انتقدت أسرة صلاح سلطان، المعتقل السياسي البارز في مصر والحاصل من قبل على الإقامة الدائمة في الولايات المتحدة، إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، متهمةً إياها بالتخلي عنه، بعد أن أخبر السجين عائلته في رسالة مسرّبة أنه معرض للموت أثناء احتجازه، وفقاً لما نشره موقع Middle East Eye البريطاني.
وقال سلطان لعائلته، في رسالة مهرّبة من السجن، إنه شعر بعد انهياره في وقت سابق من هذا العام إثر آلام في الصدر: "كأنني أحدقت في عيني الموت وأنا مستلقٍ على الأرض، مشلولاً ومحروماً من المساعدة والدواء لعدة أيام".
الرسالة، التي اطلع عليها موقع Middle East Eye البريطاني، جاءت مؤرخة بتاريخ 16 يونيو/حزيران 2023، وموجهة من صلاح إلى حفيده، وقال سلطان في الرسالة: "أحبك، وأشتاق للقائك، سواء في الدنيا أو في أروقة الجنة في الآخرة".
إدارة بايدن مترددة!
فيما قالت عائلة سلطان، في بيان لصحيفة The Guardian البريطانية، إنه قد صار من الواضح أن "إدارة بايدن مترددة في بذل الجهود اللازمة لتأمين إطلاق سراح والدنا والسجناء الآخرين، فعند التعامل مع مصر، ما انفكت إدارة بايدن تميل إلى عدم إعطاء الأولوية لحماية سلامة مواطنيها وحرياتهم".
يأتي ذلك على الرغم من أن سلطان كان قد ذكر في رسالة أخرى سُربت في 20 مارس/آذار 2023، أن سلطات السجن حرمته الرعاية الصحية المناسبة، مع أنه يعاني الإصابة بأمراض خطيرة في القلب والكبد على نحو يعرض حياته للخطر.
يقضي سلطان حالياً عقوبة السجن المؤبد في سجن بدر 1، الواقع في شرق القاهرة، بعد محاكمة جماعية تخللتها انتهاكات واسعة للإجراءات القانونية الواجبة وغابت عنها شروط المحاكمة العادلة، وجاءت بعد أن أطاح انقلاب عسكري بحكومة الرئيس المصري السابق محمد مرسي المنتخبة ديمقراطياً. وقد كان صلاح نائب وزير في عهد مرسي.
من الجدير بالذكر أن محمداً، نجل صلاح سلطان، كان قد سُجن أيضاً مدة عامين، لكن أطلق سراحه بعد إضراب عن الطعام استمر قرابة 500 يوم في عام 2015. وقد أصبح محمد بعد ذلك ناشطاً بارزاً في مجال حقوق الإنسان في الولايات المتحدة.
موقف بايدن من حقوق الإنسان بمصر
أخذ الرئيس الأمريكي جو بايدن في التحدث عن حقوق الإنسان في مصر أثناء حملته الانتخابية، وتطرق على وجه التحديد إلى قضية محمد وعائلته، إذ قال في تغريدة نشرها في يوليو/تموز 2020 على موقع تويتر (المعروف الآن باسم X): "اعتقال النشطاء مثل سارة حجازي ومحمد سلطان وتعذيبهم ونفيهم من بلادهم وتهديد عائلاتهم أمر غير مقبول. لا مزيد من الشيكات على بياض لـ(ديكتاتور ترامب المفضل)".
ومع ذلك، فإن بايدن ما فتئ يتعرض منذ انتخابه لانتقادات متوالية لتقاعسه عن الوفاء بهذا الوعد. وعلى الرغم من أن إدارة بايدن حجبت 130 مليون دولار من المساعدات العسكرية لمصر بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، فإن العقوبات لم تصل إلى حجب 300 مليون دولار -التي يخضع تمريرها لمراجعة أوضاع حقوق الإنسان في البلاد كل عام- والتي طالب كثير من النشطاء المشرعين الأمريكيين بحجبها للضغط على نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
في فبراير/شباط 2021، أعطت إدارة بايدن الضوء الأخضر لبيع أسلحة بقيمة 200 مليون دولار لمصر في اليوم نفسه الذي أفادت فيه "مبادرة الحرية"، وهي منظمة حقوقية مقرها الولايات المتحدة أسهم محمد في إنشائها، بأن ضباطاً يرتدون ملابس مدنية داهموا منازل 6 من أقاربه في مصر، منهم اثنان من أبناء عمومته ممن ليس لهم اهتمام بالسياسة، في "حملة انتقام عدوانية".
اتهامات لبايدن باستغلال قضايا حقوقية
في هذا السياق، قال محمد لصحيفة The Guardian البريطانية: "لقد استخدم الرئيس بايدن اسمي ومحنة عائلتي أثناء حملة ترشحه لتقديم الوعود بسياسةٍ (تغيب فيها الشيكات على بياض لمصر)"، ولذلك "فقد خاب أملي بشدة؛ لأنهم لم يفوا بالوعود التي قطعوها".
تقول عائلة صلاح سلطان وخبراء حقوق الإنسان إن السلطات المصرية لم تكتفِ بما يتعرض له في قضية اعتقاله، بل بدا أنها تنتقم منه بمزيدٍ من الانتهاكات بسبب نشاط نجله الحقوقي في الولايات المتحدة.
بعد أن أدلى محمد بشهادته في الكونغرس الأمريكي عام 2015 بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في مصر على أيدي حكومة عبد الفتاح السيسي، ذكر خبراء الأمم المتحدة أن صلاح اختفى قسراً لمدة شهر ونصف، وتعرض للتعذيب. وأورد تقرير الأمم المتحدة أن السلطات قالت لصلاح أثناء تعذيبه إن "ما يتعرض له هو عاقبة الخيانة التي أقدم عليها نجله في كونغرس الولايات المتحدة".
اختفى صلاح قسراً مرة أخرى في يونيو/حزيران 2020، بعد أيام فقط من رفعِ نجله محمد دعوى قضائية على رئيس الوزراء المصري السابق حازم الببلاوي، بتهمة التعذيب والمشاركة في جرائم أخرى ارتكبت بحقه قبل سنوات.
في المقابل، قالت وزارة الخارجية الأمريكية لصحيفة The Guardian البريطانية: "لقد حثثنا الحكومة المصرية على بذل الجهود التي تضمن حصول سلطان وجميع المعتقلين على الرعاية الطبية المناسبة".