اتهم راهول غاندي، المعارض الهندي وحفيد رئيسة الوزراء السابقة أنديرا غاندي، رئيسَ الوزراء ناريندرا مودي بالخيانة، لأنه يقتل مفهوم "الهند الأم" التي تستوعب مختلف أبنائها، بتحريضِه وحزبِه على العنف الديني والعرقي، بحسب صحيفة The Times البريطانية، الخميس 10 أغسطس/آب 2023.
وجاءت اتهامات غاندي، المنافس الأبرز لمودي في انتخابات العام المقبل، في خطاب ألقاه بمناسبة عودته إلى البرلمان بعد تجميد قرار إدانته بتهمة التشهير.
وانتقد غاندي رئيسَ الوزراء الهندي خلال مناقشة لسحبِ الثقة من الحكومة تناولت طريقة تعامل السلطات مع العنف في شمال شرق ولاية مانيبور النائية، والذي تشير أحدث البيانات الرسمية إلى أنه أسفر عن مقتل نحو 152 شخصاً، علاوة على مقاطع الفيديو التي تسربت من هناك وأفزعت البلاد بما تضمنته من مشاهد اغتصاب جماعي لنساء مسيحيات.
اقرأ أيضاً
"أنتم قتلة الهند الأم"
قال غاندي: "هلا رأيتم قتل الناس في مانيبور، أنتم قتلة الهند الأم"، "أنتم خونة، ولستم وطنيين. لقد أشعلتم نار الفتنة في مانيبور".
أُبعد غاندي من البرلمان، وطُرد من مكتبه في دلهي في مارس/آذار بعد إدانته بتهمة التشهير لسخريته من اسم مودي. لكن المحكمة العليا علَّقت الحكم الأسبوع الماضي.
إلى ذلك، قال سياسيون بالهند إن إدانة غاندي إنما هي تحركات ذات دوافع سياسية من حكومة مودي، التي تعثرت الديمقراطية الهندية في ظل حكمها. واستدلوا بما تعرضت له المعارضة من حملة قمع واسعة النطاق، وتآكل المؤسسات المستقلة سياسياً، وتغاضي الدولة عن العنف المتصاعد تجاه الأقليات على يد الأغلبية الهندوسية التي يعتمد مودي عليها في تأييده.
وقعت أحدث أعمال العنف وأشدُّها دموية خلال الشهور الماضية في ولاية مانيبور الصغيرة على الحدود مع ميانمار، والتي يقطنها 3.2 مليون شخص ينتمي معظمهم إلى قبائل من أصول عرقية مختلفة، وينقسم معظم سكان المنطقة إلى هندوس ومسيحيين.
اقرأ أيضاً
" لقد قسَّمتم مانيبور"
وقال غاندي، الذي تولى والده وجدته وجده رئاسة وزراء الهند، أنه كان يتحدث عن مانيبور، لكن "الحقيقة أنها لم تعد موجودة على النحو الذي ألفناه عنها.. لقد قسَّمتم مانيبور ومزقتوها إلى قسمين".
كما اتهم غاندي الحكومة بالتقصير في بذل الجهود اللازمة لإعادة النظام إلى الولاية، وردد الاتهامات التي تعرض لها مودي في عام 2002 أثناء توليه رئاسة وزراء ولاية غوجارات، حين تعرض مسلمي الولاية لمذبحة قُتل فيها ما لا يقل عن ألف شخص. وأنكر مودي دائماً ارتكاب أي مخالفات في تعامله مع أعمال الشغب آنذاك.
وتابع غاندي: "كان يمكن للجيش أن يعيد السلام إلى المنطقة في يوم واحد"، لكنكم "رفضتم أن تستعينوا بالجيش في مانيبور".
أصبحت مانيبور منطقة حرب بحكمِ الأمر الواقع، فقد اشتعلت التوترات المحتدمة فيها بين قبائل "الميتي"، التي تحظى بأغلبية طفيفة في الولاية، وقبائل التلال المعروفة باسم "الكوكي"، وأسفر العنف الذي استمر 3 أشهر عن مقتل ما يقرب من 200 شخص، وتشريد 50 ألف شخص.
تساءل غاندي، الذي ذهب إلى الولاية في يونيو/حزيران، عن السبب الذي حمل مودي على عدم الذهاب إلى هناك. وقال أمام البرلمان: "ذهبت إلى مخيم الإغاثة"، و"تحدثت إلى النساء هناك. لقد تحدثت إلى النساء والأطفال، وهي أمور لم يفعلها رئيس وزرائنا بعد".
اقتراح سحب الثقة
بالنظر إلى الأغلبية الكبيرة لنواب الحزب الحاكم في البرلمان، يتوقع أن تتخلص الحكومة بسهولة من اقتراح سحب الثقة الذي يُعرض للتصويت يوم الخميس 10 أغسطس/آب. وتشير استطلاعات الرأي باستمرار إلى تفوق مودي على منافسيه بالحصول على نسبة 60 %، ومع ذلك فإن اقتراح سحب الثقة يأتي ضمن جهود واسعة للمعارضة من أجل محاسبة الحكومة على برنامجها الهندوسي اليميني، الذي تعتمد عليه اعتماداً كبيراً في استقطاب الناخبين.
ويسعى تحالف المعارضة العلماني الذي تكوَّن حديثاً، ويشمل "حزب المؤتمر الهندي" بزعامة غاندي، إلى وضع الحكومة في قفص الاتهام بشأن سياسات الاستقطاب التي تنتهجها. وتأمل في إحراج مودي مستندةً إلى أعمال العنف في مانيبور وغيرها، والتي دفعت الولايات المتحدة وبريطانيا والبرلمان الأوروبي إلى الإعراب عن مخاوفها.
ويأتي ذلك قبيل استضافة الهند قمة زعماء مجموعة العشرين في دلهي الشهر المقبل، والذي تتطلع البلاد إلى تقديم نفسها خلاله في صورة القوة العظمى الصاعدة والبديل الجاهز للصين في مجال الاستثمار.