تساعد الصين في تسليح روسيا بالمروحيات، والطائرات المسيرة، وأجهزة التصويب البصرية، والمعادن الحيوية التي تستخدمها صناعة الدفاع، وقد تلقت الشركات الروسية التي تنتج منصات إطلاق الصواريخ، والعربات المدرعة، والقاذفات الاستراتيجية عشرات الآلاف من الشحنات القادمة من الصين منذ بداية الحرب الأوكرانية. وضمت القائمة شركات خاضعة للعقوبات بالفعل، وذلك بحسب ما كشفه تحقيق صحيفة The Telegraph البريطانية يوم السبت 19 أغسطس/آب 2023.
ومن المقرر أن يتجاوز حجم التجارة بين الصين وروسيا حاجز الـ200 مليار دولار في العام الجاري، ليسجل بذلك ارتفاعاً قياسياً رغم الانخفاض الكبير في الصادرات الصينية إلى الدول الأخرى.
في الوقت نفسه ارتفعت صادرات السلع ذات الاستخدامات العسكرية المحتملة بأكثر من ثلاثة أضعاف خلال العام الذي انتهى في يونيو/حزيران الماضي، وذلك مقارنةً بالعام السابق، وفقاً لتحليل "مرصد التعقيد الاقتصادي".
الصين وروسيا تتحايلان على العقوبات الدولية
يجري تصنيف هذه النوعية من السلع على أنها ذات استخدام مزدوج، أي أن لها استخدامات في الأغراض المدنية أيضاً. ويسمح هذا للصين بالتحايل على العقوبات الدولية والزعم بأنها تتبادل تجارياً مع روسيا ضمن الإطار القانوني فحسب. ويبدو أن الدعم الصيني يساعد روسيا في احتمال وطأة العقوبات، ما يطرح التساؤلات حول مدى فاعلية جزءٍ مهم من حملة الغرب الرامية إلى شل اقتصاد موسكو.
حيث أرسلت شركة Shantou Honghu Plastics الصينية 1.000 طائرة مسيّرة إلى روسيا خلال الشهرين السابقين للحرب، بحسب البيانات التي جمعتها منظمة Molfar Global للأبحاث مفتوحة المصدر. وتقول تلك الشركة على موقعها الرسمي وحساباتها في الشبكات الاجتماعية إنها تبيع ألعاب الأطفال بالجملة.
وجرى إرسال تلك المسيّرات إلى شركة روسية تُدعى Samson، التي تقول هي الأخرى إنها تبيع ألعاب الفيديو وألعاب الأطفال بالجملة. لكن يبدو أن Samson شركة صورية لأن سجل الشركات العامة ينص على أن رأسمالها يبلغ 10.000 روبل (106 دولارات) فقط.
وبعد اندلاع الحرب في أوكرانيا بأربعة أيام، أرسلت شركة Hems999 الصينية مروحيتين إلى روسيا. كما نقلت شركة Tianjin Huarong Aviation الصينية أربع مروحيات إيرباص إلى روسيا منذ بداية الحرب.
الحرس الوطني الروسي يتسلم مروحيات من الصين
في حين تسلمت شركة Ural Helicopter الروسية جميع تلك المروحيات، التي كان زبونها الرئيسي هو الحرس الوطني الروسي. يُذكر أن قوات الحرس الوطني الروسي تتواجد في أوكرانيا حالياً تحت قيادة فيكتور زولوتوف، أحد حراس بوتين الشخصيين منذ وقتٍ طويل.
وأرسلت الشركات الصينية أيضاً أجهزة تصويب بصرية لأكثر من 50 شركة روسية منذ مطلع 2022 وحتى نهاية الربع الأول من العام الجاري. وقد تضاعفت واردات تلك المنتجات تقريباً في العام الماضي -مقارنةً بالعام السابق- لتبلغ 2.5 مليون دولار.
واستحوذت شركة Yiwu Wojie Optics Instrument الصينية على نصيب الأسد من هذه السلعة، حيث سلّمت نحو 2.500 نسخة لشركة CEK الروسية. يُذكر أن هذه الشركة الروسية سبق لها إمداد وزارة الداخلية الروسية بالأجهزة المذكورة ومعدات الرؤية الليلية، وفقاً للبيانات التي جمعتها منظمة Molfar Global من موقع 52wmb لبيانات التجارة الصينية.
وتنص فواتير تلك المعدات على أنها مخصصة "للصيد"، رغم إمكانية تركيب هذه الأجهزة على الأسلحة العسكرية، حتى توفر رؤية محسّنة أثناء تنفيذ عمليات الجيش.
إعادة تصدير محركات نفاثة صينية إلى روسيا
في الوقت نفسه، كشف بحث Molfar Global أن صادرات الصين من المحركات النفاثة العنيفة وأنظمة ملاحة الصواريخ بالرادار قد تم إرسالها إلى الهند وكوستاريكا، قبل إعادة تصديرها لروسيا.
وتُفيد البيانات التجارية بارتفاع الواردات الروسية من المواد الخام والمكونات الضرورية لتصنيع الأسلحة.
إذ صدّرت الصين لروسيا منتجات سبائك تيتانيوم تقدر قيمتها بـ18 مليون دولار خلال 2022، أي نحو ضعف حجم صادرات العام السابق.
وتُعد سبائك التيتانيوم خفيفة الوزن والمقاومة للحرارة من المواد الأساسية المستخدمة في تصنيع الأسلحة والطائرات الحربية.
وشحنت الصين كذلك ألواح وقضبان التيتانيوم إلى شركة NPP Start، وهي مطور لمنصات إطلاق صواريخ الدفاع الجوي وتابعة لمجموعة Rostec الدفاعية الروسية.
كما وصلت منتجات التيتانيوم إلى شركة S7 Technics التي تقدم خدمات صيانة وإصلاح الطائرات، وتتعاون مع منظمةٍ تشرف على النقل الجوي لبوتين ومسؤولين في الكرملين. وتعمل الشركة نفسها على صنع قطع غيار لشركات الطيران الروسية حتى تستمر أساطيلها في العمل، بعد أن قطعت العقوبات إمدادات المكونات غربية الصنع لطائرات إيرباص وبوينغ.
سبائك صينية لصيانة القاذفات بعيدة المدى
في حين أرسلت الشركات الصينية أيضاً طلبيات سبائك مغنسيوم إلى شركة Tupolev التي تبني وتساعد في صيانة القاذفات بعيدة المدى، ومنها توبوليف تو-95 وتوبوليف تي يو- 160 إم التي يجري استخدامها في شن هجمات الصواريخ الجوالة على أوكرانيا.
وتلقت شركات مرتبطة بإنتاج مركبات كاماز العسكرية 520 شحنة من الصين على الأقل. وتضمنت السلع المشحونة قطع غيار، وآلات لحام، وأدوات لآلات ليزر يُمكن استخدامها في تصنيع الأسلحة والمعدات العسكرية.
ووصل الصلب الصيني كذلك إلى شركات روسية تشارك في إنتاج -أو تصنيع- محركات عربات كاماز المدرعة. وتضم تلك القائمة شركة Magnitogorsk Iron and Steel Works الروسية الضخمة، التي تلقت تلك الشحنات رغم خضوعها للعقوبات الأمريكية والأوكرانية.
وتمتلك بعض الشركات الصينية مقرات في موسكو أو تنشر في مواقعها الرسمية باللغة الروسية، دون أن تبذل جهداً لإخفاء علاقاتها العسكرية، ومنها Wuxi Tianxing Steel وXi'an Alpha Metal. كما تعرض بعضها صور المقاتلات الحربية والسفن البحرية في الصفحات الرئيسية لمواقعها.
ومن المحتمل أن الصين تمد روسيا بالمواد الخام عبر القنوات الخلفية أيضاً. إذ تقول التقارير إن بكين وموسكو عقدتا محادثات سرية مع إيران بشأن توريد بيركلورات الأمونيوم، المركب الكيميائي المستخدم في دفع الصواريخ البالستية. ومن المؤكد أن صفقةً كهذه لن تظهر في السجلات الرسمية حال إتمامها.