حذر محللون من أن الانقلاب العسكري في النيجر سوف يتسبب في أزمة بخصوص مخططات الاتحاد الأوروبي للحد من الهجرة من إفريقيا إلى أوروبا؛ حيث إن موقع النيجر كنقطة عبور إلى ليبيا ومنها إلى البحر الأبيض المتوسط يعني ذلك أنها كانت ملعباً لسياسة الهجرة في الاتحاد الأوروبي، حيث تتلقى مبالغ كبيرة من المساعدات لمنع هذه الهجرة، وذلك وفق ما قال تقرير نشرته صحيفة Telegraph البريطانية يوم السبت 5 أغسطس/آب 2023.
أصبحت هذه السياسات في خطر، وقابلة للفشل، الآن بعد أن أُطيحَ بالرئيس المنتخب ديمقراطياً محمد بازوم، على يد حراسه، وأوقف الاتحاد الأوروبي على الفور مساعدته للمجلس العسكري الحاكم الجديد. وقالت مجموعات إغاثة تعمل مع المهاجرين في البلاد لصحيفة Telegraph البريطانية إن الاضطرابات قد تقطع الحركة على المدى القصير بعد إغلاق الحدود بعد الانقلاب.
توقعات بزيادة الهجرة من النيجر إلى أوروبا
بيد أنه إذا انزلقت النيجر في حالة من الفوضى بعد الانقلاب، أو أدى الاستيلاء على السلطة إلى صراع إقليمي، أو توقفت المساعدات، فقد تستفيد شبكات التهريب لزيادة الهجرة على طول الطريق.
قال كريم مانويل، محلل شؤون الشرق الأوسط وإفريقيا في وحدة الاستخبارات الاقتصادية التابعة لمجموعة The Economist: "النيجر هي الشريك الأمني الأكثر أهمية للغرب في منطقة الساحل، وتعتمد أوروبا على هذه العلاقة القوية لإبقاء طرق الهجرة عبر النيجر مغلقة منذ العام 2015".
وأضاف: "الانقلاب الآن يدعو للتشكيك في جميع اتفاقيات التعاون القائمة بين النيجر والاتحاد الأوروبي، الذي سرعان ما أعلن قطع كل الدعم المالي والأمني".
تُعَد النيجر واحدة من أفقر دول العالم، وقد تلقت مبالغ كبيرة من المساعدات الأوروبية في السنوات الأخيرة، لتصبح هذه المساعدات فعلياً أكثر ضوابط حدودية في جنوب الاتحاد الأوروبي للحد من الهجرة من إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
موَّلَ الاتحاد الأوروبي 19 مشروعاً بقيمة إجمالية 581 مليون جنيه إسترليني (ما يقرب من 738 مليون دولار) من عام 2015 إلى عام 2022، مع تركيز 70% منها تقريباً على ضوابط الحدود أو إنفاذ القانون. أنفقت ألمانيا 480 مليون جنيه إسترليني (حوالي 610 ملايين دولار) أخرى في نفس الوقت، ومرة أخرى الكثير منها على الهجرة. وقال الاتحاد الأوروبي إنه قرر قطع الدعم المالي والأمني بعد اعتقال بازوم.
"إيكواس" تهدد بالتدخل العسكري في النيجر
تصاعدت التوترات الإقليمية بسرعة في أعقاب الانقلاب، حيث هددت كتلة إيكواس للدول المجاورة باستخدام القوة إذا لم يُعاد بازوم إلى منصبه.
وقد واجه هذا التهديد تحدياً على الفور من قِبَلِ بوركينا فاسو ومالي، اللتين حذَّرتا من أن أي تدخل عسكري لإعادة الرئيس المخلوع سيعتبر "إعلان حرب" ضد بلديهما.
وقالت مصادر إغاثة إن النيجر أغلقت حدودها ومجالها الجوي فور الانقلاب؛ مما أدى إلى قطع الحركة لفترة وجيزة. وأعيد فتح الحدود مع الجزائر وبوركينا فاسو ومالي وليبيا وتشاد اعتباراً من الثلاثاء.
وقالت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة إن الوضع في النيجر بعد الانقلاب "معقد ومتطور" ولم يتضح على الفور كيف سيتأثر المهاجرون.
وتوقع تشيهو عزيزو، الذي يدير شبكة إغاثة تُدعَى Alarme Phone Sahara لمساعدة المهاجرين المعرَّضين للخطر في عبور الصحاري في شمال النيجر، أن الاضطرابات قد تقنع البعض بتجريب طرق أخرى.
وقال: "لديّ شعورٌ بأن الهجرة نحو أوروبا من النيجر ستتباطأ قليلاً. يخشى العديد من المهاجرين الذين يغادرون أماكنهم الأصلية من انعدام الأمن".
كذلك فقد قال إن السياسات العدوانية لاعتقال وترحيل المهاجرين في دول شمال إفريقيا مثل الجزائر جعلت البعض يتردَّد في الهجرة. لكن المهربين يشجعون المهاجرين على عدم تأجيلهم بسبب عدم الاستقرار.
من جانبه، توقع كريم مانويل أن أهمية النيجر في استراتيجية الهجرة بالنسبة للاتحاد الأوروبي تعني أنه إذا بقي المجلس العسكري في السلطة، فسوف يتعين على بروكسل في مرحلة ما العمل مع البلاد.