يثير مخدر الكبتاغون قلق المسؤولين في أوروبا، حيث تحفز التحولات السياسية في الخليج المنتجين في سوريا ولبنان على الاستفادة من أسواق جديدة، بحسب ما قالته شبكة Bloomberg الأمريكية، الخميس 17 أغسطس/آب 2023.
يُباع عقار الكبتاغون، المصنوع من الأمفيتامين، مقابل ما يقرب من ثلاثة دولارات إلى 25 دولاراً للحبة الواحدة، ويُنتَج ويُهرَّب بشكل أساسي من قبل الأفراد والجماعات المرتبطين برئيس النظام السوري بشار الأسد وحليفه حزب الله اللبناني، وفقاً لوزارة الخارجية ووزارة الخزانة الأمريكيتين، ووزارة الخارجية البريطانية، إضافة إلى باحثين مستقلين.
يتمتع المخدر بشعبية كبيرة في أجزاء من الشرق الأوسط بين فئاتٍ كثيرة؛ من المراهقين إلى عمال البناء ذوي الدخل المنخفض، ومن السهل صنعه. يُدعى "كوكايين الفقراء"، ويُقال إنه ينشِّط الطاقة والإنتاجية، ويحث على اليقظة والنشوة، فضلاً عن الأوهام التي يسببها.
ويقدر باحثان بارزان في مركز أبحاث New Lines أن الكبتاغون قد نشأت عليه تجارةٌ تصل قيمتها إلى 10 مليارات دولار على مدى السنوات الثلاث الماضية، حيث استفادت الدائرة المقربة من الأسد وحلفائه، الذين لا يزالون يخضعون لعقوبات شديدة من قبل الغرب بسبب أعمالهم الدموية في قمع انتفاضة سوريا 2011، من معظم إيراداته. وينفي الأسد وحكومته تورطهما في تصنيع وتجارة الكبتاغون.
قلق لأوروبا
لكن من المحتمل أن يصبح الكبتاغون الآن تهديداً لأوروبا وبقية العالم أيضاً، حسبما حذر مسؤولون وخبراء. ويقول الخبراء إن حملة السعوديين لكبح تدفقات المخدر، إضافة إلى جهودهم الأخيرة لإعادة إشراك الأسد، تدفع المنتجين إلى تطوير طرق وأسواق جديدة.
في عام 2021، قام محققون نمساويون، بالتنسيق مع نظرائهم في أربع قارات، بتفكيك عصابة عابرة للأوطان جلبت حبوب الكبتاغون من لبنان وسوريا إلى أوروبا.
عصابة المخدرات، التي كانت تستخدم مطعم بيتزا في سالزبورغ كأحد مراكزها، كانت تشحن الكبتاغون إلى المملكة السعودية داخل أفران البيتزا والغسالات. كان منطق المهربين هو أن السعوديين أقل عرضة للتفتيش بحثاً عن البضائع القادمة من أوروبا.
ومع تهريب المخدرات عبر طرق جديدة، يحصل بعض الوسطاء على رواتب عينية مع العقار نفسه، مما يولِّد خطراً بانتشاره في السوق المحلية، وفقاً لمسؤول كبير مطلع على تفكير مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة.
قلق لأمريكا
ويثير توسُّع نطاق تجارة الكبتاغون قلق الولايات المتحدة أيضاً، حيث قدم اثنان من المشرعين الأمريكيين مشروع قانون في يوليو/تموز 2023، لإصدار عقوباتٍ جديدة ضد الأسد، ووصفه أحدهما بأنه "تاجر مخدرات عابر للحدود".
وفي يونيو/حزيران، أصدرت إدارة بايدن إستراتيجيتها "لتعطيل شبكات الكبتاغون غير المشروعة المرتبطة بنظام الأسد وإضعافها وتفكيكها"، ونص على ذلك "قانون الكبتاغون" الذي صدر العام الماضي.
وهذا العام، فرضت بروكسل ولندن وواشنطن عقوبات على أفراد سوريين ولبنانيين، من ضمنهم ثلاثة أبناء عمومة للأسد اتهمتهم بإنتاج كميات كبيرة من الكبتاغون.
ظهر العقار لأول مرة في أوائل الستينيات بألمانيا كدواء مرخص له تحت الاسم التجاري "كبتاغون". كان المكون الرئيسي له هو الفينيثيلين وقد وُصِفَ طبياً لمجموعةٍ من الحالات وضمن ذلك اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط.
وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي، بدأت كل من سوريا ولبنان في الظهور كمراكز إنتاج في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وارتفع الإنتاج بعد أن سُحِقَت انتفاضة سوريا ضد الأسد بوحشيةٍ وتحولت إلى حربٍ استقطبت قوى إقليمية وعالمية وجماعات متطرفة. وأصبحت دول الخليج العربية أكبر سوق للكبتاغون على مدار العقدين الماضيين.
مليار حبة
وتبرز المملكة السعودية كنموذج تحذيري لما يمكن أن يفعله الكبتاغون في المجتمع، حيث صودِرَت أكثر من مليار حبة كبتاغون في السنوات الثلاث الماضية، وكان الجزء الأكبر منها مخصصاً للمملكة، وفقاً لكرم الشعار، الاقتصادي والباحث السوري الذي قدم المشورة للحكومات الغربية بشأن اقتصاد الحرب في سوريا.
فيما وصف طبيب سعودي في وحدة بمستشفى الرياض العام تعالج الإدمان والجرعات الزائدة، الوضع بأنه مزرٍ، حيث يهرع المراهقون إلى المستشفى في كثيرٍ من الأحيان؛ بعد تناول 10 أو 15 حبة كبتاغون.
وقال مسؤول سعودي كبير طلب عدم نشر اسمه، إنه إذا لم يجر التعامل مع مشكلة تعاطي الكبتاغون والمخدرات بشكلٍ عام، فقد يشكلان تهديداً لخطة التحول الاقتصادي لولي العهد الأمير محمد بن سلمان والتي تعتمد على تعبئة الشباب.
وأصبح العقار شائعاً خارج المملكة السعودية ويُستخدَم من الإمارات إلى الأردن، حيث يُكلَّف الجيش بمكافحة تجارة الكبتاغون. وتصدَّر القضاء على تهريب الكبتاغون من سوريا ولبنان جدول أعمال اجتماع لوزراء الخارجية العرب في القاهرة يوم الثلاثاء 15 يوليو/تموز.