرج عن السيطرة".
ودفع النزاع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع البلاد في أتون العنف ودق أجراس الإنذار من خطر الاضطرابات وزعزعة الاستقرار بالمنطقة. وبدأ الصراع في 15 أبريل/نيسان بسبب التوتر المرتبط بالتحول المزمع للحكم المدني.
وتسببت الحرب في تشريد أكثر من أربعة ملايين منهم قرابة المليون فروا إلى بلدان مجاورة. وقُتل مدنيون في المناطق التي امتدت إليها الهجمات.
انتشار رفات القتلى في السودان
قالت إليزابيث ثروسل المتحدثة باسم مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان في إفادة في جنيف: "كثير من القتلى لم يتم جمع رفاتهم أو التعرف عليهم أو دفنهم".
وقالت ليلى بكر، المسؤولة في صندوق الأمم المتحدة للسكان، إن التقارير حول الانتهاكات الجنسية زادت بمعدل 50%.
ويواجه الملايين الذين ظلوا في الخرطوم ومدن بمنطقتي دارفور وكردفان عمليات نهب على نطاق واسع وانقطاعات طويلة الأمد للكهرباء والاتصالات والمياه.
في سياق متصل، قالت الهيئة القومية للكهرباء في بيان إن مساحات شاسعة في البلاد تعاني من انقطاع التيار منذ يوم الأحد، ترافق معه أيضاً توقف شبكات الهاتف المحمول عن العمل.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن الأمطار الموسمية، التي تزيد من مخاطر الإصابة بالأمراض المنقولة عن طريق المياه، دمرت منازل ما يصل إلى 13500 شخص أو ألحقت أضراراً بها.
واتهم قائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان في كلمة ألقاها في وقت سابق قوات الدعم السريع بالسعي إلى إعادة البلاد لعصر ما قبل الدولة الحديثة وارتكاب كل جريمة يمكن تخيلها.
في المقابل، اتهمت قوات الدعم السريع الجيش بمحاولة الاستيلاء على السلطة بالكامل بتوجيه من الموالين للرئيس السابق عمر البشير الذي أطاحت به انتفاضة شعبية في عام 2019.
جدير بالذكر أن الجهود بقيادة السعودية والولايات المتحدة للتفاوض على وقف لإطلاق النار في الصراع الحالي، قد توقفت، فيما تجد الوكالات الإنسانية صعوبات في تقديم الإغاثة بسبب انعدام الأمن والنهب والعقبات البيروقراطية.