تعيش الأرجنتين لحظةً فاصلةً اليوم، بعد أن فاز الاقتصادي اليميني المتطرف خافيير ميلي بأكبر حصة من أصوات الناخبين، وذلك خلال المرحلة التمهيدية لانتخابات الرئاسة أواخر الأسبوع الماضي، وفرض نفسه مرشحاً رئيسياً لقيادة البلاد في الانتخابات المقررة في 22 أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
ميلي الذي أعلن تأييده لإسرائيل، اشتُهر بانتقاده للنخب السياسية في البلاد، بينما يجري تشبيهه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب على نطاقٍ واسع، بحسب موقع Middle East Eye البريطاني، الجمعة، 18 أغسطس/آب.
أنصاره ومؤيدوه، بعضهم يرتدون قبعات تحمل شعار "لنجعل الأرجنتين عظيمة مرةً أخرى"، بينما يرفع البعض الآخر أعلام غادسدن الصفراء -التي تحمل صورة الأفعى الجرسية الخشبية مع شعار "لا تطأني"، وقد اكتسب هذا العلم شهرةً في أوساط اليمين المتطرف داخل الولايات المتحدة.
ويُعَدُّ ميلي نفسه من المعجبين بترامب، إذ تتضمن أجندته المتطرفة للبلاد إلغاء المصرف المركزي، وتصنيف تغيّر المناخ باعتباره كذبة، والتحذير من أن اليسار يدمر هيكل الأسرة، مع السعي لتحرير ملكية السلاح في الأرجنتين.
تأييد إسرائيل
وكما هو حال ترامب، تحدّث ميلي أيضاً عن ولعه الخاص بإحدى دول الشرق الأوسط وهي إسرائيل، إذ أوضح ميلي (52 عاماً) منذ شهور أن أولى خطواته كرئيس ستكون عكس مسار عقود من السياسة الخارجية الأرجنتينية، التي كانت متوازنة في تعاملها مع الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
وسيكون أول إجراء له على صعيد السياسة الدولية هو نقل السفارة الأرجنتينية في إسرائيل من مدينة تل أبيب إلى القدس المحتلة، في خطوةٍ لم تتخذها سوى 4 دولٍ فقط حتى الآن.
وبرّر ميلي قراره باقتباسٍ غير مألوف من الكتاب المقدس: "عندما أمر الله موسى بكسر ألواح القوانين، كانت أول كلمةٍ يكتبها هي القدس، وهناك بنى داود العاصمة. لهذا يجب نقل سفارتنا من تل أبيب إلى القدس".
وفي حال فوزه، سيسير ميلي على نهج دولةٍ لاتينية أخرى هي باراغواي. حيث أعلن وزير خارجية إسرائيل، إيلي كوهين، مطلع الأسبوع الجاري أن باراغواي ستنقل سفارتها إلى القدس بنهاية العام.
ولا شك أن تنفيذ ميلي وعده سيمثل خطوة استفزازية للفلسطينيين، وقد يهدد علاقة بلاده ببقية أرجاء العالم العربي والمسلم.
وعلاوةً على نقل سفارة البلاد إلى القدس، أعلن ميلي خلال حملته أن أولى زياراته الخارجية كرئيس ستكون لإسرائيل.
بينما تحدثت وسائل الإعلام الإسرائيلية بكل دفء عن "ارتباط ميلي العميق باليهودية"، واصفين أسلوبه في القيادة بأنه يشبه أسلوب النبي موسى، الذي يحظى بأهمية كبيرة في عقائد المسلمين والمسيحيين واليهود.
"التعمُُّق في اليهودية"
في مقابلة مع إذاعة Radio Jai اليهودية الأرجنتينية، قال ميلي إن تفاعلاته مع طالبٍ يهودي واعٍ في الجامعة هي التي ألهبت اهتمامه باليهودية.
ولا يعتنق ميلي اليهودية حالياً، لكنه قال إنه يدرس التوراة باستمرار مع الحاخام شمعون أكسل وحنيش من الجالية اليهودية المغربية في الأرجنتين.
كما أعرب ميلي عن رغبته في "السفر إلى القدس من أجل التعمق في دراساته للتوراة، والتلمود، وغيرها من النصوص المقدسة اليهودية".
وذكر خلال مقابلةٍ مع صحيفة El Pais الإسبانية أنه "يفكر" في اعتناق اليهودية. لكنه أوضح أن ممارسة هذه العقيدة قد تكون صعبةً أثناء إدارة البلاد، وذلك في حال انتخابه رئيساً.
حيث قال للصحيفة: "إذا كنت رئيساً وحلّ يوم السبت، فماذا سأفعل؟ هل سأنفصل عن البلاد من مساء الجمعة وحتى نهاية يوم السبت؟ هناك بعض المسائل التي تجعل هذا الدين غير متوافق مع الحكم".
وتبرّأ ميلي خلال تجمعاته السياسية من أنصار النازية الجديدة، لكنهم يستمرون في التوافد على تجمعاته بكثرة، كما يحضر بعضهم مرتدياً أزياء النازيين الجدد.
يُذكر أن شعبية ميلي شهدت صعوداً صاروخياً في ظل معاناة الأرجنتينيين من أجل التكيف مع أزمة تكاليف المعيشة، التي أسفرت عن ارتفاع معدل التضخم إلى 100%.