أثار فيلم "حكاية كيرلا" الهندي القلق من أن بوليوود تبثّ دعاية ثقافية لحشد الدعم للحزب الحاكم في الهند قبيل الانتخابات، إذ يشير المقطع الترويجي للفيلم الذي يتصدّر شباك التذاكر في الهند إلى أن العمل يصوّر "فتيات بريئات… يتم الاتجار بهن من أجل الإرهاب"، بينما يؤكد أنه "مستلهَم من العديد من القصص الحقيقية"، حسب ما نشرته وكالة الأنباء الفرنسية.
الفيلم الذي يروي قصة خيالية عن امرأة هندوسية اعتنقت الإسلام وتطرّفت، اتّهمه نقّاد ببث الأكاذيب وإثارة الانقسامات، بوسائل بينها شيطنة الأقلية المسلمة، قبيل الانتخابات الوطنية المقررة العام المقبل.
وقال مخرجه سوديبتو سين، رداً على سؤال فرانس برس بشأن ميوله السياسية "أقترح على جميع الأحزاب السياسية الاستفادة من فيلمي، استخدموه لتحقيق مكاسب سياسية".
ويقول النقاد إن قطاع الأفلام يُنتج بشكل متزايد أفلاماً تتشارك الأيديولوجيا ذاتها مع حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي القومية.
تملك السينما جاذبية خاصة بالنسبة للهنود، وتعد بالتالي وسيلةً لا مثيل لها في القدرة على الوصول إلى العامة، بحسب الصحفي والكاتب نيلانجان موكوبادياي.
وفي عهد مودي استُخدمت الأفلام بشكل متزايد لنشر رسائل مثيرة للانقسامات، تعزز الأفكار المسبقة المعروفة لدى القادة السياسيين، وفق ما أفاد فرانس برس، وأضاف "تقوم هذه الأفلام بالأمر ذاته؛ نقل الكراهية إلى الناس لخلق أحكام مسبقة ضد الأقليات الدينية".
مزاعم باطلة ضد الأقليات المسلمة
تزامن صدور فيلم "حكاية كيرلا" في مايو/أيار مع الانتخابات في ولاية كارناتاكا الجنوبية، التي سخّر لها حزب مودي "بهاراتيا جاناتا" (حزب الشعب) كل إمكانياته، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات بالحجارة في ولاية ماهاراشترا المجاورة، أسفرت عن سقوط قتيل.
وتراجع صانعو الفيلم عن مزاعم باطلة صدرت عنهم سابقاً، تفيد بأن تنظيم الدولة جنّد 32 ألف امرأة هندوسية ومسيحية من كيرلا، ذات التنوع الديني، ونظّم أعضاء حزب مودي عروضاً مجانية للفيلم.
وفي مسعى لتشجيع المشاهدين خفضت حكومتا ولايتين بقيادة "بهاراتيا جاناتا" الضرائب على التذاكر.
ركّزت مجموعة أفلام صدرت مؤخراً على الجيش، لتروي قصصاً قومية عن أعمال بطولية قام بها جنود وعناصر شرطة، من الهندوس عادة، في مواجهة أعداء من خارج الهند وداخلها.
ودافع المخرج المخضرم سودير ميشرا عن التوجّه الجديد قائلاً "لطالما استُخدمت السينما كأداة دعائية، ألا تقوم هوليوود بذلك؟!"، مشيراً على وجه الخصوص إلى سلسلة "رامبو" للنجم الأمريكي سيلفستر ستالون، وأضاف "أعتقد بكل تأكيد أن بوليوود تتعرّض لهجوم".
مؤدلجة بشدة
قبيل آخر انتخابات وطنية في 2019، رحَّب مودي بحفاوة بنجوم بوليوود الذين نشروا صورهم معه على وسائل التواصل الاجتماعي، وحظيت بآلاف المشاهدات. وذكرت تقارير إعلامية أنهم ناقشوا "بناء الأمّة".
وصدر فيلم "رئيس وزراء بالصدفة"، وهو عبارة عن سيرة ذاتية لسلف مودي وخصمه مانموهان سينغ، قبل شهور فقط من الانتخابات، علماً أن مفوضية الانتخابات أجّلت صدور فيلم "رئيس الوزراء ناريندرا مودي"، القائم على تبجيل الزعيم الهندي القومي إلى ما بعد الاقتراع.
وأكد مخرج الأفلام الوثائقية سانجاي كاك أن هذه الأفلام "تبدو مروَّضة نسبياً الآن"، وأضاف أن "الأفلام الجديدة مؤدلجة بشدّة، وتنشر وجهة نظر المجموعة الحاكمة اليمينية والقومية الهندوسية والمعادية للمسلمين".
تشمل أبرز الأفلام الصادرة مؤخراً "ملفّات كشمير" (2022)، الذي يروي تفاصيل مروّعة عن فرار مئات آلاف الهندوس هرباً من المقاتلين المسلمين في شطر إقليم كشمير الخاضع للهند، خلال العامين 1989-90، ويروي فيلم "غودرا" المقبل أحداث حريق القطار عام 2002، الذي أسفر عن مقتل 59 حاجّاً هندوسياً، وأثار أعمال شغب طائفية دامية في غوجارات، فيما يشير المقطع الترويجي له إلى أن أعمال العنف كانت "مؤامرة" متعمّدة.
في الوقت ذاته نفّذت الحكومة حملة أمنية ضد معارضيها، شملت حظر وثائقي أعدّته "بي بي سي" عن دور مودي في أعمال العنف في غوجارات، ووصفت تغطية "بي بي سي" بأنها "دعاية معادية وهراء مناهض للهند".